زيارة حمية إلى طرابلس… تساؤلات حول الأهداف والنتائج

إسراء ديب
إسراء ديب

أثارت زيارة وزير الأشغال العامّة والنقل في حكومة تصريف الأعمال علي حمية إلى مدينة طرابلس ورصده حال مرفئها، الكثير من التساؤلات، إذْ انقسمت الآراء بين مؤيد لزيارة قد تدعم المرفق الحيوي للمدينة، وبين من يرى أنّها زيارة “ناقصة” تحتاج إلى خطوات فعلية تتضمّن مشاريع مختلفة تصبّ في مصلحة المدينة.

وبعد جولته في أرجاء مرفأ الصيادين في طرابلس ومعاينته مشكلة تجمّع المياه الآسنة في حوض الميناء، ورعايته حفل استقبال سفينة التدريب البحري “عايدة 4” التي رست على الرصيف رقم “5” في مرفأ طرابلس، والتابعة للأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري في جمهورية مصر العربية، لم يتوقف بعض الطرابلسيين عن الحديث حول ضرورة تحقيق الوزير حمية، بعض الانجازات ولو كانت بسيطة في سبيل هذه المدينة التي رحّبت بوجوده على أراضيها.

عموماً، لم يُشكّل الوزير حمية على الرّغم من انتمائه السياسيّ المعروف عنصراً استفزازياً لأبناء المدينة كغيره من الوزراء أو النواب، فقد رحّبوا به وبزيارته إلى طرابلس “العزيزة” كما أطلق عليها، وغنّى له أحد الصيادين أغنية “يا ريّس” في الميناء، بطريقة مضحكة ومعدّلة لتتضمّن طلباً منه بأهمّية تحسين أوضاع مرفأ الصيادين الذي يشهد تلوّثاً كبيراً بسبب “المجارير” المسيطرة على هذه المنطقة والتي دفعت بعض الصيادين إلى الامتناع عن الصيد بالقرب منها نظراً الى تراكم المياه الآسنة التي تترك رائحة كريهة وأدّت إلى نتائج أقلّ ما يُقال عنها انّها “كارثية”.

وكان أحد الصيادين أشار إلى كمّية التلوّث المحيطة بالقوارب عبر خشبة أظهرت ارتفاع حجم “الطين أو التراب الأسود” الناتج عن الصرف الصحي الذي يعوق حركة المراكب التي قد تتأذى بهذه التراكمات الخطيرة من جهة، وينعكس مباشرة على الأسماك وصحة الانسان فيما بعد من جهة ثانية، الأمر الذي دفع بعض الصيادين للتوجه إلى بقعة أعمق وأبعد بهدف الصيد السليم. وقام الوزير بتوجيه الاستشاري في مرفأ طرابلس للقيام بدراسة تعالج هذه الأزمة “على أن يُصار إلى إعداد دفتر شروط وإرساله إلى هيئة الشراء العام لاطلاق مناقصة لتعزيل الحوض”.

إنّ هذا التوجيه الذي رآه البعض خطوة ضرورية تحدّ من تطوّر آفات التلوّث في هذه المنطقة، يشكل “حسن نية” تجاه المواطنين رغبة في تلبية ندائهم ومتابعة أزماتهم التي يُواجهونها، لكنّه لم يمنع آخرين من الاعراب عن قلقهم من تأخّر هذه الاجراءات التي تنعكس مباشرة على صحة الناس والثروة السمكية، إذْ اعتبر البعض أنّ زيارة الوزراء غالباً ما تكون قائمة على الوعود والعهود، فيما لفت بعض الطرابلسيين إلى أنّ زيارة الوزير كان ينبغي أن تكون شاملة لأبرز الملفات التي تتضمّن عمل الوزارة.

باختصار، وبعد رصد آراء عدد من المدنيين يتضح تعليقيْن أساسيين: أوّلاً، لا يُخفي معظم المواطنين رؤيتهم الايجابية لزيارة حمية خصوصاً إلى مرفأ طرابلس الذي يرون أنّه متين ومتطوّر، لكنّه يحتاج إلى دعم رسميّ بصورة أكبر، وبالتالي إنّ حضوره وحديثه عن تطوير مرفأي طرابلس وبيروت يُشير إلى عدم الرّغبة في التخلّي عن هذا المرفق الاقتصاديّ الحيوي الذي تتمسّك به طرابلس تحديداً، في وقتٍ تضعف وتتراجع فيه مرافق أخرى شمالاً، وبالتالي إنّ النظرة “التفاؤلية” تبقى طاغية على هذه الزيارة من جهة الأهداف والنتيجة أيضاً، مع العلم أنّ هذا المرفأ كان قد تلقّى وعوداً بالتطوير والتحسين على يدّ الدّولة وعلى ألسنة وزراء أشغال سابقين، فكان الفضل للخارج في ذلك.

ثانياً، لا يُغفل طرابلسيّون أهمّية عدم تجاهل حمية لاعادة تحسين الطريق الدّولي في المدينة المتجه إلى العاصمة، لا سيما عند البحصاص مروراً بالبالما ووصولاً إلى شكا، حيث تكثر الحفر بطريقة تستفزّ كلّ الزائرين والمواطنين الذين يُرصد الكثير منهم يومياً على الأرصفة أو على الهامش الأيمن من الطريق وهم يطلبون المساعدة لتصليح دواليبهم التي “خرجت عن طورها” بسبب رداءة هذه الطرقات التي لم تُعبّد منذ أعوام وتكثر فيها المخالفات بلا حسيب أو رقيب، ما يضع الوزارة أمام مسؤولية كبيرة لا بدّ لها من تحمّلها في طرابلس كما غيرها من المدن أو القرى التي تواجه هذه المشكلة نفسها أيضاً لكن بنسبة متفاوتة.

شارك المقال