“لبنان الكبير” ينشر خارطة تصنيف الكتل النيابية للتصويت الرئاسي

ليندا مشلب
ليندا مشلب

كالرمال المتحركة تبلع الأرضية اللبنانية محاولات اعطاء دفع لصناعة حلول داخلية وجهود الخارج التي تسعى الى إحداث صدمة مهما كان نوعها سلبية كانت أم ايجابية، حتى الهزات الأرضية المتكررة وغير المسبوقة أصبحت عادية وتأقلم معها اللبنانيون.

سيناريوهات ترمى يميناً ويساراً منها ما هو من نسج الخيال، ومنها توقعات طبيعية لمسار الأمور، ومنها حقيقي لكنه يصطدم بواقع متقلب حتى أن كل المواعيد والتواريخ التي تعطى لحل الأزمة اللبنانية ليست مستندة الى معطيات دقيقة، كما يؤكد مصدر سياسي رفيع لموقع “لبنان الكبير”، والتي ذهب أحد الجهابذة الى ربطها بنهاية الرئيس الأميركي جو بايدن، وكأن السياسة الأميركية واقفة عند ما سيحدث في لبنان.

ويضيف المصدر: لا يمكن الحديث عن توقيت الا عندما تسير المعالجة بصورة منطقية، فاللامنطق المتبع في ادارة الملفات لا يمكن أن ينتج حلولاً، والانطلاق يكون من قناعة جماعية بأن الحل يجب أن يبدأ من الداخل والا ستتكسر كل جهود الأطراف الخارجية المهتمة بايجاد حل على عتبة التناقضات والخلافات بين القوى السياسية اللبنانية، والدليل أن الدول الخمس التي التقت للبحث في حلول وتجلى لقاؤها في مستوى هو الأعلى في الاهتمام، فشلت في توحيد الموقف واصدار بيان مشترك فكيف سنتفق نحن؟!

وهذا يفسر بعد الخارج عن الحلول التي ننتظرها، الفرنسي ينظر ويعالج على الطريقة الماكرونية المتسرعة، والأميركي يراقب ويعلم جيداً أنه عندما يقصد التدخل يقلب موازين القوى، والسعودي متحمس لكنه متريث، والقطري يسير الى جانب السعودي اذا لم نقل خلفه، يعني عملياً لا بوادر حلول خارجية الا اذا قررت السعودية الافادة من التأثير المباشر على الجو السني وعلى علاقتها مع الحلفاء وفي مقدمهم “القوات” و”الاشتراكي”، اذ يمكنها خلق مناخ معين وإن كان غير ملزم لهم، وكل ما يقال عن أن المملكة تخوض معركة العماد جوزيف عون هو كلام غير دقيق يقول المصدر، لأن المملكة يمكن أن تحبذ عون لكنها لن تفرضه، وبالتالي فهمنا منها أنها ليست مع سليمان فرنجية من دون أن تجاهر بهذا الموقف، وفي الوقت نفسه لن تخوض معركة عون وهذا هو الضياع والتضعضع بعينه بالنسبة الينا بانتظار صدمة ما.

القصة ليست سهلة على الاطلاق طالما لا يحدث تطور كبير كالذي حصل مع التسوية الرئاسية بين سعد الحريري وميشال عون، اذ يكفي أن يقول واحد من اثنين، التيار (الوطني الحر) أو “القوات” انه مع فرنجية، ننزل غداً الى المجلس النيابي وننتخبه، وهذا لن يحصل طالما لا مشروع حل في الأفق يبدأ بانتخاب رئيس ويستكمل بتسمية رئيس حكومة وتشكيل حكومة متفق على اطارها، واعداد خطة معالجة تبدأ بتنفيذ الاصلاحات وتعمل على نهوض الدولة، وهذا كان مدار بحث ونقاش في لقاءات بعيدة عن الاعلام مع السعودي من جهة عبر سفير المملكة في لبنان (وليد بخاري)، والأميركي من جهة أخرى عبر السفيرة الأميركية دوروثي شيا، والتي يبحث فيها الثنائي ومن يدور في فلكه حل “السلة الشاملة” بينما لا يحبذ السعودي التفاهم الشامل، ويعتبر أن انجاز الاستحقاق الرئاسي هو المدخل والمفتاح، واذا حصل بتفاهم بين كل الأطراف المعنية فالمشكلات الأخرى تلتحق بالحل تلقائياً والسدود تفتح كالدومينو.

