السودان وسياسات التدمير الذاتي

حسناء بو حرفوش

حذرت قراءة في موقع “مونيتور” الالكتروني من سياسات التدمير الذاتي، مسطّرة أنه في حين أن الجماعات شبه العسكرية في السودان قد تكون “ضرورية” لامساك القادة بزمام السلطة، من غير المناسب “السماح” لها بامتلاك القدرة على تهديد الدولة.

ووفقاً للكاتب شارلز تويهيو، وهو محلل اجتماعي وسياسي متخصص في الشؤون العالمية، “تصاعدت موجات المعارضة في السودان حتى العام 2019 عندما أطاح انقلاب بالبشير، بعد أربع سنوات من فوزه بنسبة 94.5% في الانتخابات التي قاطعتها أحزاب المعارضة الرئيسة. واعتباراً من العام 2019، شكلت السياسات السودان كدولة هشة وفريسة لحالة عدم اليقين والركود السياسي. وأحبط الأمل في نجاح القيادة المدنية في انقلاب 2021.

وفي 15 نيسان 2023، اندلع نزاع مسلح بين شخصين معروفين بتاريخ من الشراكة الاجرامية، وسجّلت أكثر من 450 حالة وفاة و3500 إصابة، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية. واختلف الجنرالان منذ ذلك الحين على تقاسم السلطة في القيادة العسكرية. وعلى الرغم من أنه كان من المفترض تنظيم انتقال السلطة بحلول تموز 2023، بقي الصراع في خلفية انتهاك هذا الحكم والحفاظ على الطابع العسكري في التحول الديموقراطي في السودان.

وتشكّل قوات الدعم السريع مجموعة مجهزة من المرتزقة المتمرسين الذين خاضوا حتى الآن معارك معقدة محلياً ودولياً، ولن يكون من السهل القضاء على هذه المجموعة خصوصاً على الأرض. وتضم هذه القوات ضباطاً سابقين في الجيش والمخابرات، مع قائد يتمتع بصلات عميقة مع القوى الأجنبية على سبيل المثال، مرتزقة فاغنر الروس الذين يتعاملون بالذهب، وهي تحصّن مصالحه الاقتصادية والديبلوماسية. وأتقن محمد حمدان دقلو أسلوب التواصل مع جميع حلفاء البرهان تقريباً، مما أدى الى تعقيد المنظور الدولي بشأن هذا الصراع.

صيغ السودان الحالي بمشروع البشير للرئاسة الذي اعتمد بصورة كبيرة على القمع العسكري للفضاء السياسي والمدني في البلاد. وبينما برع البشير لبعض الوقت في التمسك بالسلطة، ولدت قراراته تهديدات للدولة. وساعدت تحالفات البشير مع الاسلاميين المتشددين على تحويله الى قائد لموجة (الاسلام السياسي) في التسعينيات. كما ساعدته علاقاته مع الجهاديين المتطرفين الذين يتشاركون الولاء معه في الايديولوجية الاسلامية في إنشاء ميليشيات موالية لحماية قبضته على السلطة. واليوم، تهدد المجموعات نفسها الدولة وصولاً الى مستوى انخراط الجيش في نزاع مسلح.

ومكنت الآلية السياسية للساسة أصحاب الأعمال والمصالح، ورسخ نظام البشير السياسيين ذوي العقلية التجارية كأوصياء على السلطة وسمح لهم بتجميع ثروة هائلة أحبطوا بها المعارضين المناهضين للبشير، يضاف إلى ذلك التلاعب بالتحالفات الدولية، على حساب الأمن البشري. وفرض كل ذلك ضغطاً شديداً على الاقتصاد الوطني المتسم بالفعل بوجود فجوة واسعة بين الأغنياء والفقراء. ولتمكين التعويض الاقتصادي من خلال الدعم الخارجي، تم التلاعب بالتحالفات الدولية وخوض لعبة التناقضات مع القوى الاقليمية على أمل الحصول على مساعدات مالية وسياسية.

وبالنتيجة، علق السودان في شبكة من الحقائق المعقدة وتصاعد انعدام الثقة بين الجيش والميليشيات التي كانت تحظى بدعم الحكومة وتمكينها، وغرقت البلاد في عدم اليقين السياسي والاقتصادي والتهديدات الأمنية. والخلاصة أنه في حين أن الجماعات شبه العسكرية قد تكون (ضرورية) لامساك القادة بالسلطة، من غير المناسب (السماح) لها بمراكمة القدرة اللازمة لتهديد الدولة”.

شارك المقال