نكد باسيل في زمن النكبة

رواند بو ضرغم

لا يوفر رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل مناسبة إلا ويعمق انعزاله السياسي أكثر فأكثر، حيث اغتنم فرصة الجلسة التشريعية لإطلاق مزاعمه الاتهامية، حكومياً، للتصويب على الرئيس المكلف سعد الحريري وداعمه الأبرز رئيس المجلس النيابي نبيه بري.

فقد قال باسيل: “الأكيد انه لا يجوز الاستمرار كما نحن…على رئيس الحكومة المكلّف أن يحسم أمره إذا كان يريد أن يؤلّف أو أن يعتذر، وبحال استمرّت المماطلة، على المجلس النيابي أن يحسم أمره، امّا بتعديل دستوري لوضع المهل أو باستعادة القرار، والّا فليعلن عجزه وينهي ولايته بتقصير مدّتها…ما منقدر نكفّي هيك”.

كلام باسيل كان قد سبقه نفور بينه وبين رئيس المجلس خلال الجلسة، حيث افتعل مشكلة بقوله: “هالقد مش قادر تحملني”، فرد الرئيس بري عليه بالقول: “تفضل تحملتك كتير”. فخرج بعدها باسيل ليقول أمام الصحافيين: “بعد بدّو يتحمّلنا كتير، جيلنا تحمّلهم كتير قبل وهلّق هن عليهم يتحمّلونا كتير لقدّام. نحنا تحمّلناهم لورا وهن بدّهم يتحمّلونا لقدّام.  هيدي طبيعة الحياة، بدّنا نتحمّل بعضنا”.

يتصرف باسيل على قاعدة النكد السياسي، وكأن البلد في أفضل حال والمواطنين ينعمون برفاهية اجتماعية ومعيشية وأمنية، فيحرق المبادرة تلو الأخرى ويطيح بفرص تأليف الحكومة، بدءاً من العبث في نتائج مفاوضات الرئيس الحريري مع رئيس الجمهورية ميشال عون على مدى 18 جلسة، ومن بعدها إفشال مبادرة الرئيس بري وصولاً إلى  إغراق حليفه “حزب الله” بمستنقع شروطه.
في المعلومات لا جديد في مبادرة “حزب الله” ولا تقدم حكومياً على أي مستوى.

ماذا ينتظر باسيل بعد ليتيقن أنه معزول سياسياً، وحتى حليفه “حزب الله” بات يترقب انتهاء عهد ميشال عون ليفك التزامه معه؟

ففي جلسة انتخاب عضو بديل عن القاضي الراحل انطوان بريدي في المجلس الدستوري، نال مرشح التيار الوطني الحر القاضي ألبير سرحان أصوات كتلتي لبنان القوي والوفاء للمقاومة فقط… هذه الجلسة الانتخابية المصغرة صالحة لأن تكون نموذجاً عن جلسة انتخابات رئاسية يكون مرشحها جبران باسيل، إذ ثبت أنه لن يأخذ غير أصوات كتلته، هذا وإن حصل على أصوات كتلة الوفاء للمقاومة، وهذا مستبعد لأن ما جناه “حزب الله” من عهد الرئيس ميشال عون يصلح لأن يكون درساً حتى لا يتكرر.

تغاضى بري عن كل المماحكات السياسية التي افتعلها باسيل في جلسة مجلس النواب، ولم يتوقف عند انسحاب كتلة الجمهورية القوية من الجلسة التشريعية، فأصر على استكمال مهام مجلسه التشريعي، من خلال إقرار كل القوانين الأساسية وعلى رأسها البطاقة التمويلية بعد أن بات الشعب اللبناني بأكمله تحت خط الفقر المدقع.

ووفق المعلومات فقد استبق الرئيس بري الجلسة وانتزع تعهداً من رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب بالتزام تنفيذ إجراءات البطاقة، حيث تلا بري كتاب دياب الذي تعهد خلاله بتنفيذ برنامج ترشيد الدعم وعزم الحكومة اتخاذ إجراءات البطاقة التمويلية بمعدل 93 دولاراً نقداً أو  126 دولاراً، أما كيفية توزيع أعباء وتمويل البطاقة وآلياتها وكيفية التسديد ستبقى على عاتق الحكومة وليس على عاتق المجلس النيابي.  وأشار الرئيس بري في موضوع تمويل البطاقة إلى أن صندوق النقد الدولي قرر بشكل عام وتجاه البلدان التي لديها تأمينات في الصندوق أن يعيدها لأصحابها ولبنان حصته من هذا الموضوع 900 مليون دولار..

وبما يخص معايير المستفيدين من البطاقة، فإن لجنة وزارية تحددها، وتستثنى الأسر المستفيدة من برامج مساعدات أخرى، على أن يسجل مقدم الطلب اسمه على المنصة ويرفع عنه السرية المصرفية تلقائياً.

وسُجل هجوم سياسي عنيف من نائب رئيس المجلس إيلي الفرزلي على حكومة تصريف الأعمال التي يقع على عاتقها تحديد المستفيدين والتفاوض مع الجهات الدولية لتمويلها ، معتبراً أن المجلس النيابي يعاني حالياً نتيجة قرار هذه الحكومة بالاستقالة وانهيار البلاد ورفع الدعم وعدم سداد اليوروبوندز وغيرها من القرارات اللامسؤولة.

وإضافة إلى  البطاقة التمويلية، أقرت الهيئة العامة قانون الشراء العام، وتمديد المهل إلى نهاية عام 2021، ومن القوانين المنصفة للمواطنين التي أقرها المجلس النيابي هو إلزام شركات الضمان العاملة في لبنان على تسديد جزء من الأموال الناتجة عن كافة عقود الضمان كأموال جديدة  fresh money، وحماية المناطق المتضررة نتيجة انفجار مرفأ بيروت ودعم إعمارها، إخضاع كل المستفيدين من دعم الحكومة للدولار الأميركي أو ما يوازيه بالعملات الأجنبية للتدقيق الجنائي الخارجي، تمديد عقود الأماكن المبنية “غير السكنية”، كذلك إعفاء المركبات الآلية العمومية المخصصة للنقل الخارجي من رسوم الميكانيك لمدة سنة واحدة..

شارك المقال