القمة العربية ومفاجأة “حزب الله”!

عاصم عبد الرحمن

أما وقد انعقدت القمة العربية الـ 32 برئاسة السعودية وحضور القادة العرب أبرزهم الرئيس السوري بشار الأسد، وكما كان متوقعاً فقد حضر لبنان في بيانها الختامي الذي اعتمده محمد بن سلمان تحت مسمى “إعلان جدة”. فما هي المفاجأة التي تلقاها “حزب الله” من هذه القمة؟

أكّد إعلان جدة “التضامن التام مع لبنان”، داعياً إلى “انتخاب رئيس جمهورية يُرضي طموحات اللبنانيين وتشكيل الحكومة في أسرع وقت وإجراء إصلاحات اقتصادية”.

رسالة سياسية عادية ذات طبيعة إنشائية لم تحمل أي جديد يبني عليه اللبنانيون لحل الأزمة الكبرى والتي تبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية على أن ينطلق مسار إصلاحي في البلاد.

عبارات وردت في إعلان جدة إذاً لم تحمل أي مفاجأة في سياق مداولات القمة العربية، إلا أن اللافت هو ما لم يصدر في هذا الاعلان، فعلى عكس البيانات الختامية للقمم السابقة والتي كانت تشدد على تصنيف “حزب الله” بأنه “إرهابي”، لم تأتِ هذه القمة على ذكر الحزب أو اتهامه بعرقلة قيام الدولة اللبنانية أو غير ذلك.

ربما يشكل هذا “اللاإعلان” مفاجأة سياسية تلقاها “حزب الله” ومَنْ يدورون في فلكه، ولكن في الوقت عينه تصب هذه المفاجأة في خانة اللغة التهدوية التي تسود مرحلة ما بعد اتفاق بكين بين السعوديين والايرانيين، وكانت أبرز تجلياتها في إعادة سوريا إلى الجامعة العربية وترافقت مع الحفاوة التي استقبل بها بشار الأسد.

في هذا السياق، يقول الباحث في الشؤون السياسية الدكتور إيليا إيليا لـ “لبنان الكبير”: “إن التهدئة اليوم هي من مصلحة الأطراف كافة خصوصاً بين السعوديين وحزب الله على اعتبار أنه لا يزال موجوداً في اليمن التي تندرج في سلم أولويات المملكة، هذه المصلحة التي تتمثل في رؤية 2030 الاقتصادية والتي تحتاج إلى استتباب الأمن والاستقرار في مقابل حاجة الايراني إلى الانعاش الاقتصادي”.

وعلى وقع الشغور الرئاسي، يتساءل مراقبون عن مدى أهمية الخطاب التهدوي السعودي تجاه “حزب الله” وإمكانية ربطه بتسهيل انتخاب مرشح الثنائي الشيعي سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، في مقابل مَنْ لا يرى حتمية أن يؤدي ذلك إلى تقدم خيار “حزب الله” الرئاسي على اعتبار أن انتخاب الرئيس في لبنان لا يمكن أن يتم من دون تسوية شاملة تهب من الخارج وتلفح روحية المجتمع اللبناني التعددي الذي يفترض ممارسة الديموقراطية التوافقية، وهنا لا بد من أن ينطلق التوافق حول أي من الرئاسات الثلاث من “الطائفة المرجعية لها”.

على الرغم من أهمية وقوف الأشقاء العرب إلى جانب لبنان خصوصاً إبان استفحال أزماته اللامتناهية وهو ما اعتاد عليه اللبنانيون، إلا أن ذلك لا يعفيهم من مسؤوليتهم في الدرجة الأولى من الاتفاق والتوافق في ما بينهم.

شارك المقال