لقاء خلدة… محطة جنبلاطية نحو دمشق؟

عبدالله ملاعب

كَثُرَ الحديث في الآونة الأخيرة عن تبدّل موقف وليد جنبلاط من النظام السوري. وصدرت أقاويل وأخبار مفادها نية جنبلاطية لترميم العلاقة مع سوريا. كلامٌ عزّزته التحليلات التي ربطت هذا الأمر بأحاديث لوليد جنبلاط في البيت الدرزي، حيث تطرق إلى التسوية مع الرئيس السوري السابق حافظ الأسد تذكيرًا بأهمية هذا المنطق في مثل هذه اللحظات التاريخية الحَرِجة، لتكر بعد ذلك سبحة المواقف التي تحدثت عن “تكويعة جنبلاطية” سيّما بعد الإعلان عن اللقاء الثلاثي الذي سيجمع جنبلاط بطلال أرسلان ووئام وهاب في دارة خلدة. فماذا في حقيقة الاستدارة؟

مصادر قيادية في الحزب التقدمي الاشتراكي، نفت لــ “لبنان الكبير” نفيا قاطعاً وجود نية أو خطة جنبلاطية لفتح علاقات مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد. مؤكدةً أن رئيس اللقاء الديمقراطي تيمور جنبلاط لم يزر دمشق، ووليد جنبلاط لم يُبدّل موقفه من النظام السوري الحالي الذي تصفح المصادر بالنظام الذي: قتل مواطنيه، ودمر بلده، وهجر شعبه.

وفي حين لا تربط أوساط الحزب الديمقراطي اللبناني الرسمية لقاء السبت بخطة جنبلاطية للذهاب الى سوريا التي تركها بيك المختارة منذ عقود، تطل إلى الواجهة “خبريات” غير رسمية تُرَوِج في الشارع الدرزي أنّ هدف اللقاء عودة جنبلاط إلى سوريا من البوابة الإرسلانية الأقرب الى الحضن السوري من أي جهة سياسية لبنانية أخرى. وهذا ما أُكِّد عبر الزيارة الأخيرة لطلال أرسلان إلى سوريا حيث كان من أول السياسيين اللبنانيين المباركين للأسد بإعادة انتخابه بأعلى مظاهر الديمقراطية.

تصف مصادر الاشتراكي هذا الكلام بالسخيف، وتؤكد أن لقاء السبت هدفه معالجة مواضيع تتعلق بالبيت الداخلي. أبرزها استكمال المصالحة التي بدأها الرئيس نبيه بري في حزيران 2020 وذلك بهدف إنهاء ذيول الأحداث الأليمة التي وقعت في الشويفات عام 2018 والبساتين – قبرشمون في حزيران 2019. وهنا إشارة إلى رغبة الجميع بلملمة تداعيات تلك الأحداث التي هي في حقيقة الأمر تسبب بها عنصر خارجي لطالما فتح ملفات الغيمة السوداء التي مرّت على الجبل في محطات تاريخية معينة.

أما الملف الثاني الذي من المتوقع مناقشته في دارة الأمير طلال أرسلان، هو ملف مشيخة العقل لدى الطائفة الدرزية مع نهاية ولاية شيخ العقل الشرعي بحسب قوانين المذهب الدرزي، أي الشيخ نعيم حسن.

وهنا إشارة إلى رغبة بارزة للقيادات الروحية والسياسية الدرزية التي تبدي حرصًا في توحيد مشيخة العقل كما ينص القانون. فهل ستكون هذه الخطوة إن تحققت مدخلاً لوحدة البيت الدرزي؟

وفي ما يخص استحضار وليد جنبلاط لحافظ الأسد في لقاءاته الداخلية، ذكرت المصادر بمواقف وليد جنبلاط الأخيرة من الرئيس السوري بشار الأسد. فكان جنبلاط “أول من إتهم الرئيس السوري باستخدام مخزونه من نيترات الأمونيوم الموجود لدى مرفأ بيروت في “هداياه” لتدمير قرى سورية معارضة”.

فجنبلاط الذي قال صراحة إن شحنة الأمونيوم التي انفجرت في بيروت كان قد استخدم الأسد معظمها في سوريا، قارن بين الأب والابن فالأب احترم كيانية لبنان ودولته فهو القائل عن لبنان وسوريا: “شعب واحد في دولتين”، عكس ولده الشاب الذي سلم مفاتيح دمشق الى الإيرانيين وحدث ما حدث في سوريا الأسد.

كلام جنبلاط عن حافظ الأسد معطوف على مبدأ التسوية وأهميتها، يُراد منه إعطاء مقاربة واضحة لما يجري اليوم في لبنان، على أمل أن ينخرط رئيس الجمهورية والرئيس المكلف بتسوية حكومية تخدم اللبنانيين.

فالتسوية بحسب مصادر الاشتراكي: “لا تعني لا وحدة ولا انصهار ولا تحالف، إنما هي الطريق الأقصر لمنع انهيار ما تبقى من لبنان”. والتسوية مع الرئيس حافظ الأسد في ذاك الوقت “كانت ضرورة لحماية الخط السياسي العربي الذي ينتمي اليه وليد جنبلاط، في الوقت الذي كان فيه الأسد الخيار الوحيد تحت قاعدة: إما سوريا أو إسرائيل أو البحر”.

مصادر الاشتراكي ربطت كل الأكاذيب المتعلقة بزيارة تيمور جنبلاط الى سوريا وإستدارة وليد جنلاط نحو نظامها بما وصفته بغرفة “الدكتيلو” التي عادت لتقوم بدورها التاريخي. والسؤال الجوهري: هل سينجح لقاء خلدة بإرساء تقارب في البيت الدرزي وسط هذا الكم من التباينات الاستراتيجية في العلاقات والمواقف؟ فلننتظر.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً