الصايغ لـ”لبنان الكبير”: البابا خائف على مصير لبنان

هيام طوق
هيام طوق

أكد مستشار الرئيس سعد الحريري داوود الصايغ أن “الفاتيكان مهتم بلبنان، لكن يجب أن ينتبه الجميع إلى أن وسائل عمل الفاتيكان واسعة، لكنها معنوية أي محدودة إذ لا يستطيع الفاتيكان تأليف حكومات، ولا حل النزاعات”، معتبراً أنه “عندما يقول البابا فرنسيس أن لبنان يعاني من أزمة وجودية، هذا يعني انه خائف على مصير لبنان، وبالتالي على اللبنانيين، إيجاد الحلول، وليتصالحوا في ما بينهم. ويجب أن نبقى متمسكين بالفاتيكان”.

كلام الصايغ جاء خلال حديث أجراه معه “لبنان الكبير” حول قدرة الفاتيكان على مساعدة لبنان لانتشاله من أزماته عشية انعقاد جلسات حوار ونقاش بين القادة الروحيين وقداسة البابا في يوم صلاة طويل على نية لبنان كما تحدث عن العلاقة التاريخية بين لبنان والفاتيكان.

وأوضح الصايغ أن “علاقة لبنان بالفاتيكان قديمة، تعود إلى ما قبل الاستقلال، لكنها اتخذت شكلها الحديث بعد الاستقلال عندما أصبح هناك قاصد رسولي رسمي بعدما تم الاعتراف بلبنان المستقل. وصار لبنان الذي هو صيغة فريدة في منطقة الشرق الأوسط ، يتطور في ضمائر الباباوات الذين رأوا فيه كياناً مميزاً يجمع بهذا التنوع البشري بين المسيحيين والمسلمين”.

ولفت إلى أن “لبنان قيمة فاتيكانية بحد ذاته حتى إن البابا الراحل يوحنا بولس الثاني اعتبره رسالة للشرق كما للغرب في التنوع والحرية والديمقراطية، وهذا ما لم ينتبه إليه الكثيرون. قداسة البابا يقول إن لبنان رسالة للغرب وليس فقط للشرق”، مشيراً إلى أنه “خلال سنوات الحروب اللبنانية، عمل الفاتيكان كثيراً للمساعدة، لكنه لم يستطع إيجاد الحلول لأن الفاتيكان رغم أنه أكبر قوة معنوية في العالم، إلا أن وسائل عمله ديبلوماسية ومعنوية بما معناه أنها محدودة”.

وعن العلاقة التي كانت تربط الرئيس الشهيد رفيق الحريري بالفاتيكان، والتي ساهم الصايغ في فتح طرقاتها، أوضح أن “الرئيس الحريري وصل إلى السلطة سنة 1992، ووفق التقليد التاريخي المعروف، كان يريد التحاور مع طرف مسيحي، لكن الرئيس أمين الجميل والعماد ميشال عون حينها كانا في باريس، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع كان في السجن، فنسج الحريري علاقة على محوري بكركي من جهة، والكرسي الرسولي من جهة أخرى”، مشيراً إلى أن “اول لقاء للحريري مع البابا يوحنا بولس الثاني كان في نيسان 1993، وهذا اللقاء أسس لما بعده، وكانت الكيمياء قائمة بين الرجلين، وكان البابا متفاهماً مع الحريري . وقال قداسة البابا حينها للحريري: أنت المسؤول. وبالتالي أصبح الحريري، اللبناني والعربي والمسلم، محاوراً للبابا. ومنذ ذلك التاريخ، أصبح رئيس وزراء لبنان يقابل البابا ولو مرة في السنة مع أن كل رؤساء الدول والحكومات يقابلون البابا مرة في العمر”.

أضاف: “انعقد السينودوس من أجل لبنان سنة 1995، وقام البابا يوحنا بولس الثاني بزيارة تاريخية إلى لبنان في أيار سنة 1997، ونشر الإرشاد الرسولي”، لافتاً إلى أن “الزيارة التاريخية كانت ناجحة جداً لدرجة أن الفاتيكان أطلق عليها الزيارة الأعجوبة. واستمرت اللقاءات بين الحبر الأعظم والرئيس الحريري وصولاً إلى استشهاده، وبعدها بشهر توفي البابا يوحنا بولس الثاني، لتستمر العلاقة مع الرئيس سعد الحريري مع الباباوات المتعاقبة، مع هذا البيت المسلم، المعتدل الذي يؤمن أن الحوار مع الفاتيكان، ومع المراجع الدينية المسيحية هي من الأسس التي يقوم عليها لبنان”.

وأوضح أن “البابا كان يتعامل مع رئيس حكومة لبنان، لكن العلاقة أخذت طابعاً عائلياً وشخصياً كون الحريري الشهيد كان لديه حضوره العربي والإقليمي والدولي. لهذا السبب، عرف قداسة البابا قيمة هذا الرجل، وتأسف كثيراً لاستشهاده، وأرسل رسائل تعزية للبطريرك الماروني وللسيدة نازك الحريري”، مشدداً على أن “الرئيس الشهيد أسس لعلاقة متينة مع الكرسي الرسولي”.

وأكد أن “الفاتيكان مهتم بلبنان أمس واليوم وغداً لكن يجب أن ينتبه الجميع إلى أن وسائل عمل الفاتيكان واسعة، لكنها معنوية أي محدودة، إذ لا يستطيع الفاتيكان تأليف حكومات، ولا يستطيع حل النزاعات إلا إذا طلبوا وساطته، وطلب الوساطة له أصول”، مشدداً على أن “الفاتيكان لا يدخل في محاور. إنه القوة المعنوية الوحيدة في العالم الذي ليس لديها مصالح بينما كل الدول التي تتعاطى بشؤوننا لديها مصالح. البابا يستطيع التواصل مع أميركا وفرنسا والاتحاد الأوروبي، ولكن يعمل قبل كل شيء مع اللبنانيين أنفسهم”.

واعتبر أن “للفاتيكان دوراً كبيراً، لكنه لا يستطيع العمل لوحده، وهذا ما أكده الفاتيكان كما أكده الرئيس الفرنسي ووزير خارجية الاتحاد الأوروبي. إذاً الحل بين أيدي اللبنانيين، ولا يجوز أن ننتظر الحل من الخارج بما فيه الفاتيكان”.

ورأى الصايغ أن “يوم الأول من تموز هو يوم للصلاة، وستطرح الهواجس، والفاتيكان طاقة معنوية كبيرة، يستطيع أن يحمل قضيتنا للذي يريد أن يسمع، والدول التي لديها مصالح لا تسمع”، مؤكداً أنه “عندما يقول البابا إن لبنان يعاني من أزمة وجودية، هذا يعني أنه خائف على مصير لبنان، وبالتالي على اللبنانيين إيجاد الحلول، وأن يتصالحوا في ما بينهم. ويجب أن نبقى متمسكين بالفاتيكان”.

شارك المقال