المونيتور: هل يستعيد داعش قوته في سوريا؟

حسناء بو حرفوش

نشر موقع صحيفة “المونيتور” (al-monitor) الأميركية مقالاً ركز فيه على الخطر الذي تشكله خلايا تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) خصوصاً في الصحراء السورية، وحذر على لسان متابعين من تكيف عناصر التنظيم مع بيئة البادية واستعادتهم القدرة التدريجية على استخدام عنصر المفاجأة لمهاجمة القوافل التابعة للنظام ولمحاربي إيران وروسيا.

ووفقاً للمقال، “على الرغم من الإعلان عن هزيمته ومن الحملات العديدة التي تشنها جميع الأطراف في سوريا ضده، لا يزال تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، يشكل تهديدا. ويبدو أن خلاياه استأنفت على المستوى الميداني، نشاطها في البادية السورية، عملياتها العسكرية التي ازدادت حدة حيث يتبنى التنظيم بشكل يومي عمليات تفجير أو نصب كمين أو اغتيال أو هجوم في مناطق متفرقة من البادية على امتداد مناطق الرقة وحماة وحمص ودير الزور وصولاً إلى السويداء. وتستهدف هذه العمليات عناصر أمنية وعسكرية من القوات الحكومية والمليشيات الإيرانية والقوات الروسية.

ويستعيد داعش على الرغم من الحملات العديدة ضده داخل سوريا، قوته الهجومية ببطء وقدرته على العودة بقوة (…) وفي هذا السياق، أفادت وسائل إعلام محلية في 30 أيار، عن اختفاء مجموعة موالية للحكومة السورية، قوامها 30 عنصراً في 27 من أيار في صحراء تدمر بريف حمص الشرقي. وعثر بعد يومين على الحادثة أي في 29 أيار، على جثث 13 فرداً من هذه المجموعة ملقاة بالقرب من حقل أراك النفطي بريف حمص الشرقي. أما باقي أعضاء المجموعة فلا يزالون في عداد المفقودين. حادثة ثانية سجلت في 17 أيار، حيث تعرضت قافلة من سبع عربات عسكرية على متنها نحو 40 عنصراً من ميليشيا إيرانية، لهجوم قضى فيه خمسة أشخاص فيما اصيب آخرون وبقي ثلاثة في عداد المفقودين. ورفعت هذه الهجمات حصيلة القتلى إلى 1458 قتيلا في صفوف القوات الحكومية والمليشيات الموالية لها، بينهم روسيان على الأقل و152 مقاتلاً موالياً لإيران، بحسب إحصائيات المرصد السوري لحقوق الإنسان، حتى تاريخ 23 آذار 2019.

عنصر المفاجأة

وأكد الباحث في مركز “جسور” للدراسات في اسطنبول، عباس شريفة والخبير في شؤون الجماعات الجهادية، على “تحول الصحراء السورية إلى ثقب أسود يبتلع قوافل النظام السوري والقوات الإيرانية والروسية، على الرغم من العمليات العسكرية ضد خلايا داعش، وخسارة هذا الأخير لعدد كبير من أعضائه وجزءاً من معداته ومخابئه وطرق إمداده”. وأوضح أن هذه الخلايا استطاعت استعادة عنصر المفاجأة لشن الهجمات واستفادت من طبيعة البادية الشاسعة وجبالها ووديانها وكهوفها. كما اكتسبت معرفة كاملة بتفاصيل تضاريس البادية وطرقها ومخابئها. ويعتمد مقاتلو داعش على استراتيجية المداهمة، فيتحركون بمجموعات صغيرة ويستخدمون الأسلحة الخفيفة، للضرب قبل الانسحاب على الفور.

كما تقضي تكتيكات عناصر داعش بزراعة الألغام حول المواقع الحيوية للنظام، مثل آبار النفط ومكامن الفوسفات والمواقع العسكرية والنقاط الثابتة والمخيمات الرئيسية التي تشمل قواعد الإمداد والنقل. الأمر الذي هدد بتحويل الطرق المستخدمة للإمداد والخدمات اللوجستية إلى نقاط غير آمنة على أطراف المدن التي يسيطر عليها النظام والقوات المتحالفة معه “.

هل يستعيد داعش قوته كاملة؟

وبحسب شريفة، من المرجح أن تتواصل هجمات داعش في ظل ضعف قوات النظام والتردد الروسي في استخدام الأسلحة الذكية مثل الطائرات المسيرة، التي تعد من أهم الأسلحة القادرة على القضاء على خلايا داعش. ومع ذلك، لن تستطيع خلايا داعش استعادة قوتها الكاملة والسيطرة على أي منطقة محددة بسبب افتقارها إلى التمويل والتسليح والنقص الذي تعاني منه في رأس المال البشري عقب التحولات في هيكلها التنظيمي وطريقة عملها. وستؤدي هذه التحولات في النهاية إلى زوال تنظيم الدولة الإسلامية وتشرذمه إلى عصابات متفرقة ستنهار واحدة تلو الأخرى.

من جهته، حذر الصحافي عبد العزيز الخليفة من أن تحركات داعش تعتمد على شبكة الأنفاق التي قام بحفرها في المنطقة، ما يعيق تتبع تحركاته. كما أشار إلى رهان التنظيم على صراع المصالح بين القوات الإيرانية والروسية المنتشرة في المنطقة من أجل محاربته. فقد غاب عن هذه القوى أن تنسق مع بعضها عند سحب بعض القوات. مما سمح لخلايا داعش بالتراجع أو ضرب العناصر المتبقية. أضف إلى ذلك أن داعش استغل رفض بعض الفصائل، مثل اللواء الثامن المدعوم من روسيا، المشاركة في العمليات ضده. وأشار الخليفة إلى سعي روسيا للقضاء على الوجود الإيراني في المنطقة، انطلاقا من رغبتها بفرض نفسها كشريك للولايات المتحدة في محاربة داعش. وبالتزامن، تشن إسرائيل بانتظام هجمات ضد أهداف إيرانية في جميع أنحاء سوريا .

كما أشار الخليفة إلى تزوّد داعش بمجندين جدد وأسلحة وألغام عن طريق خطوط الإمداد النهرية عبر مناطق انتشاره شمال وشرق الفرات في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية. وأوضح أن “نقل الأسلحة والمقاتلين عبر الحدود إلى البادية السورية ربما حصل تحت أعين قوات سوريا الديمقراطية، التي تفضل أن ينشغل النظام وحلفاؤه بمحاربة داعش”، لافتا إلى أن عدداً كبيراً من عناصر داعش من عشائر البادية، مما يميزهم بالدراية بطبيعة المنطقة وبالقدرة على التكيف والعيش في ظروف مناخها الصعبة.

وكان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب قد أعلن في 23 آذار 2019، هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، ومثّل قتل زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي في تشرين الأول 2019 في عملية عسكرية أميركية في محافظة إدلب، ذروة هذه الهزيمة. وعلى الرغم من ذلك، لم يختف التهديد الخطير لداعش في سوريا، حيث يواصل أعضاؤه استخدام بعض المناطق التي تقع تحت سيطرتهم لشن هجمات جديدة”.

كلمات البحث
شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً