كيف ينتهي الانقسام الفلسطيني؟

زاهر أبو حمدة

الانقسام الفلسطيني كان حتمياً بعد تحرير غزة عام 2005. حين تظن الشعوب أنها أنجزت المعركة ضد العدو تتحول تلقائياً إلى اقتتال داخلي للاستحواذ على الغنائم، ويمكن تبرير ذلك بشعارات سياسية إلغائية تخوينية. حصل ذلك بعد تقسيم السودان واستقلال جنوبه، كذلك مع كرد العراق، مناطق المعارضة السورية، ثوار فيتنام، نيجيريا، روندا… الخ. تتصارع المشاريع ويحاول كل طرف فرض رؤيته، لذلك تبرز السلبيات أكثر إذا أخذت طابعاً عنفياً. أما في الحالة الفلسطينية على الرغم من كل سلبيات الانقسام إلا أنه تجربة مفيدة نتعلم منها درساً أبدياً: ألا نتقاتل بعد تحرير فلسطين.

وكي تتحرر البلاد، لا بد من توحد العباد أولاً. وأثبت الفلسطينيون أنهم يتوحدون في الميدان ولو اختلفوا سياسياً وأيديولوجياً وعشائرياً. ولعل تجربة “الغرفة المشتركة” في غزة نموذجاً يمكن اتباعه. لكن في المشروع السياسي الانقسام تحول إلى تقاسم غنائم وحصص وكراسٍ. وإذا سألنا: على ماذا تختلف حركتا “فتح” و”حماس”؟ ربما نغرق في التفاصيل المزعجة، لكن الخلاف الأساسي هو “التشارك المصلحي”. وحاول الطرفان في خلال 14 عاماً إدارة الانقسام وإيجاد صيغة تشاركية، وكان الفشل نصيب كل جولة في أي عاصمة. وربما يعزو البعض سبب الفشل إلى الاختلاف في النهج النضالي، إذا كان مقاومة مسلحة أو سلمية. وهذا أشبه بالأم حين تسأل أولادها قبل تناول العشاء: ماذا نعد للغداء غداً؟ وبالتالي، المطلوب هو الجلوس معاً والحوار في الأساسيات بعيداً عن الشكليات.

المطلوب تنازلات متبادلة بعيداً عن السجالات والاتهامات.

المطلوب أن تعترف “فتح” أن لها شركاء في القرار والمصير.

المطلوب أن تراجع “حماس” أجندتها وخياراتها وتبتعد عن “الاستعلاء” وانتظار رحيل محمود عباس، لتفرض سيطرتها.

والحل ليس في الانتخابات كما يتوقع مسار الرجوب – العاروري، إنما بقرار جريء من كل الأطراف بتشكيل مجلس قيادي موسع يؤسس لإعادة تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية. وبعد ذلك، نتفق على النهج النضالي. ولطالما “حماس” موافقة على رؤية المقاومة الشعبية السلمية، كما يحصل حالياً في جبل صبيح جنوب نابلس، فيمكن انتهاج هذا الفعل. وتظن قواعد الفريقين أن الخلاف كبير جداً والهوة تتسع، وهذا ليس أكيداً. فما يعرقل التلاحم بين الطرفين هو مصالح شخصية وليس فقط مصالح حزبية. وهنا لا بد من ضغط شعبي كل بطريقته على أطراف الانقسام.

فلا يمكن لشعب يؤكد دوماً حيويته وحضوره، أن يرضى بهذا الانقسام المخزي، وينتظر كل حزيران من كل عام ليتذكر الانقلاب/ الحسم، وكأنه ليس شريكاً بهذا الجنون.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً