فرنجية رئيسا؟ وصلت اللقمة للتم… ولكن!

ليندا مشلب
ليندا مشلب

مبروك الرئيس…

جملة سمعناها بمجرد ان التقطت صورة مرشح الرئاسة رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية في دارة السفير السعودي وليد بخاري في اليرزة. هذا من طرف محبيه ومناصريه ومؤيدي وصوله، وعلى المقلب الآخر كان الكلام مختلفا: لا تستعجلوا فالمملكة رفعت الفيتو صحيح، لكنها لن تضغط على حلفائها، وموقفها لم يتغير الا لجهة تقبّل اي شخصية تتفق عليها القوى السياسية. اما القراءة الوسطية والمنطقية للمشهد الرئاسي فهي على الشكل التالي:

عقدتان كانتا تحكمان المشهد:

الأولى: العقدة السعودية في التأثير المباشر في رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” النائب السابق وليد جنبلاط وغالبية النواب السنّة بعدم التصويت مع الثنائي لصالح فرنجية.

الثانية: العقدة المسيحية الرافضة لفرنجية نصاباً وتصويتاً، وخصوصا الكتلتان الكبيرتان (“القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”) وبالتالي كان السؤال: كيف سيحصل فرنجية على ٦٥ صوتا على الرغم من ان في حسابات البعض كان يمكن تأمين الـ٦٥ صوتا، لكنه اصطدم بجدار النصاب الـ٨٦؟ ثم ان فرنجية لم يكن بوارد الدخول بمواجهة، وكان يقول دائما: ليس المهم ان اصل، المهم ان اتمكن من الحكم ولا اريد ان اكون امتداداً لعهد ميشال عون.

ما حصل الآن هو التالي: حُلّت عقدة السعودي عندما قالها للفرنسي بصراحة لا مشكلة لدينا بفرنجية لكن “خللي الشباب يحكو مع بعض”، في اشارة الى ان الموضوع عند حلفائنا… ثم اتت الاشارة الثانية من اليرزة في لقاء السفير السعودي مع فرنجية .

فهل قضي الامر وخلصت؟ بالتأكيد لا…

في تجاوز العقدة الأولى، اصبحت أصوات السنّة في سلة فرنجية واذا ما اضيفوا الى الاصوات المضمونة التي تصب في الخانة الخضراء، يصبح عدد الأصوات التي يحصل عليها فرنجية بحدود ٧٠ صوتا.

لكن كيف ستُحلّ العقدة الثانية طالما أن المسيحيين قادرون على تعطيل النصاب وبالتالي كيف سيصل فرنجية؟ وهذه العقدة لا تزال موجودة ولا يستهان بها خصوصا ان كتلتي القوات والتيار يرفضان حاليا اي تسوية، ولا يشغلهما سوى الرئاسة وليس اي أمر آخر، اذ تؤكد المعلومات انهما يرفضان البحث في الملف الحكومي، ولا يكترثان لسلة الحل والدخول في مقايضات، كأن تعرض عليهما حصص وازنة واتفاقات في كل الملفات على اختلافها… لكن فشل الكتل المسيحية بالاتفاق على مرشح واحد بقي الخاصرة الضعيفة، خصوصا ان السعودي في البداية كان يربط ملف الرئاسة بالحكومة بالاتفاق مع الفرنسي، ثم تخلى عن هذا الامر مع انه لم يكن هناك مانع لدى “حزب الله” و”الثنائي” بمعادلة “رئاسة ٨- حكومة ١٤”.

إذاً استعصاء الحالة المسيحية هي المشكلة الكبرى حاليا، اذ تقول مصادر عاملة على خط الحراك الرئاسي لموقع “لبنان الكبير”: “نحن اليوم نحتاج اما لجبران باسيل واما لسمير جعجع لإنجاز الاستحقاق لصالح فرنجية، ليس بالضرورة للتصويت انما لتأمين النصاب… باسيل صعب والقوات اصعب… في عقل جبران وجعجع لا نصاب، وكل من موقعه لديه حساباته الخاصة لكنهما يتفقان على الهدف”.

كيف وضعت مهلة الشهر او الشهر ونصف الشهر لانجاز الاستحقاق؟ تجيب المصادر ان “هذا التوقيت ينبع من الحسابات الفرنسية والقطرية، فعندما يقال لباسيل: اذا ما امنت النصاب رح نمشي بجوزيف عون، تصبح الحسابات مختلفة لأن باسيل يعلم ان العماد عون فزاعة وليس تهديدا جديا طالما ان الثنائي لن يسير به باعتقاده، ثم انه يحتاج الى ٨٦ صوتا للتعديل الدستوري وهذه عقدة أخرى”.

من هنا يرى المصدر ان باسيل بدا في ظهوره الاخير مرتاحا جدا على وضعه. كما ان استحقاق الحاكمية استفاد منه الفرنسي كعنصر ضاغط لمحاولة انتزاع الرئاسة، لكن في لبنان لا شيء بالقوة. من هنا تؤكد المصادر انه على الرغم من هذا الخرق الكبير لا يزال الافق قاتماً، طارحة السؤال: لدى الفريق الاكبر المعركة محسومة لصالح فرنجية لكن كيف سيصل؟

صحيح ان الموقف السعودي اسقط الموانع، لكن من قال ان المملكة مستعدة لخوض معركة من اجل فرنجية او غيره مع المسيحيين أو مع حلفائها، وتجربة الفرنسي ماثلة امامها عندما صبت القوى المسيحية جام غضبها على فرنسا حيث لم تنفعها مقولة “الام الحنون” ولا العلاقة التاريخية بينهما.

تسأل المصادر: لماذا تقدم السعودية اليوم تنازلات في لبنان، ولصالح من؟ واين المصلحة بخوض معركة فرنجية او غيره؟ ولماذا تلزم حلفاءها بالتصويت لفرنجية؟ 

موقف السعودية هذا مرتبط بسياستها الاستراتيجية المستجدّة في المنطقة برمتها، وفي لبنان لن يكون: مع أو ضد، ولا يصح ان يطلق العنان لمخيلات البعض. إذ بالنسبة لجعجع بالتحديد فان وصول فرنجية هو اكبر هزيمة له.

لذا تتوقع المصادر أن يحصل الآتي:

اذا استطاعت القوات ومعها التيار والكتائب الاتفاق على شخصية مسيحية ولو بالشكل (لنقل جهاد ازعور) ونزل نوابها الى جلسة الانتخاب، فهل هناك امكانية ان يؤمنوا لمرشحهم الـ٦٥ صوتا؟ (٦٤ صوتاً مسيحياً اذا أنقصنا منها ٤ اصوات مسيحية تصب عند الثنائي، واضفنا بعض اصوات السنّة طبعا مع الاصوات الاشتراكية التي حسمها جنبلاط ضد فرنجية، يصبح العدد تهديداً، عندها هل يؤمن لهم نصاب الانتخاب؟ بالتأكيد سيتم تطييره. والعكس صحيح). 

وهكذا لن يستطيع اي فريق ايصال مرشحه… وهذا هو السيناريو الضبابي. من هنا الحذر يكبر كلما اقتربنا من الحسم والسؤال القديم الجديد الدائم: “اديش بعد بيحمل البلد؟”.

فالدولة تقوم على مثلث ذهبي: جيش، قضاء، واقتصاد.

الاقتصاد انتهى. القضاء تلاشى. لا يزال هناك الجيش، فإذا عجز بأي لحظة عن فرض الامن طار البلد واصبحنا في مكان آخر وامام سيناريوهات مفتوحة على كل الاحتمالات.

إذاً السعودي خرج من الحلبة، وأكد للجميع ان موقفه: لا ممانع ولا مؤيد، بعدما علّقت عليه كل حجج تعطيل الاستحقاق فنقل الكرة الى ملعب الداخل وما ادراك ما الداخل!

شارك المقال