حدود ملتبسة بين الدولتين “الشقيقتين”

عالية منصور

أثارت قضية الحدود البحرية بين سوريا ولبنان ضجة في الايام الاخيرة. فبعد الاعلان عن قيام النظام السوري بالتوقيع على عقد مع شركة “كابيتال” الروسية لتقوم بالمسح والتنقيب عن النفط، تبين من خلال العقد الموقع بين الطرفين أن الحدود البحرية التي رسمها الجانب السوري مُتداخلة بشكل كبير مع الجانب اللبناني، أي ما يُقارب 750 كيلومترا مربعا داخل الحدود اللبنانية.

وفي وقت لم يصدر اي موقف رسمي  عن الحكومة اللبنانية في هذا الخصوص، اعتبر وزير الخارجية اللبناني شربل وهبة خلال مقابلة تلفزيونية ان ما قامت به الحكومة السورية ليس  “خرقاً” للحدود البحرية، وأن ثمة “مبالغة” حول القضية.

وكشف وهبة عن اتصال بين الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس النظام السوري بشار الاسد، للبحث في ملف ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، مؤكدا ان لبنان ليس “بوارد الهجوم على سوريا”.

وبينما لا تزال قضية الحدود البحرية بين البلدين تتفاعل اعلاميا، جاء كلام الديبلوماسي الأميركي السابق فريدريك هوف، والذي كشف فيه عن ان الأسد أكد له خلال لقاء جمعهما قبيل انطلاق الثورة السورية بأيام، أنّ “مزارع شبعا وتلال كفرشوبا سورية”.

واذا كان ما كشفه هوف يتعارض مع كل ما كان يؤكده نظام الاسد شفهيا منذ العام 2000، بعيد الانسحاب الاسرائيلي من جنوب لبنان، حيث انه ومنذ اليوم الاول للانسحاب تم استخدام ذريعة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا لتبرير بقاء سلاح “حزب الله” حينها بحجة تحرير الارض. ومنذ ذلك الحين، صرح النظام السوري مرارا عن ان المزارع لبنانية، ورفض تكرارا تقديم اي وثيقة تثبت لبنانية هذه الاراضي الى الامم المتحدة، بحجة ان ذلك يخدم اسرائيل، وعلى اسرائيل الانسحاب اولا ومن ثم تحل هذه القضية بين الدولتين “الشقيقتين”.

وفي محاولة لتدوير الزوايا، اتفق المشاركون في مؤتمر الحوار الوطني الأول الذي عُقد بالبرلمان اللبناني في نيسان 2006 بدعوة من الرئيس نبيه بري، على تحديد الحدود بين لبنان وسوريا، وتم إستخدام تعبير تحديد عوضا عن ترسيم الحدود بناء على طلب الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصر الله، بذريعة أن الترسيم يتم بين دولتين متخاصمتين، بخلاف تحديد الحدود بين دولتين شقيقتين.

ولكن بعد 21 عاما على الانسحاب الاسرائيلي، و15 عاما على الاتفاق اللبناني، ما زالت الحدود بين البلدين غير مرسمة ولا محددة، والاغرب انه مع كل الانتهاكات التي يرتكبها نظام الاسد بحق سيادة لبنان، الا ان لبنان الرسمي يتمنع عن اتخاذ اي اجراء لحماية مصالحه من الاعتداءات السورية.

بين “الشقيقتين” سوريا ولبنان كثير من الملفات العالقة، ولكن يبقى موضوع الحدود اخطرها، فسيادة الدول تبدأ بفرض سلطتها على اراضيها، وحماية حدودها، وهذا الانتهاك الدائم والمستمر للحدود من الطرفين ينهك الشعبين ويقتلهما، في ظل غياب كامل لمفهوم الدولة لصالح الدويلة والنظام. أما السيادة، فعلى الجهتين، حدث ولا حرج.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً