هل من أفق لتسوية رئاسية بعد ترشيح فرنجية؟

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

مع إعلان الثنائي الشيعي ترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية للرئاسة هل ينفتح أفق الانتخاب الرئاسي المغلق أم أن هذا الترشيح سيزيد تعقيدات أزمة الفراغ في قصر بعبدا؟ وهل يحصل الانتخاب وفقاً لآلياته الديموقراطية المنصوص عنها في الدستور من المجلس النيابي؟ وفي هذه الحالة ما الجدوى من دعوات الحوار التي يريد رئيس مجلس النواب نبيه بري تمريرها للتوافق على مرشح الممانعة الذي لا يحظى بتأييد محلي أو عربي أو دولي، بعيداً عن بروباغندا الأمين العام لـ “حزب الله” حسن نصر الله بجعله استحقاقاً داخلياً؟

ما هو لافت للنظر أن فرنجية لم يعلن ترشحيه رسمياً بعد، ولا يبدو في الظاهر أنه مهتم بإقناع اللبنانيين ببرنامجه أو تسويق نفسه عربياً ودولياً، ويتكل في خوض معركته على تنفيذ نصر الله وعد 2016 بأن يسحب ترشحه لصالح ميشال عون على أن يخلفه في الانتخابات الرئاسية التالية، وهو أمر يدركه جيداً رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل الذي كان يسعى ليكون خليفة عمه وعمل على عرقلة ترشيح فرنجية، على الرغم من محاولات الولي “حزب الله” التقريب بينهما، ولكن تبين صعوبة الأمر من خلال اللقاء الذي جمع فرنجية وباسيل الذي أراد مساومته بالتصويت له مقابل تحكمه في التعيينات من الوزراء المسيحيين الى القضاء الى تسمية قائد جيش جديد وحاكم لمصرف لبنان، وتحقيق هذا الأمر من سابع المستحيلات وعليه افترقت الطرق وحميت المعركة.

وفق مصادر متابعة فإن “ترشيح فرنجية للرئاسة في العلن يوضح اتجاه المعركة الرئاسية فلا يكون في جلسات مجلس النواب مرشح للمعارضة مقابل الورقة البيضاء، ووجود أكثر من مرشح للرئاسة ضروري في العملية الديموقراطية، حتى وإن تردد أنها تجري وفق اتفاقات وتسويات من فوق الطاولة أو من تحتها. ولكن السؤال هل سيخوض فرنجية معركة الرئاسة أم سيعيد حساباته وفقاً للمواقف من ترشحه على المستويين المحلي والخارجي؟ فالواضح أن هناك تحفظات ومعارضات قد تفاقم أزمة ملء الفراغ الرئاسي، اذ من غير الممكن انتخاب مرشح حزب الله من دون الأخذ في الاعتبار مواقف الدول العربية، لا سيما موقف المملكة العربية المملكة ودول الخليج، وإن كان التدخل في لعبة الأسماء غير قائم الا أن تكرار المواقف من المواصفات يدل على أن فرنجية لا يمتلكها فهو منحاز الى فريق وبالتالي لا يستطيع تأمين علاقات متوازنة وجيدة مع الدول العربية، لا سيما وأن هذه العلاقات وصلت في عهد جهنم الى الحضيض نتيجة تهريب الكبتاغون والمواقف التي يطلقها مسؤولو حزب الله ضد المملكة وتدخلات ميليشياته في حرب اليمن مما أدى الى مقاطعة اقتصادية وسياسية في ظل حكومات لم تكن قادرة على تنفيذ وعود النأي بالنفس”.

وتلفت المصادر الى أن “السعودية تتحدث عن مواصفات للرئيس القادر على معالجة أزمات لبنان، رئيس غير تابع يستعيد لبنان الى محيطه العربي، وبالتالي كانت واضحة أنها لن تقدم مساعدات مالية له ما لم تكن هناك حكومة قادرة تعمل في اطار التوجهات الوطنية لا بتوجهات حزب الله، ولا يتعرض وزراؤها ومسؤولوها للمملكة من منابرهم الخطابية التي تبث الفتنة والحقد. كما أن المملكة واضحة في رغبتها بأن يكون الرئيس انقاذياً وقادراً على إنجاح الاصلاحات المطلوبة، والقوى السياسية في لبنان تدرك أن البلد لا يمكن له أن يقف على قدميه من دون مساعدات دول الخليج التي كانت تقدم من دون سؤال في السابق لكن اليوم لم يعد الأمر كذلك، فاعادة العلاقات مع الدول العربية والخليجية تتطلب التزاماً بالمواقف التي لا تمس أمنها ولا تجعل لبنان دولة تحلق خارج السرب العربي، وهذه القوى تعرف أن وعود البنك الدولي بتقديم مساعدة مالية للبنان مرتبطة بالاصلاحات، لكن هذه المساعدات مهما بلغت قيمتها اذ يحكى عن 3 مليارات دولار لا تكفي لبنان، ويمكن أن تصرف خلال فترة قصيرة جداً، فالبلد لا يمكن أن يحل أزمته المالية بعيداً عن مساعدة دول الخليج ليستعيد عافيته الاقتصادية، ويخرج من عزلته العربية وهو ما يتطلب رئيساً لا يتبع سياسات حزب الله ولا ينفذها وانما يلتزم ببرنامج إنقاذ اصلاحي”.

أما عن الحوار المنتظر بين رؤساء الكتل النيابية حول الانتخابات الرئاسية، فترى المصادر أن “على المعارضة الاستجابة واعادة النظر في موقفها من الحوار والانتخاب وفقاً لميزان القوى، ولا بد من الخروج من المأزق لأن لا أحد من قوى السلطة قادر على تأمين الثلثين لمرشحه ولا تأمين الانتخاب بـ65 صوتاً، فمن الواقعي جداً اللجوء الى الحوار لا لكسب الوقت وانما لاحداث خرق في جدار الواقع عبر التواصل للبحث في نقاط مشتركة، فلا يكون هناك منتصر أو منكسر ولا فائض قوة يفرض خيارات حزب الله، بل التوصل الى صيغة توافقية تحافظ على مصلحة البلد”.

شارك المقال