اجتماع شرم الشيخ… تفاهمات واختبارات

زاهر أبو حمدة

يبدو أصعب ما في المشهد الفلسطيني الداخلي، المزايدات أو “المناكفات” الفصائلية غير المنطقية. وعلى سبيل المثال، أن تصدر الفصائل بيانات وتصريحات نارية ضد اجتماع شرم الشيخ بدعوة مصرية وحضور الأردن والولايات المتحدة وإسرائيل والسلطة الفلسطينية. يعرف قادة الفصائل أنه في السياسة لا يمكن للسلطة أن ترفض الحضور لأن الدعوة من دولة عربية مركزية أساسية. ربما لو أن الدعوة أميركية لكان أسهل للرفض، وهذا حدث سابقاً في أكثر من مناسبة، لكن الضمانة العربية لا سيما المصرية والأردنية هي الأساس، وعليه مشاركة السلطة تأتي لطرح رؤيتها أو شروطها السياسية وليس الأمنية أو الاقتصادية كما يريد الاحتلال.

يدرك الوفد الفلسطيني الحاضر في شرم الشيخ، كما حضر اجتماع العقبة في 26 شباط الماضي، أن الاحتلال لن يلتزم بما يُتفق عليه. وبالتالي مسألة الضغط على حكومة الاحتلال لا تمثل أي شيء على أرض الواقع، فاستمرار الاغتيالات والاقتحامات والمجازر لا يمكن أن يوصل الى تهدئة ولو مؤقتة. وما أراده الوفد الفلسطيني أن يقول للأميركيين والمصريين والأردنيين، إن الاحتلال لا يلتزم فلماذا نلتزم نحن؟ وهذا ما لخصه مسؤول فلسطيني شارك في الاجتماع الأخير. أما ما طالب به الوفد الفلسطيني فهو: الاتفاق على مسار سياسي، وقف المجازر والاقتحامات والاغتيالات، تخفيف الاجراءات ضد الأسرى، منع الاقتحامات للمسجد الأقصى، وقف مسار الاستيطان، ودفع أموال المقاصة من دون شروط. أما وفد الاحتلال فكانت طلباته أمنية فقط، حسب المسؤول الفلسطيني.

وبعيداً عن بيان الاجتماع الخماسي، حاول الاحتلال التملص من أي ضمانات أو التزامات. وانتهى الاجتماع بالاتفاق على عقد اجتماع لاحق بعد أسابيع. وهذا يعتبر اختباراً لمسألة توقف الاستيطان ولقمع الفلسطينيين في القدس لا سيما في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان المبارك، وعدم السماح للمستوطنين باقتحامه والاعتداء على الفلسطينيين في الضفة الغربية لا سيما في بلدة حوارة. ولعل الحكومة الاسرائيلية المأزومة داخلياً تحاول شراء الوقت وتخفيف الضغط الأميركي لا سيما بعد اتصال جو بايدن ببنيامين نتنياهو. لكن حكومة فاشية تستند الى مخططات وأفكار لا تعترف بالفلسطيني كما يقول بتسلئيل سموترتيش. فهو بعد دعوته الى “محو حوارة” قضاء نابلس في الضفة الغربية المحتلة، صرح خلال زيارته إلى فرنسا بأنه “لا يوجد شيء اسمه الشعب الفلسطيني، فهو اختراع وهمي لم يتجاوز عمره 100 عام”.

وهكذا، مهما كانت التفاهمات في شرم الشيخ فإن الاحتلال لن يلتزم لأن عقيدة الحكومة قائمة على القتل والمجازر. والأهم أن استمرارها وعدم سقوطها مرتبطان بسفك دماء الفلسطينيين وعدم التنازل أمام المعارضة والمتظاهرين في ساحات تل أبيب. فمنذ مطلع العام 2023، تصاعدت المواجهات في الضفة الغربية بما فيها شرق القدس، وأسفرت عن قتل الاحتلال الاسرائيلي 84 فلسطينياً، فيما قُتل 14 إسرائيلياً في عمليات متفرقة. أمام معطيات كهذه يبدو أن شهر رمضان سيكون مشتعلاً وربما نشهد عدواناً جديداً ضد غزة. وعليه وجب على الفلسطينيين الالتقاء والاتفاق على مسار موحد للمواجهة.

شارك المقال