الكازينو أبعد من العمالة والمخالفات… من يريد تدمير المجتمع اللبناني؟

ليندا مشلب
ليندا مشلب

بدأت القصة عام 2020 عندما وقع العقد بين كازينو لبنان والشركة المشغلة لألعاب الميسر OSS مع صاحبها جاد غاريوس، حينها أرسلت أسماء شركات الى وزارة الاقتصاد والتجارة للحصول على الموافقة، التي رفض المدير العام لوزارة الاقتصاد الدكتور محمد أبو حيدر اعطاءها على العقد بعدما أفاد مكتب مقاطعة اسرائيل في لبنان أن هناك شبهات على احدى الشركات التي تقدم خدمات وتتعامل معها الشركة الأم لجهة ارتباطها المباشر مع إسرائيل (مقاطعة مباشرة). حينها أحال أبو حيدر الملف الى المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الذي كلف قسم المعلومات في الأمن العام إجراء التحقيقات اللازمة، فتبين الارتباط واستبعدت الشركة ولم يعرف ما اذا كانت حصلت على كامل الـdata من الكازينو للعملاء واللاعبين، اذ بخلاف ما يدّعي الكازينو، أكدت مصادر أمنية أن هذه الشركات وعند عرض برامجها وخدماتها (software) قد تحصل على الـdata في عمليات احتيال تقنية عالية.

اما المخالفة الثانية فتمثلت ببدء العمل في بداية مباريات كأس العالم في شهر تشرين الثاني، أي قبل شهرين من الحصول على الموافقة من وزير الاقتصاد التي وقعت في كانون الثاني من هذا العام، وهنا استندت ادارة الكازينو الى فتوى تمديد العقد الذي وقع قبل سنتين، متجاهلة صدور قانون الشراء العام من مجلس النواب والذي أصبح الممر القانوني الالزامي لأي عملية تعاقد مع الدولة وبالتالي يخضع له التمديد والتجديد.

وبعد ما أثير حول هذا الأمر، طلب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الخميس الفائت تجميد الرخصة الى حين عرض الملف على هيئة الشراء العام وديوان المحاسبة بمذكرة صادرة عن رئاسة الحكومة (الصورة مرفقة) في سبيل التحقق من صحة تلزيم ألعاب الميسر عبر الانترنت وخضوعه للشروط والاجراءات القانونية بحسب الأصول، كما طلب ابداء الرأي القانوني بشأنه لجهة طريقة التعاقد ومضمونه وتعليق العمل برمته الى حين ورود الآراء المطلوبة حول التلزيم. لكن ادارة الكازينو والشركة المشغلة تجاهلتا هذا الطلب والتفتا على قرار رئيس الحكومة، وعلى العكس توسعتا في العمل ونشرتا الاعلانات على الطرقات.

والأخطر هو البدء بتلزيم الألعاب في المناطق اللبنانية كافة عبر موزعين يوقعون عقوداً جانبية (صور العقود مرفقة)، في أخطر ظاهرة لتدمير المجتمع اللبناني وخصوصاً الشباب ما طرح علامات استفهام كبيرة وخطيرة. من وراء هذا التدمير الممنهج للشباب، وهم يعانون اليأس والاحباط وتتداخل في حالاتهم النفسية كل العوامل، وعلى رأسها الأزمة الاقتصادية؟ اذ تبين من تقارير أمنية أن معظم الذين يمارسون هذه الألعاب ليسوا من الميسورين انما يستدينون أحياناً المبالغ للمراهنة واللعب online ويضطرون أحياناً أخرى أو غالباً الى رهن ممتلكاتهم الشخصية وحتى منازلهم في ظاهرة تجتاح المناطق اللبنانية وتسيطر على عقول الشباب الذي يذهب البعض منهم الى حدود الانتحار.

وبحسب مصدر رسمي متابع للملف، فإن هذا الأمر وضع تحت المجهر وتدرس اجراءات أمنية وقانونية لمكافحته بطلب من أكثر من مرجع سياسي. وقال المصدر لـ “لبنان الكبير”: “الشبهة الأولى لدينا هي صاحب شركة OSS جاد غاريوس الذي يعد ملك السوق السوداء، وقد أوقف في مكتب الجرائم المعلوماتية سنة 2017 فكيف لكازينو لبنان ومديره رولاند خوري أن يدّعي محاربة السوق السوداء وقد وقع عقد تلزيم الألعاب مع ملك السوق السوداء جاد غاريوس وشريكه داني عبود لو لم تكن هناك شراكة من تحت الطاولة مع رولاند خوري الذي تنتهي ولايته في كازينو لبنان في الشهرين المقبلين؟”.

