جلسات انتخاب الرئيس… بين القانون والهرج والمرج!

محمد شمس الدين

للشهر الرابع على التوالي، لم يدعُ رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية، فيما الفراغ الرئاسي مستمر منذ 7 أشهر. ويرفض بري الدعوة إلى جلسات يعتبرها مسرحية، وتسيء الى المجلس، بسبب الهرج والمرج اللذين يحصلان فيها، تحديداً أنه في آخر جلسة وضع أحد النواب اسم الناشط ميلاد بو ملهب، الذي صرخ في قاعة المجلس “الله أكبر”، الأمر الذي دفع الرئيس بري الى الطلب من إدارة المجلس منع بو ملهب من حضور الجلسات. هذه الحادثة وما سبقها من حوادث بين النواب أنفسهم، دفعت بري إلى تعليق الجلسات، ولكن هذا الأمر تدينه العديد من القوى السياسية على رأسها “القوات اللبنانية”، التي لا يكاد يمر يوم، الا وتطالب بري بفتح أبواب المجلس وعقد جلسات مفتوحة حتى انتخاب رئيس للجمهورية.

نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي أشار في حديث إذاعي الى أن “رئيس المجلس أراد أن يحمي سمعة المجلس وسمعة النواب بعد الهزل والمرج اللذين سادا في الجلسات السابقة وأعتقد أنه ستكون هناك دعوة الى جلسة قريباً”.

وأكد عضو كتلة “التنمية والتحرير”النائب قاسم هاشم في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “الجلسات الاحدى عشر الماضية كانت مسرحية، ولم يكن هناك امكان أن تكون منتجة، لهذا السبب أراد الرئيس بري أن لا تكون هناك جلسات لا تعبًر عن الدور الحقيقي المطلوب للمجلس في ظروف استثنائية، ولذلك انتظر أن تكون هناك اتصالات على أكثر من مستوى ونقاش بصورة معلنة وغير معلنة بين الكتل والقوى السياسية عله تكون هناك جلسة يمكنها أن تكون منتجة”.

وأوضح هاشم أن “الرئيس بري ينتظر المعطيات نتيجة الاتصالات التي يجريها على أكثر من مستوى، على أمل أن يتأثر الجميع بالايجابيات التي تجري من حولنا للوصول إلى ما يمكن أن يساهم في جلسة منتجة قريباً، يدعو إليها رئيس المجلس في أي لحظة تتوافر لديه المعطيات، وقد طالب الفريق الأخر بأن يسمّي مرشحاً أو أكثر من المرشحين الجديين، لا أن نستمر على المنوال نفسه، عندها يمكن أن تكون الكلمة الفصل لصندوق الاقتراع”.

وأشار هاشم الى أن “ما وصلنا إليه اليوم، يؤكد الحاجة إلى الحوار والنقاش بين الكتل السياسية والنيابية، وهذا ما دعونا إليه منذ فترة طويلة، حتى قبل الوصول إلى مرحلة الشغور، ولكن للأسف هناك من لا يريد الحوار، ويبدو أن البعض يريد الرهان على أمر ما أو مستجدات ما، بينما الشعب هو من يدفع الثمن، بسبب التداعيات الاقتصادية والمالية والاجتماعية للفراغ”.

أما عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب سعيد الأسمر فقال: “هي مهزلة فعلية عندما يكون لدينا دولة تعيش في أزمة اقتصادية خانقة لهذه الدرجة، والمؤسسات الدستورية المولجة بانتخاب رئيس للجمهورية، لا تقوم بواجباتها. هي مهزلة أن يتم تعطيل النصاب لانتخاب رئيس بين جلسة وجلسة، وينتخبون بالأوراق البيض. المهزلة أن نترك بلدنا قابعاً في قعر جهنم يتخبط بالمشكلات ولا نتحرك، بينما عين الصواب والواقع أن نتجه جميعاً إلى مجلس النواب ونبقى فيه حتى ننتخب رئيساً”.

أضاف الأسمر: “نعلم أن الثنائي الشيعي كان بانتظار تهيئة الظروف حتى يتمكن من إيصال رئيس من محوره، هو سليمان فرنجية، وهم يقولون الآن ان لديهم مرشحاً جدياً ويمتلك الأكثرية، ولن يصوّتوا بورقة بيضاء، لذلك نحن ندعوهم، فلننزل إلى المجلس، ولينتخب كل فريق مرشحه، وإن لم تكن أول دورة منتجة، بالتأكيد الثانية ستكون، لأن لا أحد قادر على تحمل هذا الفراغ القائم، وقمة المسؤولية هي أن يفتح المجلس، كي نوصل البلد إلى شط الأمان، الذي يبدأ برئاسة الجمهورية”.

وعن تصريح عضو تكتل “لبنان القوي” النائب آلان عون حول أن التكتل قد يصوّت بورقة بيضاء في حال تمت الدعوة إلى جلسة الآن، لفت الأسمر الى أن “هناك فريقاً اليوم لديه مرشح جدي اسمه سليمان فرنجية، والفريق الآخر لديه أكثر من مرشح، وهو ينتظر أن تفتح الجلسات ليعلن عنهم، وبالتالي التيار الوطني الحر هو من يتحمل مسؤولية تصرفه بهذه الطريقة، ومجلس النواب ليس ملزماً بانتظار التوافق، أصلاً العملية الدستورية ليست هكذا، المنطق والقانون يقول انه يجب أن يفتح المجلس، كي يظهر من يعطل ومن ينتخب بورقة بيضاء، والتيار إذا استمر في هذا المسار، والتصرف بقلة مسؤولية، فالناس ستحاسبه، وسيظل يحمل تبعات السنوات الست التي وصل فيها البلد إلى هذه الحال”.

دستورياً، وبالنصوص، “القوات اللبنانية” على حق، العملية الديموقراطية لا تتطلب أي توافق مسبق، ولكن تنقسم الآراء حول صوابية الجلسات من عدمها، بحيث يعتبر البعض أن الهرج والمرج في المجلس يسيء الى دور المجلس وسمعته، بينما يرى البعض الآخر أنه حتى لو كان رئيس المجلس يعتبر الجلسات مسرحية ومسيئة، فمن واجبه أن يعقدها، ولا يتخطى صلاحياته المنصوص عنها في الدستور. ولكن على أي حال، مع جلسات أو من دونها، لم تكتمل طبخة الرئاسة بعد، ومهلة 15 حزيران تقترب شيئاً فشيئاً، فهل يصحو ضمير القوى السياسية وتتراجع عن التعطيل؟

شارك المقال