ويؤكد المصدر أن لا أحد حالياً في وارد أن يخطو خطوة الى الوراء في ظل هذا الواقع، فالثنائي يتمسك بفرنجية وليس في وارد التنازل عنه لمصلحة الاسم الرمادي أو الوسطي، ولا الفريق الآخر في وارد تغيير تموضعه حالياً وعملية الـpointage التي يتم الحديث عنها ليست “الشغل الشاغل” كما يصور البعض، فالصورة واضحة بحسب المصدر: المجلس يتألف من ١٢٨ نائباً والحسابات لا تحتاج الى فذلكة، فأي مرشح يضمن الـ ٦٥ صوتاً يصبح رئيساً طالما أن لعبة التعطيل لن يمارسها الفريق الآخر، وهذا الأمر أيضاً قيد النقاش لأنه اذا تأمنت الأصوات الـ ٦٥ لمرشح فإن التعطيل سيحرج الكتل التي ستقاطع خصوصاً أمام الخارج، وفي السياسة تعترف الكتل لبعضها البعض بهذا الحق.

وحول موقف رئيس الحزب “التقدمي” وليد جنبلاط، يقول المصدر: لا أحد يريد تحميله أكثر مما يحتمل وجنبلاط يمارس البراغماتية في العمل السياسي ومعروف عنه أنه يسير مع التسوية عند نضوجها، ولا موقف عقائدي أو تاريخي له ضد أي طرف فهو ابن الصيغة ويدرك توازنات البلد وفي الوقت نفسه يريحه أن يسير السعودي في التسوية، وهو أبلغ فرنجية بالمباشر وغير المباشر أنه ليس ضده على الرغم من الخلاف السياسي. وكتلة جنبلاط مصنفة بأنه يمكن البحث معها من بين الكتل الأخرى، والتي يكشف المصدر أنها باتت على الشكل التالي: كتلة صلبة، كتلة مرجحة، كتلة أقل ترجيحاً، كتلة ممكنة، كتلة يمكن العمل معها وكتلة سلبية لا أمل في الاتفاق معها.

ويوضح المصدر أن الكتل في خارطة أصوات فرنجية توزعت وفق التالي: ٥٢ نائباً لا أمل منهم، من بينهم عدد قليل جداً لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة يمكن استمالته، ٧٦ نائباً المتبقين يحتاج منهم فرنجية الى ٦٥ اذا تأمن نصاب الـ ٨٦ نائباً (واذا انتظمت المعركة بين الكتلة الصلبة والكتلة المرجحة والأقل ترجيحاً يمكن تأمين هذه الأصوات) لكن كل هذا لن يوصل الى الحلول اذا تحول فرنجية الى مرشح تحدٍ، واذا ما قرر الخارج أن يحبط وصوله عبر خوض حرب داخلية ضده من خلال حلفاء الداخل. لكن الخارج حتى الآن لم يقل كلمته وينتظر معرفة دفة الأمور والى أين تميل ومن هو المرشح الذي يستطيع تأمين ٦٥ نائباً لبحث التسوية والنقاش حولها، والثنائي منفتح على الحوار ومستعد له عندما تطرح تسوية جدية فهو لا يريد فرض مواجهة وأخذ البلد ولا حتى الايحاء بهذا الميل، كما أنه لا يهدف الى اعلان ربح مقابل خسارة الخصم ومقتنع بأن البلد سيحتاج الى توازن ليسير بين من له ومن عليه (التسوية القديمة الجديدة: رئيس جمهورية من ٨ آذار ورئيس حكومة من ١٤).

اذاً، خلاصة الأمر أننا لا نزال في حالة تفكك للدولة وchute libre لمسار الأزمات النقدية والمالية مقابل سعي الى حل سياسي يسير كالسلحفاة، من هنا يخلص المصدر الى القول: لا مواعيد ولا مواقيت، هذا مسار أزمة مستعصية لا تنتج الا تحولاً كبيراً ينقل لبنان من زمن الى آخر ولنصلي “لليمن”.

شارك المقال