وتحدث المصدر عن “خطورة البدء بتلزيم الألعاب في كل المناطق اللبنانية عبر موزعين للوصول الى كل منزل وشارع ومنطقة (في لاس فيغاس لا تحصل) ضاربين عرض الحائط بالمبادئ والقيم والمحرمات لكل منطقة، هذا من جهة ومن جهة أخرى يقومون بمخالفات فادحة بنشر الاعلانات على الطرقات والأوتوسترادات (صور مرفقة) وهو الأمر المحظور عالمياً كحظر اعلانات التدخين”.

أضاف المصدر: “ان الحكومة والكازينو والمرجعية السياسية لمديره (التيار الوطني الحر) مدعوون الى وقف هذه الآفة التي تجتاح عقول شبابنا، تماماً كما ندعو الأجهزة الأمنية وفرع مكافحة الجرائم الالكترونية الى ملاحقة من يفتح ألعاب المراهنات بطريقة غير شرعية وغير قانونية ومنافية لكل القيم والمعايير التي أرستها المنظمات العالمية بضرورة التحكم بهذا القطاع وتنظيمه حفاظاً على الأمن الاجتماعي خصوصاً أنه online ولا رقابة عليه، اذ يستطيع أي شخص الولوج اليه ولعب ألعاب القمار والمراهنات عبر هاتفه الشخصي باستعماله منصات اللعب الالكترونية”. وسأل المصدر: “بلغة الاقتصاد كيف يتم الاستهتار بمصدر تمويل للدولة بالـfresh يحكى أنه يذهب الى جيوب أشخاص من دون لا حسيب ولا رقيب؟”، معتبراً أن “الحل يكون باطلاق مناقصة شفافة تخضع لقانون الشراء العام وتحصر ألعاب الميسرonline بالكازينو فقط”.

منذ بداية الأزمة والحديث يكثر عن المراهنات في لبنان التي بدأت على أنها من أهم الأنشطة الترفيهية والاقتصادية التي يشارك فيها الكثير من الأفراد، ثم تحولت الى ألعاب ادمان تسيطر على الشباب من الأعمار كافة وتقدم عبر العديد من المنصات المختلفة، بينما كانت في السابق تقتصر على كازينو لبنان وهو أكبر مركز للمراهنات. ويتميز الكازينو بتوفير العديد من الألعاب المختلفة، بما في ذلك الروليت والبلاك جاك والبوكر والباكارات وغيرها.

اليوم وبالإضافة إلى الكازينو، يوفر العديد من المواقع الالكترونية المختلفة خدمات المراهنات عبر الانترنت أمام أعين الأجهزة الأمنية والحكومية، وتشمل هذه المواقع الرهان الرياضي والرهان على الأحداث الجارية وألعاب الكازينو المختلفة، وتتيح للمراهنين الاختيار من بين العديد من الألعاب المختلفة والرهان عليها بسهولة وسرعة، وتبدأ بمبالغ زهيدة بمتناول اليد ثم تتحول الى ادمان فتكبر المبالغ ويرتفع منسوب الخطر معها.

والقانون اللبناني ينظم المراهنات في البلاد، حيث يشترط الحصول على ترخيص من الحكومة اللبنانية لتشغيل أي نشاط للمراهنات. ولكن القانون لم يلحظ قطعاً تنظيم هذه الألعاب الخطيرة عبر مواقع التواصل والكترونياً. وفي العادة تحصّل ضرائب على الأرباح التي تحققها الكازينوهات ومواقع المراهنات الالكترونية الا أن الأموراليوم أصبحت سائبة.

والفوضى تعم هذه الظاهرة التي بدأت تحصد ضحايا خصوصاً أنه يتبين من بعض التحقيقات والملاحقة الأمنية الالكترونية أن معظم الـapplications التي تفتح مجاناً في لبنان للـprovider تعود الى شركات اسرائيلية .فمتى يستفيق أهل الحكم على هذه الظاهرة ومخاطرها؟ ألا يكفي اللبنانيين الرهان في مصير بلادهم على الخارج ليتم خرقهم وتدميرهم في سوق المراهنات؟

شارك المقال