خبر توقيف “قيادي” بارز في “القاعدة” يقلق طرابلس؟

إسراء ديب
إسراء ديب

فتح بيان الجيش اللبناني منذ أيّام، بوابة الحديث عن تنظيم “القاعدة” في لبنان، وتحديداً في طرابلس بعد إعلانه “توقيف قيادي بارز في تنظيم القاعدة في بلدة دير عمار، وهو ط.م. أحد مؤسسي خلايا هذا التنظيم في البلاد”، مشيراً إلى أنّ “القيادي كان على ارتباط وثيق بقادة التنظيم ثمّ توارى عن الأنظار عام 2007 بعد معركة شرسة بين الجيش وفتح الاسلام، وأنّ التحقيق مع القيادي لا يزال مستمراً بإشراف القضاء المختص”.

أثار هذا الخبر قلق الكثير من الطرابلسيين الذين لا يرغبون في عودة المشهد السياسي والعسكري الذي كان قد تسلّط على المدينة في تلك الفترة الزمنية، فيما رأى آخرون أنّه خبر مثير للسخرية لا سيما بعد مرور سنوات طويلة لم يتمّ فيها الوصول إلى هذه الشخصية التي ألقي القبض عليها في بلدة دير عمار وهي طارق المير، كما لم يتمّ التطرّق إلى تفاصيل عملها التي توصف عادة في هذه الحالات بـ “الارهابية”.

إنّ هذه الحركة العسكرية لم تكن مرفوضة شمالاً، إذْ لا يُبدي الطرابلسيون والشماليون رفضاً لأيّ خطوة تُحارب المخلّين بالأمن العام، وهذا ما دفع أهالي بلدة مارتوما العكارية عموماً، وعشيرة آل المير خصوصاً الى إصدار بيان أكّدوا فيه أنّهم علموا من وسائل الاعلام هذا الخبر، مع تشديدهم على أنّه إذا “ثبت انتماء المير الى هذا التنظيم الارهابي في التحقيقات التي تجريها قيادة الجيش، فإنّنا نتبرأ منه ومن جميع أفراد هذا التنظيم الارهابي مهما كانت الأسباب، ونشدّد على أنّ لا صلة لنا بهذه التصرفات…”.

وفي تفاصيل الخبر، أكّد مصدر مطّلع على هذا الملف لـ “لبنان الكبير”، أنّ “المير كان مطلوباً بدعوى قديمة وتمّ الادّعاء عليه عام 2007، وصدر الحكم ضدّه عام 2010 وهو حكم غيابي بالمؤبّد بتهمة الإرهاب لا سيما بعد أحداث فتح الاسلام، واتهم حينها حوالي 100 شاب بالارهاب، وبعد محاكمتهم خرج بعضهم من السجن، لكن من المستغرب عودة اسم المير إلى السطح من جديد في هذه الظروف وبعد كلّ هذه الأعوام، خصوصاً وأنّه لم يقبض عليه سابقاً وكان متوارياً عن الأنظار، وحين تمّ توقيفه منذ أيّام، ألقي القبض عليه عند حاجز دير عمار لا عبر مداهمة مكان إقامته مثلاً، أيّ أنّه كان يدخل ويخرج من مكان إقامته كيفما ووقتما يشاء، ولو كان العناصر قد داهموا منزله أو مكانه لكان منطقياً أكثر في تهمته”.

وإذْ رأى أنّ مخابرات الجيش كانت تعرف مكانه قطعاً وتعلم بتنقلاته، لفت إلى أنّ أي ملف آخر لا يسجل ضد المير خلافاً لما قيل أو نشر، إذْ كان بيان الجيش ذكر أنّ “الموقوف كان على ارتباط وثيق بقادة التنظيم، ثم توارى عن الأنظار في العام 2007 بعد معركة نهر البارد ليعود ويؤدّي دوراً حساساً بعد ظهور تنظيمَي داعش وجبهة النصرة، فارتبط بالمجموعات الإرهابية التي نشطت شمال لبنان، وعمل على إيواء أحد أخطر قادتِها بعد معركة طرابلس في العام 2014 حين اتحدت هذه المجموعات لقتال الجيش اللبناني في أحياء مدينة طرابلس وبلدة بحنّين…”.

وقال: “بعد 13 عاماً ألقي القبض على شخصية متوارية بتهمة الانتماء إلى تنظيم كان قد انتهى منذ أعوام، لا سيما بعد مقتل زعيمه أيمن الظواهري أمير التنظيم وخليف أسامة بن لادن، فلو كان ينتمي مباشرة إلى داعش أو النصرة وقام بعمليات إرهابية من الشمال لكان من السهل فهم هذا الموضوع، لكنّ العنوان الذي نشرته القيادة بعنوان (توقيف أحد أبرز قادة تنظيم القاعدة ومؤسسي خلاياه في لبنان)، أثار تهكم البعض وهذا ما عبّر عنه بعض المعنيين الذين رأوا الخطأ الواضح في العنوان الذي يُخيّل إليك أنّه أوقف بتهمة انتمائه إلى التنظيم الذي لا يزال موجوداً على أرض الواقع ويتعامل معهم، فلو كُتب أنّه تمّ إلقاء القبض أو توقيف إرهابي أو متوارٍ عن الأنظار، لكانت مقبولة أكثر، وإلّا لكان عليها إلقاء القبض عليه منذ أكثر من 10 سنوات وليس الآن”.

أضاف: “إنّ الرجل الذي قيل انّه ترأس هذا التنظيم حينها، تمّت محاكمته لمدّة 3 أعوام وخرج من السجن، وبعد كلّ هذه السنوات، لماذا تمّ اختيار توقيف لا مداهمة منزل المير الآن؟ خصوصاً وأنّ بطلان الحكم الغيابي قد يزول بعد 20 عاماً تقريباً أيّ يسقط عبر الزمن، فهل كانت فقاعة إعلامية وبطولة عسكرية جديدة لهدف سياسي؟ هذا ما لا ندركه حالياً لكنّنا لا نريد المزيد من التشويه لصورة المدينة التي تتأثر قطعاً بهذه الأقاويل”.

وأكد أن “الطرابلسيين يريدون مع بداية الموسم الصيفي، أن يجدوا متنفساً لهم وهم يُحاولون قدر المستطاع جذب الزائرين ولو باللحم الحي، وبالتالي إنّ الحفاظ على أمن المدينة واستقرارها يبقى من أولوياتها لكن لا على حساب أبنائها وسمعتهم، فمداهمة أيّ مخالف أو متعدّ حقّ لكن لا بتهم واهية وببطولات وهمية يُزيّنها التضخيم الإعلامي الذي يسبق الانتخابات الرئاسية حالياً”.

شارك المقال