إيران و”طالبان” والتصادم حول المياه

حسناء بو حرفوش

تركزت الأنظار هذا الأسبوع على التصادم بين حرس الحدود الايرانيين والأفغان، والذي أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل، على خلفية خلاف حول المياه. الحدث هذا ليس الاشتباك الحدودي الأول، وفقاً لمقال في موقع “سبكتاتور” (Spectator) البريطاني، مع تصاعد التوترات بشأن الموارد المائية الشحيحة بين إيران ونظام “طالبان” الذي تسلم الحكم منذ زهاء 20 شهراً، على الرغم من أنه أول اشتباك يُعرف بأنه أودى بحياة البعض.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، أثار الرئيس الايراني إبراهيم رئيسي قضية معاهدة المياه التي تعود للعام 1973، والمخصصة لتقاسم الوصول الى المياه من نهر هلمند، الذي يتدفق عبر الحدود. وزعم أن حركة “طالبان” تنتهك بنود الاتفاقية التي تلتزم أفغانستان بموجبها السماح بتدفق 850 مليون متر مكعب من المياه سنوياً إلى إيران. وأدت السدود الجديدة التي تهدف لتوليد الكهرباء وري الزراعة الى تفاقم الأزمة.

الوساطة الدولية

ستنطوي أي وساطة دولية في تسوية الخلاف على قبول سلطة “طالبان” بمناقشة المعاهدات القائمة في أفغانستان. وفيما وصفت إيران ما جرى بتبادل كثيف لإطلاق النار، اتهم حرس الحدود الأفغان بالمبادرة الى إطلاق النار أولاً. ومات شخصان على الأقل من الجانب الإيراني، بالإضافة إلى حارس أفغاني واحد، على الرغم من ندرة التفاصيل، ومحدودية الوصول الأجنبي إلى التقارير في أفغانستان بصورة كبيرة. أضف إلى ذلك أنه طالما هناك الآن مسلحون بالأسلحة الأميركية التي استولوا عليها عند اقتحامهم السلطة، تبقى “طالبان” قوة فاعلة.

وتقول “طالبان” إنها تريد علاقات جيدة مع جيرانها وحل الخلاف من خلال القنوات الديبلوماسية، لكن ما يعقد الأمور هو حقيقة أن سيطرتها على أفغانستان غير معترف بها قانوناً. إيران من بين العديد من الدول التي فتحت بحكم الأمر الواقع سفارات في كابول (ما سمح لمبعوثي طالبان بالاستيلاء على السفارة الأفغانية في طهران) مع عدم الاعتراف رسمياً بالنظام. وستنطوي أي وساطة دولية في تسوية الخلاف على المياه على القبول بأن “طالبان” لديها السلطة لمناقشة المعاهدات القائمة في أفغانستان.

وليست إيران فعلاً في عجلة من أمرها للاعتراف بـ “طالبان”، ففي حين أنها لا تشارك القلق الدولي بشأن حقوق المرأة في أفغانستان، طالبت بحكومة أكثر شمولاً لضمان حماية الأقلية من الهزارة.

وتعليقاً على التوترات الحددية، غرّد رسول موسوي، المدير العام لجنوب آسيا في وزارة الخارجية الايرانية قائلاً: إن المطلوب هو أن يكون الطرفان “ذكيين”، محذراً من أن “أي نوع من الصراع قد يضر استراتيجياً بالطرفين”.

ولا يبدو القرار سهلاً كما أنه على الرغم من أن التوترات الحدودية لم تسجل عند معبر زارانج المهم تجارياً، أغلقت الطريق أمام حركة المرور. وعدا عن كونه واحداً من نقطتي دخول رئيستين إلى أفغانستان من إيران، يوفر المعبر طريقاً تجارياً حيوياً للهند، وسبق أن استخدمته لإرسال مساعدات غذائية إلى أفغانستان من الساحل الجنوبي لإيران في ميناء تشابهار.

أضف إلى ذلك أن حركة “طالبان” استعدت جيرانها على الجانب الآخر من البلاد أيضاً. وعلى الرغم من أن باكستان خططت لسنوات لعودة “طالبان”، سجلت عدة اشتباكات حدودية منذ استعادة البلاد في آب 2021، حول الموقع الدقيق لخط ديورند، وهو يعود للحدود المفروضة في الحقبة الاستعمارية في ظل الحكم البريطاني.

وفي حال ازدادت حدة التوترات، لن تكون هذه آخر حرب حول المياه في جنوب آسيا. ومع تزايد حالات الجفاف في المنطقة، يصبح تقاسم المياه عبر الحدود مسألة شائكة أكثر فأكثر”.

شارك المقال