كتب العريضي… وقرأ وهاب

المحرر السياسي

لقاء خلدة الأخير أكَّد تَصَدُّر وليد جنبلاط الزعامة في الجبل وتقدّمه خطوات أمام طلال أرسلان ووئام وهاب، اللّذين لا يرى فيهما خصومة أو منافسة إن على الساحة الدرزية أو على الساحة الوطنية المفككة بمؤسساتها المهترئة وانهيارها الشامل بفعل العقم السياسي الذي يحول دون تشكيل حكومة إصلاحات؛ الأمر الذي دفع جنبلاط لخلع ثوب الاصطفاف والإشارة بوضوح إلى كافة المعرقلين بصرف النظر عن التحالفات السياسية التي تربطه بهم.

مواقف جنبلاط الأخيرة فتحت الباب لمن أراد تصريفها في غير مكانها، فصار الترويج لعودته إلى سوريا من باب خلدة التي شارك في لقائها ووجهه بالاتجاه الذي يريد شكلاً ومضموناً، وتحت قاعدة مفادها أن التضحيات لأجل السلم والحوار والمصالحة مهما كبرت تبقى رخيصة أمام مغامرة العنف.

فالخوف من مغامرة دم جديدة داخل البيت الدرزي دفعت جنبلاط للمشاركة في لقاء خلدة. فالاهتراء الاجتماعي والاقتصادي الحاصل من شأنه كبّ الزيت على نار الانقسامات والاحتقان مما يعبّد الطريق أمام العنف.

اللقاء بحسب مصادر “الاشتراكي” و”الديمقراطي” و”التوحيد”، كان لا بدّ منه لطي صفحات أليمة وتقديم معالجة دقيقة وواضحة لإشكالات داخلية ما زالت ترخي بثقلها على المجتمع الدرزي.

نزع فتيل الفتن الداخلية، وتحصين الجبل من أية محاولات لإدخاله في مغامرات الدم، ثابتتان أساسيتان لدى جنبلاط وأرسلان ووهاب. ومع ذلك، يبقى لكلٍ منهم حسابات خاصة ونقاط أراد أرسلان ووهاب تسجيلها.

تَقَدُّم وليد جنبلاط على أرسلان ووهاب يأتي من الواقع المتمثل بغياب نيّة جنبلاطية لصرف لقاء خلدة في السياسة أو ربطه بانتخابات نيابية أو خطة سياسية. وليد جنبلاط ناقش شؤوناً محض درزية مطوِّقًا كافة النقاشات التي من شأنها أن تأخذ اللقاء إلى مكان ذي بعد سياسي. فاللقاء ليس بين زعامات ثلاث، وهذا ما أكده جنبلاط بالممارسة إذ اصطحب معه غازي العريضي ليكسر ثلاثية اللقاء التي من شأنها تكريس وجود ثلاث زعامات.

وبمعرض الحديث عن “الزعامات” يبقى الوزير السابق وئام وهاب حديث في “القيادة” فقد بدأ مسيرته السياسية في صفوف “الاشتراكي” حيث شغل عدّة مناصب، وشارك في عدّة مؤتمرات مهمة مَثَّل فيها الحزب. من هنا، يصعب اعتبار وهاب زعيمًا حتى هذه اللحظة على الأقل. وقد اتضح ذلك جليًا في اللقاء، حيث تلا وهاب بيان الاجتماع الذي كتبه العريضي وواجه صعوبةً في فهمه ليكون السؤال: كيف لزعيم سياسي أن يقرأ ما كتبه “معاون نظيره” إن أرسينا منطق الزعامات؟

أن يكتب العريضي ويقرأ وهاب خطوة كانت كفيلة للقول إن وهاب ليس بمنزلة جنبلاط، حتى ولو كان هو من بادر لطرح فكرة هذا اللقاء الثلاثي الذي ظنّ فيه فرصةً لتثبيت زعامته.

لكنّ إصرار جنبلاط على قطع الطريق أمام صرف اللقاء في غير مكانه، وضع حدًّا لطموحات وهاب وتطلعات أرسلان والجهة التي تقف خلفهما.

شارك المقال