سوريا بين القيصرين

عالية منصور

أعلنها سيرجي لافروف في رسالته إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، روسيا ستمنع تجديد تفويض الأمم المتحدة للمعبر الوحيد “باب الهوى” الذي ينتهي في 10 تموز المقبل.

لا شيء غير قابل للابتزاز بالنسبة لروسيا، وأكثر ما هو قابل للابتزاز هي المواضيع الإنسانية التي لطالما وجدت فيها مجالاً واسعا للمقايضة، ففي العام 2014، صوت مجلس الأمن الدولي على القرار رقم 2533، الذي ينص على السماح بتدفق المساعدات الإنسانية إلى سوريا من أربع نقاط حدودية سورية مع تركيا والعراق والأردن، للوصول إلى المدنيين على جانبي خطوط القتال، وتوصيل المساعدات. وخلال سنوات وبسبب الفيتو الروسي الصيني المتكرر في مجلس الأمن الدولي تم تقليص عدد نقاط إدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا التي لا تتطلب موافقة دمشق، إلى نقطة واحدة، هي معبر “باب الهوى”.

ووفقاً للسفيرة البريطانية لدى مجلس الأمن السفيرة باربرا وودورد كما نقل موقع وزارة الخارجية البريطانية على تويتر، فإنه في حال عدم تجديد تفويض إدخال المساعدات عبر الحدود السورية ، “سيتوقف برنامج الأمم المتحدة للتطعيم، وينتهي تقديم المساعدات الغذائية لنحو 1.4 مليون شخص شهرياً، وستتوقف المواد الطبية بالغة الأهمية التي ساعدت بتقديم 10 ملايين معالجة طبية في 2020”.

بدورها قالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد إنّه “بالنسبة لملايين السوريين، فإنّ باب الهوى هو شريان حياة بكل ما للكلمة من معنى”، مشيرة إلى أنّه من خلال هذا المعبر “تنقل ألف شاحنة شهرياً الغذاء والمياه النظيفة والإمدادات الطبية لمن همّ في أمسّ الحاجة إليها”، محذرة من انه في حال اغلاق المعبر “سيموت مزيد من السوريين”.

بالنسبة لروسيا كل ذلك يبدو هامشياً أمام هدفها ألا وهو تعزيز سلطة نظام بشار الأسد، وخصوصا ًبعد انتهاء مهزلة الانتخابات الرئاسية التي حصلت مؤخراً في سوريا.

روسيا، ووزير خارجيتها الذي جال على عدة دول عربية قبل شهور قليلة محذراً من عواقب قانون قيصر على الوضع الإنساني في سوريا، معتبراً أنه يخنق السوريين تدرك تماماً أن قانون قيصر لا يفرض أي حصار على سوريا، ولا يمس بحياة المواطن، بل هو يفرض عقوبات انتقائية في مجالات محددة لمنع النظام من اسئناف جرائمه ضد السوريين.

بعد اللقاء الذي جمع الرئيس الأميركي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين، وما صار معروفاً من أن سوريا لم تكن على أجندة هذا الاجتماع، إلا بما يتعلق بالموضوع الإنساني والتمديد للمعبر، فقد وجدت موسكو فرصتها في ممارسة أبشع أنواع الابتزاز على الإدارة الاميركية، لانتزاع تنازلات تتعلق بالملف السوري وليس فقط بموضوع المساعدات.

ويبقى السؤال هل ترضح إدارة بايدن ومعها الاتحاد الأوروبي أمام هذا الابتزاز الروسي، وهل سيقف العالم مكتوف الأيدي أمام جريمة جديدة ترتكب بحق ملايين السوريين؟ أم أن تنازلاً ما سيقدم للقيصر الروسي مقابل سماحه بإدخال الغذاء والدواء إلى سوريا؟ يبدو أنه وفي كلا الحالتين سيدفع السوريون الثمن بطريقة أو أخرى.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً