المناخ ايجابي… هل يستثمره اللبنانيون لانقاذ بلدهم؟

هيام طوق
هيام طوق

لا شك في أن التقارب السعودي – الايراني سينعكس ايجاباً على دول المنطقة، ويخلق نوعاً من الارتياح خصوصاً اذا تم الالتزام ببنود الاتفاق بين الدولتين، ولا بد من أن ينال لبنان حصة تؤدي الى وضعه على السكة الصحيحة بحيث يتم انتخاب رئيس الجمهورية قبل أن ينطلق المسار الاصلاحي مع حكومة جديدة خصوصاً أن الكل يجمع على أن المملكة العربية السعودية لا يمكن أن تعقد أي صفقات على حساب أشقائها العرب.

وفيما تعددت القراءات حول الاتفاق، ومدى انعكاسه على الداخل اللبناني في ظل الحديث عن أن المنطقة ستشهد خلال الشهرين المقبلين حركة ديبلوماسية عربية وايرانية، ستؤدي الى نتائج ايجابية في أكثر من بلد وعلى صعيد أكثر من ملف، يبقى على المسؤولين اللبنانيين أن يتلقفوا هذه الأجواء الايجابية، ويستفيدوا من التقارب بين دولتين قطبين، ومؤثرتين في السياسة، ويتخلوا عن مصالحهم الضيقة، والانكباب على تأمين مصالح البلد، وتمرير ملف انتخاب رئيس الجمهورية خصوصاً أن الدول الشقيقة والصديقة تؤكد أن المسؤولية الأولى تقع على عاتق اللبنانيين لانقاذ أنفسهم ثم تأتي المساعدات، وتساند البلد للخروج من قعر الانهيار. وما قاله وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان حول لبنان، هو الأكثر واقعية والأدق توصيفاً: “لبنان يحتاج إلى تقارب لبناني – لبناني لا الى تقارب سعودي – ايراني، وعلى ساسته أن يقدموا مصلحة وطنهم على أي مصلحة أخرى، وبمجرد اتخاذ هذا القرار والعمل على بناء الدولة في لبنان، سيزدهر البلد بالتأكيد وستكون الرياض الى جانبهم”.

وفي وقت وصلت المؤسسات في البلد الى مرحلة الانحلال والتفتت والشلل التام، والناس الى مرحلة العوز والمجاعة، والوضع الأمني لن يكون أفضل حالاً اذا استمر الانحدار على هذا النحو، وسط تحذيرات القاصي والداني من أن البلد لن يحتمل المزيد، هل سيعود المسؤولون الى رشدهم السياسي، والى ضميرهم، ويقدموا مصلحة بلدهم وشعبهم على أي أمر آخر، ويستفيدوا من التغييرات في المنطقة، ومن أجواء التقارب والايجابية لاخراج البلد من أزماته الخانقة أو أن القطار سيسبقهم كالعادة، ويستمر التراجع والانزلاق أكثر وأكثر نحو الهاوية حيث حينها يندثر البلد بمن فيه؟

رأى النائب عماد الحوت أن “المناخ الايجابي الذي ساد بعد الاتفاق، سينعكس على لبنان ايجاباً، وبالتالي، ربما في الأيام المقبلة أو في الفترة القصيرة اللاحقة، سنشهد نوعاً من تبادل في وجهات النظر وصولاً الى شبه اتفاق أو تسوية على تسهيل انتخاب رئيس الجمهورية. لا بد أننا سنستفيد من هذا المناخ الايجابي”، لافتاً الى أن “الطبقة السياسية التقليدية التي تمسك بزمام الحكم في البلد ليس همها الأساس مصلحته انما مصالحها الذاتية، لكن لا أحد من هذه الطبقة يستطيع تحمل مسؤولية الانهيار الكامل للبلد. وبالتالي، الجميع اليوم مأزوم ومضطر الى أن يصل الى تسوية أو الى حلحلة في الملف الرئاسي ثم وضع خطة للخروج من الأزمة الاقتصادية. لذلك، نقول انه لا بد من أن ينعكس الاتفاق السعودي – الايراني ايجاباً لأنه فرصة للطبقة السياسية كي تتمكن من التبرير أمام ناسها أنها تحاول ايجاد الحلول”.

