لم تفارق أزمة اللجوء السوري مشكلات لبنان، وبالتأكيد لم تكن هي السبب الرئيس والأساس لها، لكن الأزمة الاقتصادية التي يعيشها البلد زادت من حدة الخلاف حول هذه القضية التي أصبحت تعد مركزية، فبين المطالبات بترحيل اللاجئين السوريين واعادتهم الى بلادهم بعد استقرار الوضع الأمني في كثير من المناطق السورية، وبين رفض هذا الاقتراح على اعتبار عدم توافر الظروف المناسبة لعودتهم وخوفاً عليهم من بطش النظام السوري، أصبح هذا الملف يأخذ طابعاً طائفياً.
وبدأت أصوات العديد من اللبنانيين تتصاعد حول الفرص التي تتاح للسوريين والدعم الذي يحصلون عليه من الأمم المتحدة، ولم تقتصر هذه الأصوات على المواطنين وحسب، بل كان لرجال السياسة تدخل واضح في ضرورة وضع حد للتفلت الحاصل واتخاذ الاجراءات اللازمة في هذا الموضوع، في ظل تزايد عمليات الترحيل القسري وتكثيف المداهمات والاجراءات والتوقيفات بحق بعض اللاجئين الذين لا يملكون أوراقاً قانونية.
تباينت ردود الفعل اللبنانية على عملية الترحيل، والبعض وصفها بالعنصرية والاعتداء على حقوق الانسان وحريته، فيما البعض الآخر رأى فيها حلاً وأمراً طبيعياً كان يجب القيام به منذ سنوات، على اعتبار أن السوري يقيم في لبنان وينافس المواطن على مستلزمات المعيشة التي لم يعد باستطاعته تأمينها.
وفي إقليم الخروب، كما باقي المناطق ينتشر اللاجئون السوريون في معظم قراه وضيعه حيث بدأت عدة بلديات تتخذ إجراءات لتنظيم الوجود السوري فيها، اذ دعا بعضها حاملي الجنسية السورية المقيمين في نطاق البلدة الى الحضور إلى مبنى البلدية أثناء الدوام الرسمي لتسجيل أسمائهم مع أفراد عائلاتهم خلال مهل معينة ومحددة، الى جانب ضرورة إحضار جميع الأوراق الثبوتية وعقود الايجار في حال وجودها مع الاقامات المسجلة لدى الأمن العام، ودفتر القيادة وأوراق تسجيل الدراجة النارية أو السيارة التي يملكونها، على أن تتخذ إجراءات مناسبة بحق كل من يتخلف عن الحضور ويعد مقيماً غير شرعي وغير قانوني.
أما من ناحية الفعاليات السياسية في المنطقة، فأشار النائب السابق محمد الحجار الى “أننا كنا دائماً على تواصل وتعاون مع البلديات كي تقوم بمسح لمعرفة أعداد اللاجئين وما هي أعمالهم، ليتم ضبط الأمور أكثر وأكثر، وفي إقليم الخروب لا تزال الأمور تحت السيطرة”.
وكان الحزب “التقدمي الاشتراكي” استنكر عمليات ترحيل عدد من اللاجئين السوريين على اعتبار أن العملية جرت بصورة عشوائية، مطالباً المؤسسات والأجهزة العسكرية والأمنية اللبنانية بالالتزام التام بموجبات مبادئ حقوق الانسان التي يكرّسها الدستور اللبناني والقوانين الدولية.
ورأت مصادر “الاشتراكي” أن أي خطوة باتجاه إعادة اللاجئين إلى سوريا يجب أن تكون وفق عدة شروط أبرزها عودتهم الآمنة والطوعية.
وعلى صعيد المجتمع المدني، بدأت مجموعات بالعمل لتنظيم وجود السوري في بعض المناطق اللبنانية ومن ضمنها إقليم الخروب، بسبب عدة مشكلات أبرزها مشكلة عمالة السوريين وقانونية وجودهم وعملهم. وأشار أحد القيّمين على هذه المجموعات الى أن هذه الأمور يتم العمل عليها والتنسيق مع المعنيين لايجاد الحلول المناسبة لكن مع الأخذ في الاعتبار حقوق الانسان، ومراعاة اللاجئين وحقوقهم.
وكان عدد من المسؤولين والسياسيين قد أعلن منذ أشهر عن خطة لاعادة السوريين الى بلادهم بطريقة قانونية، لكن ما حصل خلال الفترة الماضية كان مخالفاً لما أعلن عنه ويأتي في سياق مختلف، وعلى أثر ذلك حذرت جهات حقوقية دولية من ازدياد عمليات الترحيل، خصوصاً أن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تحصل على تقارير تفيد بازدياد عدد هذه العمليات الى جانب احتجاز بعضهم وترحيلهم إن كانوا مسجلين أو لا، ودعت المفوضية الى ضرورة احترام مبادئ القانون الدولي وضمان حماية اللاجئين في لبنان من الاعادة القسرية.
وتجدر الاشارة الى أن البلاد تعاني العديد من المشكلات، بسبب فساد بعض المسؤولين الذين لا يقومون بواجباتهم، وكان من الأفضل إيجاد حلول للأزمة اللبنانية من انتخاب رئيس للجمهورية وملء المراكز الشاغرة ومعالجة انهيار العملة الوطنية والمحافظة على استقلالية القضاء.