هل ينزلق العالم “بالخطأ” الى حرب نووية؟

حسناء بو حرفوش

هل ينزلق العالم الى حرب نووية؟ وفقاً لمقال في موقع “هيرالد” الالكتروني، لا يواجه العالم خطر الحرب النووية نفسها اليوم، ولكن مخاطر سوء الفهم التي قد تؤدي لانزلاقه الى حرب مدمرة.

ووفقاً للمقال، “وجد العالم نفسه على شفير الحرب النووية لمدة أسبوعين في العام 1962، حين واجهت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي بعضهما البعض بسبب وجود الصواريخ الروسية في كوبا. يستذكر التاريخ كيف وقف رئيس الولايات المتحدة جون كينيدي في وجه السوفيات، الذين سحبوا الصواريخ من الجزيرة في النهاية، وهكذا نجا العالم من أزمة وجودية مذاك. ومع ذلك، تشير الأحداث الجيوسياسية الأخيرة إلى أن الحال على وشك أن يتغير، بحيث يزيد الحادث الأخير فوق مياه البحر الأسود بصورة كبيرة من خطر المواجهة المباشرة بين الولايات المتحدة وروسيا في الصراع الأوكراني.

واعترضت مقاتلة روسية من طراز (سو-27) في 14 آذار، مسيّرة أميركية، مما تسبب في سقوطها وتحطمها في البحر. ونددت واشنطن بإسقاط الطائرة التي كانت تحلق فوق المياه الدولية بالقرب من شبه جزيرة القرم ووصفت الحادثة بـ (الانتهاك الصارخ للقانون الدولي). وفي اليوم التالي، اعترضت مقاتلة بريطانية وألمانية طائرة روسية للتزود بالوقود جو – جو والتي اقتحمت على ما يبدو المجال الجوي لإستونيا، الدولة العضو في الناتو. ويزعم المسؤولون الأميركيون أن الطائرة الروسية فشلت في الاتصال بمركز مراقبة الحركة الجوية الإستونية، مما أدى الى اعتراضها.

ويعدّ التطفل الجوي بواسطة المسيرات ذا أهمية حيوية للولايات المتحدة وحلفائها لمراقبة العمليات العسكرية الروسية. ولا يخفى على أحد أن هذه المدخلات الاستخباراتية الحيوية تساعد أوكرانيا على مقاومة القوات الروسية تماماً كما تفعل المعدات العسكرية من الغرب على الرغم من أن واشنطن كثيراً ما اتهمت موسكو بمحاولة تعطيل هذه العمليات الروتينية عن عمد. والحقيقة هي أن الروس لديهم مصلحة أكبر في ذلك. وتحرس روسيا موطن أسطولها في البحر الأسود بحماسة، وهي حساسة لأنشطة التطفل من الجيوش الأخرى في هذه المنطقة، مما يزيد من فرص المواجهات الجوية.

وعلى الرغم من استخدام المسيرات في الحرب من قبل، ما شهدناه في أوكرانيا غير مسبوق، اذ أصبحت المسيرات المقاتلة أسلحة رئيسة لكل من روسيا وأوكرانيا اللتين تستخدمهما أيضاً كمراقبين لتحديد أهداف العدو وتوجيه نيران المدفعية. وتغني هذه المنصات المحمولة جواً عن الحاجة إلى بنية تحتية ضخمة للتحكم على الأرض كما توفر تغطية على مدار الساعة لأي جزء من الأرض أو البحر، إلى جانب المناطق الداخلية، مما يجعلها قوة مضاعفة قوية.

وعلى الرغم من أن اعتراض الطائرات العسكرية في المجال الجوي الدولي ليس بالممارسة التي تعتبر غير شائعة في جميع أنحاء العالم، تكمن المشكلة في خطر انخراط الطيارين في مناورات محفوفة بالمخاطر قد تؤدي إلى تصادم كما حدث على ما يبدو فوق البحر الأسود. ومع ذلك، يعتبر إسقاط مسيرة أو أي طائرة أخرى عمل أكثر استفزازاً قد يؤدي إلى تصعيد التوترات، خصوصاً اليوم عندما يتصاعد عدم الاستقرار العالمي، ومن المحتمل أن تكون احتمالات سوء التقدير والحوادث أعلى من أي وقت مضى.

الخطر الأكبر ليس الاستخدام المتعمد للأسلحة النووية، بل بالأحرى التسبب العرضي بكارثة ذرية نتيجة لسوء الفهم أو سوء التقدير. الماضي حافل بالحوادث التي كادت أن تؤدي فيها العثرات إلى كارثة عالمية. ففي شباط 1992، أدى خلاف حول تصادم في بحر بارنتس الى مواجهة متوترة بين واشنطن وموسكو استغرقت عدة أيام. ولم يتم انتزاع فتيل الخطر إلا بعد مفاوضات مكثفة بين البلدين.

وفي تشرين الأول/أكتوبر 2022، أطلقت مقاتلة روسية (بطريق الخطأ) صاروخاً بالقرب من طائرة بريطانية كانت تقوم بدوريات فوق البحر الأسود مما أثار قلقاً عالمياً. اعترفت موسكو في النهاية بأن الحادث كان (عطلًا تقنياً)، وقررت لندن عدم اعتباره (تصعيداً متعمداً). وغني عن التذكير بإسقاط ما يسمى منطاد الطقس الصيني فوق الولايات المتحدة القارية من القوات الجوية الأميركية والخلاف الديبلوماسي بين واشنطن وبكين الذي أعقب ذلك.

وفي العام 2022، (تعطل) صاروخ هندي ذو قدرة نووية وسقط في باكستان مما أثار مخاوف بشأن الضمانات ضد الانزلاق الى الحرب بين الجارتين النوويتين. ويتضاعف الخطر الواضح والقائم للحوادث غير المتوقعة التي تؤدي إلى الإطلاق العرضي أو فقدان الأسلحة النووية، عندما تنهار العلاقات الدولية ويصبح الاتصال بين الدول كثيفاً.

في 13 كانون الثاني/يناير 2018، استيقظ الناس في هاواي على إنذار صاروخي مرعب على هواتفهم المحمولة، يحذر من وصول صواريخ باليستية من كوريا الشمالية. انتشرت موجة من الذعر في جميع أنحاء هاواي لمدة 40 دقيقة كاملة قبل أن تصدر الحكومة تصحيحاً، اتضح أنه خطأ برمجي ارتكبه أحد الفنيين. يوضح هذا مخاطر الحرب العرضية التي يمكن أن يتسبب بها خطأ فني أو سوء فهم. وكما تذكرنا حوادث البحر الأسود، تزداد احتمالية حدوث خطأ فادح في عصر تنتشر فيه التقنيات عالية الخطورة مثل الطائرات المسيرة”.

شارك المقال