وأشار الى أن “ليس هناك من تصور نهائي للحل، لكن نحن في اطار البحث عن اسم غير الأسماء المطروحة”، مشدداً على أن “أي تحرك اليوم في لبنان أو مرتبط به، له انعكاس على انتخاب الرئيس، لكن كل هذه التحركات لا تنتج رئيساً اذا لم يتوافق اللبنانيون في ما بينهم على ضرورة الخروج من الأزمة. وبالتالي، هذه الاتصالات واللقاءات مفيدة لصناعة جو مساعد، لكن القرار يبقى قراراً داخلياً من خلال الاتفاق على اسم أو اسمين ثم الذهاب نحو جلسة للاقتراع بصورة ديموقراطية، ويفوز من ينال الأصوات الكافية. اليوم، نحن في اطار مرحلة تفاوضية تمهيداً للوصول الى منطقة وسط مشتركة، ورفع السقوف حالياً لا يعني أن هناك استحالة في الوصول الى منطقة وسط، انما رفع السقوف في التفاوض يهدف الى تحسين الشروط والموقع وصولاً الى تنازلات من مختلف الأطراف”.

ولفت الى أن “تواريخ انتخاب الرئيس توضع بناء على تواريخ استحقاقات زمنية وشغور مناصب مهمة، لكن أظن أن مرحلة الشغور لن تطول الا أشهراً قليلة”.

أما الوزير السابق فارس بويز فاعتبر أن “هذا الاتفاق سيساهم في حلحلة الأمور الى حد معين في الداخل اللبناني لأن الاستعدادات اللبنانية تلعب دوراً كبيراً. اذاً، سيخلق جواً أفضل يسمح بالتوصل الى تفاهم حول رئاسة الجمهورية، وسيحرر الفرقاء اللبنانيين من سقف تحركاتهم، وسيسمح لهم إن أرادوا وإن كانوا جديين في الوصول الى حلول، بأن يصلوا الى تفاهم حول رئيس للجمهورية من الأسماء غير المعروفة باصطفافها أو بتحديها لأن هذا الاتفاق يعني بالدرجة الأولى نوعاً من ايقاف المعركة أو التخفيف من حدتها. ولطالما كان لبنان يعاني من مفاعيل هذا الصراع، فلا بد من أن يستفيد اليوم من مفاعيل ايقاف منسوب هذا الصراع أو خفضه. من هنا، سيسمح هذا الاتفاق للقوى اللبنانية بأن تتجه باتجاه رئيس يكون فعلاً توافقياً، ويتفق حوله معظم الفرقاء”.

وقال: “لنكن واقعيين، في المرحلة السابقة كان الجو مشحوناً اقليمياً، والسياسيون في لبنان متأثرين بهذا الجو، وبهذه المعركة القائمة. اليوم ليس لديهم هذه الحجة أو السبب، ومن دون أدنى شك وإن لم يكن هناك مفعول مطلق للاتفاق الا أنه سيكون له مفعول كبير في عملية تهدئة النفوس وفكفكة مناخ الصراع والصدام الذي كان قائماً في البلد”. ورأى أن “الفرقاء كانوا الى حد معين، أسرى الواقع الاقليمي والدولي، وأصبحوا اليوم محررين. وتبقى النيات والاستعدادات لديهم، وهذه مسؤولية اللبنانيين لأنه لا يمكن لأحد اليوم التذرع بأن الوضع الاقليمي أو الدولي يمنعه من الوصول الى التوافق”.

أضاف: “على المستوى الدولي، الاتفاق هو منعطف كبير جداً وقد يكون من أهم المنعطفات التي حصلت بعد الحرب العالمية الثانية. الاتفاق يدخل الصين للمرة الأولى بين اللاعبين الكبار العالميين، وفي ملعب السياسة الدولية بعدما كان دورها محصوراً بالجانب الاقتصادي. ثم ان هذا الاتفاق يخلق لأول مرة منافسة دولية حقيقية للولايات المتحدة، كما أنه يخرج أو يعطل الرهان على الصراع العربي الفارسي الذي راهنت عليه اسرائيل والولايات المتحدة. ولا شك في أن هذا الاتفاق يجعل دولاًعظمى محررة من الدولار أي تخطي لدور الدولار كعملة وحيدة للتجارة النفطية، وهذا أمر مهم جداً، وقد تكون هناك ردود فعل أميركية واسرائيلية عليه”.

شارك المقال