المبادرات الفردية… حل مؤقت بغياب الدولة

حسين زياد منصور

يعاني لبنان واللبنانيون منذ أكثر من ثلاث سنوات أزمات اقتصادية واجتماعية عدة، أدت الى ارتفاع مستوى الفقر، الى جانب الغياب شبه الكامل للدولة عن القيام بواجباتها وعجزها عن تحمل مسؤولياتها وأعباء المواطنين. هذا التقاعس في أداء الدولة وما تبعه من انعكاسات في مختلف المجالات، جعل المبادرات الفردية تنتشر أكثر فأكثر كبديل عن أعمال الوزارات والبلديات. فطرقات لبنان التي لم تعرف الصيانة منذ بداية الأزمة في العام 2019، ليست سالكة ولا آمنة وبعضها غير مؤهل للسير، وتغيب عنها أدنى معايير السلامة المرورية، إن كان لناحية الشوارع الخالية من الانارة أو تلك المليئة بالحفر بأحجام وأشكال متعددة، أدت الى وقوع حالات وفاة وإصابات عدة، وخصوصاً خلال فصل الشتاء بحيث تتحول هذه الحفر الى بحيرات بسبب الأمطار وطوفان مياه الصرف الصحي.

ومن أبرز المبادرات الفردية، أعمال تعبيد وتزفيت الطرقات العامة والداخلية في البلدات، وهو أمر يفترض بالدولة ووزارتها القيام به لتأمين سلامة السائقين الذين ملوا من التذمر والشكوى بعد الخسائر المادية الفادحة التي منوا بها، من دواليب ومشكلات ميكانيكية أخرى أصبحت مكلفة في ظل جنون الدولار الذي ضرب حاجز الـ 80 ألف ليرة، فإن نجوا من الحفرة الأولى وقعوا في الثانية.

وشهد عدد من المناطق اللبنانية مبادرات فردية وشبابية للحفاظ على السلامة المرورية في ظل غياب الدولة وعدم قدرتها على اصلاح الطرقات، فسعى أصحابها الى القيام بأعمال التأهيل والترميم على نفقتهم الخاصة. ففي بلدة مزبود الشوفية في إقليم الخروب، واصل تجمع “Live Love Mazboud” مبادراته الفردية في سبيل خدمة البلدة، وبعد مشروع انارة الطرقات ليلاً، واصل مشروع سد الحفر فيها لأن الأهالي هم أول المتضررين منها، اذ يسلكونها يومياً والضرر يصيب سياراتهم.

كانت البداية من خلال “صب الباطون” في الحفرة وسدها، الا أن هذه الخطوة لم تكن فاعلة بحسب التجمع. ويقول أحد المتطوعين في المجموعة لـ “لبنان الكبير”: “بعد العاصفة الأخيرة توسعت هذه الحفر، وأدت الى حوادث سير عدة في البلدة، وتمكنا من القيام بدراسة مناسبة لجمع المبلغ المطلوب لشراء أكياس الزفت، وحين جمعناه في ما بيننا اشترينا ما يقارب 6 أكياس، يبلغ سعر الواحد منها ما يقارب 12 دولاراً، وعملنا على تسكير أكبر عدد من الحفر، ونسعى الى استكمال ما بدأنا به وفتحنا باب التبرع والمساعدة، وهناك تجاوب كبير من الناس”.

ويؤكد “أننا نقوم بهذا العمل بأيدينا وبأدوات بسيطة ونحدل الزفت بدواليب السيارات”.

شارك المقال