اعتبارات شيعية تلجم “صداقة” الحزب والتيار

رواند بو ضرغم

ظن رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل أن باستطاعته تقليب رأي رئيس المجلس النيابي نبيه بري واستمالته إلى تحقيق المطالب الحكومية لفريق رئيس الجمهورية، من خلال وساطة “حزب الله” وتفويض أمينه العام السيد حسن نصرالله الحل، إلا أنه اصطدم بثوابت الرئيس بري الحكومية واعتبارات السيد نصرالله الشيعية.

الأزمة السياسية بين الرئاستين الأولى والثانية لا تزال قائمة وتتمدد وتزيد حدة. فرئيس الجمهورية ميشال عون وصهره النائب باسيل “لا يعترفان أساساً بمبادرة الرئيس بري الحكومية” و”يطالبان بمعرفة بنودها خطياً وبشكل واضح”. ولم يتوانَ باسيل في مؤتمره عن القول: “لا عناصر لهذه المبادرة أو على الأقل ما منعرفها ولا مرة تبلغناها”.

في خطابه الأخير، أعاد السيد حسن نصرالله ترتيب ما خرّبه باسيل، وثبّت مبادرة الرئيس بري الحكومية بوجه رافضيها. أما ادّعاء باسيل بعدم معرفته تفاصيل مبادرة بري، فنقضه السيد نصرالله مؤكداً أنه تم الاتفاق على حكومة الـ24 وزيراً، والتوافق على توزيع الحقائب على الطوائف الأطراف السياسية، وذكره بأن ما بقي عالقاً هو مشاركة التيار الوطني الحر في الحكومة وإعطاؤه الثقة، بالإضافة إلى الوزيرين المسيحيين المتبقيين.

حاول حزب الله تدوير الزوايا عن طريق طرح أفكار جديدة ممكن أن تتناسب مع الطرفين (باسيل بالإنابة عن عون والرئيس المكلف سعد الحريري) ولا يزال الأخذ والرد قائماً، والتنسيق مستمر بين الثنائي الشيعي متمثلاً بالخليلين.

من هذه الأفكار التي طرحت، أن يسمي الرئيسان عون والحريري لائحة بأسماء مسيحية، تودع عند الرئيس بري ليحصل تطابق في اللوائح على اسمين مشتركين، إلا أن رئيس المجلس اشترط أن يجري التأكد من مشاركة “التيار الوطني الحر” في الحكومة وإعطائها الثقة قبل الدخول في بحث الاسمين المسيحيين، هذه العقدة التي يعتبرها الرئيس بري سهل تجاوزها وباستطاعته أن يجد حلاً لها، لأنه والحريري يبديان مرونة في حل هذه العقدة.

ومع ذلك، فإن حسابات الرئيسين بري والحريري لم تتطابق مع بيدر باسيل الذي لا يزال حتى اللحظة يرفض المشاركة وإعطاء الثقة لأنه بدأ العمل على خوض الانتخابات النيابية شعبوياً، على قاعدة معارضة الإجراءات القاسية التي ستواجه الحكومة العتيدة، وإقصاء المسيحيين واستضعافهم وانتزاع حقوقهم من قبل شركائهم المسلمين، هذا بالإضافة الى حساباته الرئاسية ومساعيه لفرض تسويات على غرار التي أوصلت عمه للرئاسة.

اعتقد باسيل أن بإمكانه تمرير ألاعيبه السياسية على الرئيس بري، فاقترح حلاً للوزيرين المسيحيين وحصّل ثمانية وزراء لرئيس الجمهورية، وبقي مصراً على قراره بعدم المشاركة في الحكومة وحجب الثقة عنها، ومن الطبيعي أن يرفض الرئيس بري هذا الاقتراح لأنه لا ينسجم كلياً مع مبادرته الحكومية.

تعددت المساعي الحكومية والعقدة واحدة غير قابلة للحل، وطريق التفاهمات التي ينتهجها “حزب الله” سبقه عليها الرئيس بري ولم ينجح، ليبقى الحل الوحيد بأن يفرض “حزب الله” التنازلات على حليفه النائب جبران باسيل لنشهد ولادة حكومية، وإلا ستبقى الحكومة في مهب الريح، والانهيار سيتفاقم ولن ينجو منه أي فريق سياسي مع مناصريه، ولن يبقى حينها شعب يحكمه باسيل ولا حليفه “حزب الله”.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً