حضور استثنائي للبنان في روما والفاتيكان

المحرر السياسي

أكثر من عامين على تحرير آخر معاقل تنظيم “داعش” في سوريا، وما زال التحالف الدولي وشركاؤه يحاولون منع عودة التنظيم إلى الواجهة مجدداً، لكنه يطل برأسه في مناطق عدة من منطقة الشرق الأوسط ويقوم بعمليات أمنية متزايدة، ما يشكل تهديداً خطيراً في منطقة ساحل البحر الأبيض المتوسط وفي مناطق مختلفة من إفريقيا وأفغانستان حيث تنامى بشكل كبير في السنوات الأخيرة.

لمواجهة هذا الخطر دعت الولايات المتحدة وإيطاليا الى تنظيم الاجتماع الوزاري للتحالف العالمي لهزيمة “داعش” في روما في 28 حزيران الجاري.

هذا المؤتمر يعد حدثاً في غاية الأهمية لأعضاء التحالف الدولي 83 حيث سيكون الحضور كبيراً، وللمرة الأولى شخصياً وليس افتراضياً منذ جائحة كورونا، أي بعد عامين على آخر اجتماع لهم. وسيكون كذلك على مستوى عالٍ من الشخصيات الوزارية وأبرزها الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبيرغ ووزير الخارجية الأميركية أنطوني بلينكن الذي سيترأس المؤتمر الى جانب نظيره الإيطالي الوزير لويجي دي مايو.

وقالت مصادر ديبلوماسية رفيعة المستوى لموقع “لبنان الكبير” ان هذا المؤتمر سيشكل “اعترافاً بجهود إيطاليا في مكافحة التنظيمات والجماعات الإرهابية عسكرياً ومدنياً، إضافة إلى إعادة تأكيد الالتزام من قبل التحالف الدولي بتحقيق الاستقرار في المناطق المحررة في سوريا والعراق وتعزيز التعاون في مجموعات العمل”.

وسيوفر الاجتماع بحسب بيان وزارة الخارجية الأميركية “فرصةً لتجديد الالتزام الجماعي لأعضاء التحالف بالهزيمة النهائية للتنظيم الإرهابي، وسيسعى الوزير بلينكن إلى تحقيق تقدم في ملفٍ يحمل أهمية دولية بهذا الحجم”.

وعلى الرغم من غياب لبنان عن بعض المؤتمرات الأوروبية وانشغال مسؤوليه بالوضع الداخلي بدل العمل على تحسين أوضاعه وصورته دولياً، فانه سيشارك ممثلاً بنائب رئيس مجلس الوزراء ووزيرة الدفاع ووزيرة الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال زينة عكر، التي ستلقي كلمة حول كيفية مكافحة الإرهاب وهزيمة “داعش” في لبنان، إضافة الى إجرائها سلسلة لقاءات مع عدد من وزراء الخارجية على هامش هذا الاجتماع.

وأعلنت الخارجية الأميركية عن بعض الشخصيات المشاركة في المؤتمر، ومنها المفوض الأعلى لشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الذي زار لبنان مؤخراً.

وأشارت مصادر فرنسية متابعة لـ”لبنان الكبير” الى أن تقرير بوريل الذي رفعه الى الاتحاد الأوروبي في اجتماعات بروكسل يشير الى انطباعات سيئة جداً حيال الوضع في لبنان، لا سيما حيال مسؤوليه من دون أن يستثني أحداً منهم، محملاً كل الطبقة السياسية ما وصلت إليه الأوضاع سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، حيث قال: “إن السياسيين اللبنانيين لا يأبهون لأبناء وطنهم ولا همَ لديهم سوى تبادل التهم وتقاذف المسؤوليات وضرب مصالح بلدهم بعرض الحائط”.

وكانت مواقف عدد من وزراء الدول الأوروبية بحسب المصادر مؤيدة لكلامه، وهذه الانطباعات شكلت مادة دسمة للاتحاد الأوروبي من أجل السعي الجدي لفرض عقوبات على من يعرقلون تشكيل الحكومة ويمتهنون الفساد وانتهاك حقوق الإنسان.

لبنان سيكون حاضراً إذن من بوابة “داعش” في روما، كما سيسمع صوته بعد يومين من هذا المؤتمر في حاضرة الفاتيكان من خلال لقاء البابا فرنسيس مع بطاركة الطوائف المسيحية، بعد أن كان لبنان حاضراً في مؤتمر دعم الجيش اللبناني الذي نظمته فرنسا بالتعاون مع إيطاليا، إلا أن الطبقة الحاكمة تضيع الفرص الدولية الثمينة، لا سيما سعي الولايات المتحدة والدول الأوروبية والعربية لدعم لبنان ومساعدته من أجل الخروج من أزماته، وتستمر في تدميره وانهياره كما تساهم في عزله عن محيطه العربي والغربي لحسابات ضيقة قد تضيع الوطن وتسحبه نحو الهاوية.

لكن السؤال الأبرز يبقى هل سيكون الملف اللبناني حاضراً في محادثات بلينكن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل؟

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً