الصهر نابليون

فؤاد حطيط
فؤاد حطيط

التنمر مكروه دائما. لكن قديما حين كنا نحن وجبران جيران لم تكن القواعد الاخلاقية قد رست على تحريم التنمر. الاخلاق ليست سبائك ذهب لا تؤثر فيها الأيام.. نعم أخطأ زملاء الصف حين ضحكوا مرارا ودائما على قصير القامة. ضحكوا اكثر وأكثر حين اختير ليكون في فرقة التمثيل بينما أراد أن يكون كابتن فريق كرة الطائرة.

تنمروا كثيرا عليه لكنه وجد مهربا.. صاحب ابنة مدير المدرسة رغم انها أطول منه وكان لا يحادثها الا اذا وقف على حافة رصيف فيبلغ رأسه رأسها.. الابنة أحبته بالفعل فصار الوالد يرعى الفتى حتى يكيد للمتنمرين.. قصاص لهذا وطرد لذاك.. حتى قال أحدهم: فعلا كل قصير فتنة.. وذهبت الجملة مثلا.. جمحت به لذة السلطة ولو بالواسطة، من المدير والد حبيبته، وهو الذي عانى مثله وربما أكثر من التنمر في صباه بسبب قصر القامة رغم انه صار ناظرا ثم مديرا.

صار الصهر يرسم لنفسه شخصيات لم يثنها التنمر عن انجاز الكثير.. قرأ في التاريخ عن نابوليون بونابرت فرأى فيه شبها عظيما.. قصير مثله حقق انجازات خلدها التاريخ فلما لا يكون مثله.. من يومها انغرم بالحروب والجبهات معتبرا ان تحدي الكبار يجعله كبيرا.. لم يبق أحدا لم يحاربه هو الذي وفرت له ابنة المدير غطاء ولي العهد فحسب ان السجاد الايراني سيوصله الى قوس النصر.. لم يطل به الوقت ليدرك ان الامبراطور يمكن ببساطة ان يكون مجرد دونكيشوت.

مسكين أصابه التنمر بمتلازمة او عقدة “الرجل القصير” التي تسبب شعورا حادا بالنقص يدفع المريض الى محاولة التعويض بأساليب مبالغ فيها… سبق أن نجح عمه في مغامرات مبالغ فيها فوصل الى كرسي المدير لكنه تسبب في خراب المدرسة فوق رؤوس الطلاب والمدرسين… فلما لا يحاول هو أيضا بأن يرث الخراب العظيم.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً