هل يكون الرئيس خياراً سعودياً؟

عاصم عبد الرحمن

من أقصى الشرق وفي العاشر من الشهر الجاري أتى الخبر اليقين، إنه الإتفاق الكبير الذي توصلت إليه برعاية صينية كل من السعودية وإيران. ملفات عديدة تنتظر جلوسهما على طاولة التفاوض ومنها الملف الرئاسي اللبناني، فإلى أي محور سينتمي الرئيس المقبل؟

يبدو أن جوهر الاتفاق السعودي – الايراني يقوم على قاعدة “أعطني اقتصاداً وخذ ما شئت في السياسة والأمن”، وهو ما يمكن قراءته في تصريح وزير المالية السعودي محمد الجدعان الذي قال منذ أيام: “إن الاستثمارات السعودية في إيران يمكن أن تحدث سريعاً جداً بعد الاتفاق الذي وقع بين البلدين قبل أيام”. وأضاف خلال منتدى القطاع الخاص الأول لصندوق الثروة السيادي السعودي: “إن هناك الكثير من الفرص للاستثمارات السعودية في إيران”. وأشار الوزير السعودي إلى أنه “لا يرى أي عوائق طالما أنه سيتم احترام بنود أي اتفاق”.

إذاً، من الواضح جداً أن الاقتصاد الايراني المهترئ بات في أمس الحاجة إلى ضخ الروح في شرايينه، خصوصاً أن البلاد تشهد احتجاجات قوية في مناطق عديدة مضافاً إليها أزمة اقتصادية غير مسبوقة يمكن أن تسرّع خطوات انهيار النظام. من هنا، ارتأت الدولة الايرانية ضرورة الدخول في تسويات على مستويين، داخلي يتمثل في استقطاب استثمارات تخفف عنها وطأة العقوبات الأميركية التي أنهكتها، وخارجي يتمحور حول وضعية أذرعها في المنطقة العربية من سوريا إلى اليمن مروراً بلبنان.

وإذا كانت إيران قد أعلنت التزامها بالتوقف عن تسليح الحوثيين في اليمن وكذلك قواتها أو قوات “حزب الله” في سوريا، وفي هذا السياق أعطت السعودية مهلة شهرين لاختبار النوايا الايرانية حيال ملفات المنطقة، فإن ما ينتظره اللبنانيون هو ترجمة هذا الاتفاق على الصعيد الرئاسي. من هنا يتعين على الأطراف السياسية في لبنان فهم الموقف السعودي حيال مواصفات رئيس الجمهورية الذي يستطيع أن يستقطب المساعدات الدولية والعربية وخصوصاً الخليجية والسعودية، وأن أي مبادرة مقترحة تقوم على انتخاب رئيس من فريق “حزب الله” مقابل رئيس للوزراء مؤيد للسعودية تصب في خانة الرفض السعودي على اعتبار أن جميع رؤساء الحكومات يؤيدون السياسة السعودية، وبات الأهم اليوم هو الرئيس الذي سيبقى ست سنوات في قصر بعبدا.

وعلى وقع تبادل الاقتصاد بالسياسة والأمن بين طهران والرياض، لا شك في أن أذرع إيران في المنطقة ستهدئ من روعها وتدخل في تسويات سياسية تعكس روحية اتفاق بكين الذي تحرص الصين على التزام الايرانيين به على اعتبار أنها تطرح نفسها قطباً عالمياً يعقد اتفاقات دولية خصوصاً بعد توجهها روسياً في محاولة لايجاد حل للنزاع الروسي – الأوكراني.

هكذا إذاً لا صواريخ حوثية تجاه المملكة بعد اليوم، ولا حبوب كبتاغون من مصانع “حزب الله” أيضاً، بل مطبخ تسوية سياسية بات لزاماً على الحزب التواضع والجلوس على طاولة حوار المصالح المشتركة بين الرياض وطهران تنتج رئيساً للجمهورية أقرب ما يكون إلى المحور السعودي ليس مطلوباً منه أكثر من إصلاح ما أفسده محور 8 آذار على الصعد كافة.

شهران مقبلان ويتبين خيط الالتزام بالعهود الأبيض من خيط النكث بالاتفاقات الأسود وتتوضح صورة لبنان الرئاسية، فإما تفتتح مرحلة الحلول الشاملة وإما يستكمل عهد ميشال عون بسقوط كامل الهيكل.

شارك المقال