تصعيد جعجع تحسس بتغير الهواء الاقليمي؟

رواند بو ضرغم

دخلت الأطراف السياسية  في صوم رئاسي خلال فرصة العيد، وفطر رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع على مواقف تصعيدية في وجه الداخل والخارج.

حمّل جعجع رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية مسؤولية مساوئ عهد الرئيس السابق ميشال عون، الذي كانت “القوات” ممره الرئاسي نتيجة تفاهماتها مع صهر العهد النائب جبران باسيل. وبقي فرنجية على طرف نقيض مع العهد ورئيسه، وأبى أن يصوّت له بعد أن أمّنت “القوات” رئاسته.

يحاسب جعجع “المردة” على بطش أخيه في اتفاق معراب، وتسلطه على الادارات واحتكاره للتعيينات، وهو من كان نسج خطوط احتكار المقاعد المسيحية معه وتقاسمها مناصفةً، ماضياً يداً بيد نحو الغاء باقي الأحزاب المسيحية في الادارة والتعيينات. فليس فرنجية من غدر بجعجع، ولا “حزب الله” هو من منع الكهرباء عن اللبنانيين أو حال دون تعيين الهيئة الناظمة لها أو عرقل تنفيذ مؤتمر “سيدر”. صحيح أن “حزب الله” يتحمل مسؤولية توتير صفوة العلاقات مع الدول العربية، إنما في الادارة ليس وحده من ساهم في انهيارها.

أما الايجابية السعودية من فرنجية فلا تزال مجرد كلام فرنسي، بحيث أبلغ المستشار الفرنسي باتريك دوريل الأطراف اللبنانية التي التقاها أو تواصل معها بأن الهوى السعودي تغيّر رئاسياً، لكن الواقع هو أن أي مسؤول سعودي تكلم مع أي طرف لبناني بإيجابية باتجاه فرنجية حتى اللحظة، بانتظار عودة السفير السعودي لدى لبنان وليد بخاري ولقائه رئيسي “القوات” و”الاشتراكي”، ليفك الخيط الأسود عن الخيط الأبيض.

وقرأت بعض الأطراف السياسية في تصعيد جعجع غير المسبوق على فرنسا، واستباق الموقف السعودي بإثارة بعض المواقف القديمة لفرنجية بما يخص سوريا وايران و”حزب الله”، على أنه استشعار قواتي بأن التسوية باتت قريبة، وأن المسعى الفرنسي الداعم للمرشح المدعوم من الثنائي الشيعي يقترب من النجاح. وجعجع، إن كان يعلم أو لا، فهو يعمل على إنجاح مخطط جبران باسيل، وكشف عنه بالقول إن رئيس التيار يراهن على إيصال “حزب الله” الى طريق مسدود مع فرنجية، ليرى نفسه مرغماً على الجلوس مع باسيل والاتفاق معه على مرشح آخر. ساعتئذ يكون باسيل فعلاً قد مدد عهد عمه برئيس دمية في يده لست سنوات أخرى، مستغلاً أخطاء جعجع وتصلبه في عرقلة الحلول.

وتقول مصادر داعمة لفرنجية إن جعجع لم ينجح يوماً في رهاناته السياسية ولا في حساباته الاستراتيجية، فقوله إنه يمتلك الثلث المعطل في حال حصل فرنجية على أكثرية الخمسة والستين المضمونة، إدعاء لا يصل الى حدود الواقعية، فكتلته المؤلفة من تسعة عشر نائباً، بالاضافة الى “الكتائب” و”تجدد” وبعض المستقلين لن يصلوا الى حدود التعطيل أي ثلاثة وأربعين نائباً، وخصوصاً أن الحزب “الاشتراكي” أعلن عدم نيته المقاطعة، ولا التغييريين الذين يفترشون المجلس النيابي رمزياً للضغط باتجاه عقد جلسة انتخابية، لا يُفترض أن ينتهجوا التعطيل، ولا حتى “التيار الوطني الحر” يجرؤ على قلب الطاولة في وجه حليفه “حزب الله” وإسقاط آخر ورقة من شجرة تفاهم مار مخايل. فلعبة عض الأصابع بدأت تشتد ضراوة، والبقاء لصاحب النفس الأطول، الا أن التغيرات الاقليمية تصب في مصلحة حلفاء “حزب الله” داخلياً.

ويقول مصدر سياسي لموقع “لبنان الكبير” إن رئيس الحزب “الاشتراكي” وليد جنبلاط بدأ بقراءة المشهد الاقليمي والميل على هواه، فهل يمضي جعجع على خطاه، أو يستمر في الانتحار السياسي؟ أما الرئيس نبيه بري فينقل عنه ارتياحه الى المتغيرات، وإصراره على مرشحه من دون أي خطة “ب”، وعندما يستوي المشهد الاقليمي ويحصل فرنجية على خمسة وستين صوتاً، سيحدد جلسة انتخابية، ولتحمل المعارضة كتفاً عن الثنائي الشيعي في حق تعطيل النصاب، الذي كان يعتبره جعجع عملاً في غاية الحقارة، واليوم يهدد باستخدامه.

شارك المقال