الصحافة الأجنبية والانتخابات الإيرانية: انتصار ذو حدين!

حسناء بو حرفوش

بين الشكوى من قلة كاريزما الرئيس الإيراني الجديد والتخوف من انتصار ذي حدين، وسط الأزمات الداخلية والخارجية التي تعصف بالجمهورية الإسلامية، تنوعت قراءات الصحف العالمية لنتيجة الانتخابات الإيرانية التي احتلت حيزاً واسعاً بعد الإعلان عن فوز إبراهيم رئيسي السبت خلفاً للمعتدل حسن روحاني. إليكم في ما يأتي مجموعة مختارة من القراءات في الصحافة الأجنبية.

صحيفة “كورييه انترناسيونال” (courrierinternational) الفرنسية، جمعت مختارات أجمعت على سقوط كل مفاصل الحكم بيد المحافظين المتطرفين. وبحسب الصحيفة، “لم يحمل إعلان فوز رئيسي أي مفاجأة ولم يتطلب الأمر أصلاً أكثر من جولة واحدة ليحصد الرئيس المدعوم من قبل المرشد الأعلى علي خامنئي، والذي قد يخلفه رئيسي يوما ما وفقا للمراقبين، ما يقرب من 62% من الأصوات وفقًا للأرقام الرسمية، وبدون مشاركة منافسين حقيقيين. ومع ذلك، تلطخت النتيجة بنسب التصويت الهائل بالورقة البيضاء وبنسبة مشاركة

(48.8%) تعد الأدنى منذ ثورة 1979.

جريدة “إلبايس” (El País) الإسبانية فسرت نقلاً عن نشطاء ومعارضين، المشاركة بالورقة البيضاء والامتناع عن التصويت على أنها ممارسة للعصيان المدني، في نظام كان يتباهى بعرض نسب المشاركة العالية في الانتخابات كدليل على الشرعية والدعم الشعبي”.

قلة الكاريزما

وتنتظر رئيسي مهمة شاقة حيث يعاني 83 مليون إيراني من ارتفاع معدلات التضخم والبطالة، كما تعاني الحكومة من عجز هائل في الميزانية وتكافح للتعامل مع جائحة كورونا. ولا ينقص رئيسي الذي وعد بحل مشكلة التضخم وخلق ما لا يقل عن مليون فرصة عمل سنوياً ومساعدة الأسر الشابة على الاستفادة من الخدمات الصحية ومكافحة الفساد، أي طموح ولكن تنقصه الكاريزما، وفقا لما رأت صحيفة “لو سوار” (Le Soir) البلجيكية.

لكن صحيفة “ذا غارديان” (Guardian) البريطانية، رأت أن الرئيس الجديد لم يحدد إلا القليل من الالتزامات حول كيفية إرساء دعائم اقتصاد قوي، واستشهدت بغياب الإصلاحات في السنوات التي قضاها كرئيس للسلطة القضائية، على الرغم من الوعود التي قطعها.

ولخص علي رضا إشراقي، أستاذ محاضر في جامعة نورث كارولينا، الأمر في صحيفة “واشنطن بوست” (Washington Post) الأميركية حيث أكد أن لا أحد يعرف ما الذي سيفعله رئيسي بخلاف بعض التكهنات. الثابت الأكيد هو أنه يدعم، على غرار خامنئي، إنقاذ الاتفاقية النووية الدولية وعودة الولايات المتحدة إليها. وذلك، لأن أي تحسن اقتصادي في إيران لن يكون ممكناً دون رفع العقوبات التي فرضها دونالد ترامب، بعد انسحابه أحادي الجانب من الاتفاقية في العام 2018. لكن صحيفة “نيويورك تايمز” (New York Times) تعتقد على نحو متناقض، أن انتخاب رئيسي سيسرع المفاوضات على مدى الأسابيع الأخيرة من ولاية روحاني، أي قبل استلام الرئيس المنتخب.

انتصار ذو حدين

ووفقا لـ”نيويورك تايمز”، لا شيء سيسعد خامنئي أكثر من إلقاء مسؤولية أي فشل لأثر تخفيف العقوبات في إنقاذ الاقتصاد، على المعتدلين ولكن إذا أوتيت الصفقة ثمارها، كما تحلل الصحيفة النيويوركية، قد تنسب الحكومة الجديدة المحافظة للغاية الفضل إلى الانتعاش الاقتصادي، ما يعزز حجتها حول حاجة البلاد لحكومة قومية ومتشددة للخروج من المأزق الحالي . وفي سياق متصل، شددت صحيفة “هآرتس” (Haaretz) الإسرائيلية على أن انتخاب الرئيس الجديد ينبغي أن يضاعف التصميم على إنهاء برنامج إيران النووي وطموحاتها التدميرية في المنطقة.

منظمة العفو الدولية سلطت من جهتها الضوء في تقرير نشرته عقب النتائج، على اتهام الرئيس المنتخب بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك الاغتيالات والتعذيب والاخفاء القسري في أواخر الثمانينيات، بحسب ما نقل موقع “عرب نيوز” (arabnews) في نسخته الصادرة باللغة الإنكليزية.

ولاحظت صحيفة “لو تان” (Le Temps) السويسرية، أن وصول رئيسي إلى سدة الرئاسة يؤكد على إطباق المحافظين المتطرفين على كل مفاصل البلاد. لكنها حذرت من أن هذا الانتصار هو سيف ذو حدين. وذلك، لأن المحافظين سيتحملون من الآن فصاعداً وحدهم المسؤولية عن اختلالات النظام، الخالي من أي ضوابط وتوازنات، مهما كانت وهمية.

البوصلة نحو الشرق

صحيفة “أتلانتيكو” (Atlantico) الفرنسية رأت أن أي اتفاق في فيينا لن يعيد الوضع الراهن إلى ما قبل 2018. وتوقعت أن يدرج النظام الإيراني بشكل دائم استراتيجيته الاقتصادية في التوجه نحو الشرق (الصين وروسيا على وجه الخصوص) على المستوى الدولي وضمن شبكاته غير الرسمية على المستوى الإقليمي، في ظل التقارب الاقتصادي الأميركي مع الدول الأوروبية.

أما “لو ماتان” (Le Matin) السويسرية فرصدت من ضمن رسائل التهنئة، برقية الرئيس السوري بشار الأسد الذي أعرب عن رغبته في العمل مع الرئيس المنتخب لتعزيز العلاقات الثنائية القائمة على عقود من الصداقة ومن التفاهم المتبادل والمصالح المشتركة.

عمليات تزوير “فلكية”

هذا ونشر موقع المجلس الوطني للمقاومة أن نسب الاقتراع التي أعلنت عنها السلطات الإيرانية تظهر “عمليات تزوير فلكية” حيث بلغت نسبة المشاركة في الحقيقة 10%. كما أكدت زعيمة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية مريم رجوي أن “المقاطعة الوطنية” شكلت “أكبر ضربة سياسية واجتماعية للنظام”. وعبر “تويتر”، غرد رضا بهلوي نجل شاه إيران الراحل محمد رضا بهلوي وريث العرش قبل الثورة الإسلامية، قائلاً بأن الإيرانيين برهنوا على “الوحدة والتضامن من خلال المقاطعة وقول لا للنظام الاستبدادي”.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً