ثلاثة مرشحين والرئيس رابعهم!

عاصم عبد الرحمن

كثيرةٌ هي المحاولات الجارية من أكثر من طرف داخلي لتحقيق خرق ما في جدار الأزمة الرئاسية التي تزداد تعقيداً على وقع استفحال الأزمات متعددة الأوجه مع ما يتهدد المؤسسات من تسلل للشغور إليها، فما هو السيناريو الأكثر توقعاً حصوله لانهاء الشغور الرئاسي؟

في ظل تمسك الثنائي الشيعي “حزب الله” وحركة “أمل” بترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، تكاد القوى المسيحية الرئيسة حزب “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” و”الكتائب” والتي لا تلتقي سوى على معارضة فرنجية، أن تتفق على ترشيح الاقتصادي جهاد أزعور لتذهب به مجتمعةً إلى جلسة انتخاب رئاسية متوقعة في 15 حزيران المقبل كحد أقصى على ما طرحه رئيس مجلس النواب نبيه بري.

وعليه، يُتوقع أن تعقد جلسة انتخاب رئاسية في منتصف حزيران يُصوّت فيها لكل من سليمان فرنجية وجهاد أزعور أحدهما مرشح فريق الممانعة ومَنْ يدورون في فلكه والآخر مرشح القوى المعترضة على فرنجية وفق تعبير كل من الفريقين، وأمام رفض أكثر من طرف سياسي التصويت لأي من المرشحين على اعتبار أنهما يشكلان تحدياً لكل فريق، فمن المتوقع أن يفشل المرشحان في بلوغ عتبة الـ 65 صوتاً حتى في جلسة انتخاب ثانية. وفي هذه الحال ينسحب كل من المرشحين إفساحاً في المجال أمام التوافق على مرشح يجمع عليه اللبنانيون ويشكل مخرجاً تسووياً لانهاء أزمة الشغور الرئاسي، المتوقع أن يمدد إلى حدود أواخر العام الحالي بفعل تعنت الفرقاء السياسيين وتمسكهم بشروطهم التعجيزية التي لا تأبه لحال اللبنانيين الذين يئنّون تحت وطأة الانهيار المالي والاقتصادي الشامل وغير المسبوق.

إذاً، سليمان فرنجية وجهاد أزعور مرشحان مطروحان من فريقين متخاصمين يصنّفان من بعض القوى السياسية مرشحيْ تحدٍ لكل فريق، من هنا ستتوجه بعض هذه القوى إلى خيار المرشح الثالث وهو “الورقة البيضاء” في تعبير صارخ بوجه محاولات فرض خيارات رئاسية لا تريد من خلالها الدخول في دهاليزها السياسية الضيقة، ومن المتوقع أن تصوّت كتلة “اللقاء الديموقراطي” وكذلك بعض النواب المستقلين وهو ما أعلنه النائب ميشال ضاهر بورقة بيضاء؛ حالٌ ترشحي لا شك سيقود الجميع إلى البحث عن واقع انتخابي توافقي تسووي وفق قاعدة “أن تأتي متأخراً خيرٌ من ألَّا تأتي أبداً”، ريثما يمضي صيف السياحة الموعود.

صيفٌ سياحي واعد إذاً ينتظره اللبنانيون ربما تهدأ معه الجهود الرامية إلى إنهاء الشغور الرئاسي، ذلك أن موسم الاصطياف المقبل ووفقاً لعدد الحجوزات الهائل ينبئ بدخول كميات كبيرة من الدولار الطازج الذي من شأنه أن ينعكس إيجاباً على الوضع الاقتصادي والعملة الوطنية بصورة مؤقتة.

ولكن بعد مضي الصيف السياحي المنتظر، وتسلم نائب حاكم مصرف لبنان وسيم منصوري مهام الحاكمية ينطلق عداد آخر سيُعمل بموجبه داخلياً بين القوى السياسية وخارجياً بين الدول التي ستتفرغ للملف اللبناني خصوصاً الولايات المتحدة وذلك بعد البت في أكثر من ملف في المنطقة، ولا شك في أن محاولات رئاسية جديدة وجدية ستقود إلى انتخاب قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية وفق تسوية سياسية – اقتصادية عنوانها إطلاق مسار الحلول المنتظرة.

تتعدد السيناريوهات الرئاسية والنتيجة واحدة شغور متوقع تمدده حتى أواخر العام في ظل انقسام عمودي بين القوى السياسية الداخلية التي تنتظر إلباسها ثوب التسوية من الخارج، فهل تصح التوقعات المتداولة أم للميدان اللبناني سيناريو آخر؟

شارك المقال