عون يتناسى تجاوزاته… ويحمّل ميقاتي تبعات عهده الفاشل

آية المصري
آية المصري

من يستمع الى كلام رئيس الجمهورية السابق ميشال عون يظن أن عهده كان عهد الخيرات والسلام والاستقرار في البلاد وليس عهد جهنم التي وعدنا بها ووفى بهذا الوعد الوحيد. ومن يسمع ثقة عون وحديثه عن محاسبة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أمام القضاء اللبناني يكاد يصدق أنه لم يرتكب أي مخالفة دستورية ولم يتعدَّ على الدستور والقوانين ولم يحمِ القضاة من المحاسبة والمساءلة ولم يؤمن لهم غطاء شرعياً كأمثال القاضية غادة عون.

ويتناسى عون أن هناك وثيقة أعدها أهم الخبراء الدستوريين في البلد، فنّدت تجاوزاته الدستورية وأهمها عدم توقيعه مرسوم التشكيلات القضائية، اضافة الى بعض خروق التجنيس، وخروجه عن دوره كحكم والمطالبة بحصة وزارية وبثلث معطل وبوضع شروط على الرئيس المكلف خلافاً للدستور وتعطيل تشكيل الحكومات والتلاعب بمصير رؤسائها. كما أن هذه الوثيقة إتهمته بالتقاعس في المرسوم 6433 حول الحدود البحرية، الى جانب التماهي مع مصلحة “حزب الله” على حساب مصالح لبنان، والسكوت عن تصرف وزير الاقتصاد الذي وجه يومها كتاباً الى المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، وطلب منه إلغاء الأعمال الحربية والارهابية من دائرة الأسباب التي أدت الى الإنفجار.

هذه الوثيقة شكلت مضبطة اتهام لعون في مخالفاته الدستورية، وهو المعروف بأسلوبه هذا منذ 40 عاماً ولم يغيّر يوماً في نهجه وإرتكاباته الخاطئة. وفي العادة يتوجب على المسؤول الذي يترك منصبه أن يُحاسب بصورة واضحة وأن يُدقق في أخطائه التي مارسها طيلة فترة حكمه، وتحديداً بالنسبة الى عون في كل ما يتعلق بصفقاته مع صهره المدلل جبران باسيل، لكن عدم محاسبته يتحمل مسؤوليته بالدرجة الأولى فريق المعارضة الذي لم يترجم الشفافية الحقيقية، بحيث لم يسأل كيف إستطاع عون بناء قصر بقيمة 10 ملايين دولار في ظل أصعب مرحلة عاشها الشعب اللبناني، وإنهيار قيمة العملة الوطنية، وبالتالي نتيجة الحسابات الضيقة لهذا الفريق وبحثه عن التلاقي مجدداً حول المرشح الجديد للرئاسة، إبتعد عن المواضيع الأساسية وتناسى كل ارتكابات عون غير القانونية وهذا ما يجعله اليوم وباسيل يتماديان أكثر فأكثر في التحكم بمصير البلد.

وبعدما طلب عون بكل وقاحة محاكمة الرئيس ميقاتي، أكدت أوساط مقربة من الأخير أن “رئيس الحكومة لم ينصّب نفسه فوق القانون ومن يريد أن يحاكمه أو يرفع دعاوى بحقه الى القضاء اللبناني فأهلاً وسهلاً لا مشكلة لدينا، خصوصاً وأن الرئيس ميقاتي هو من يتحمل حالياً تبعات كل التراكمات السابقة ويحاول القيام بكل ما لديه من قوة كي تمر هذه المرحلة بأقل خسائر ممكنة، بحيث نجح في أماكن عدّة ولم ينجح في أماكن أخرى نتيجة التركيبة اللبنانية، انما في المحصلة يعتبر نفسه شخصاً يؤمن بالمؤسسات”، مشيرةً الى “أننا اعتدنا على بالونات التيار الاعلامية وفي المحصلة من يرى أن هناك خروجاً عن القانون والدستور والصلاحيات فلتحكم المؤسسات بيننا”.

وأوضحت هذه الأوساط أن “الرئيس ميقاتي يحترم الجميع ويرغب في مشاركتهم في كل الجلسات انما لا يمكن أن تساق كل الأمور اليه، وفي حال اعتبر التيار أن الأمر يدعو الى التوجه الى القضاء المختص فلا مانع لدينا ونرّحب بهذا الموضوع”.

وعمن يقول إن الرئيس ميقاتي يحاول إسكات وزير العدل هنري خوري شددت الأوساط على أن “الرئيس ميقاتي بمنهجيته يفسح المجال للجميع وهذا ما يعيه الجميع جيداً، لكنه كان يرغب في أن يتوجه أي موضوع الى المؤسسة المتمثلة بمجلس الوزراء، ولو ذهب اليها الوزير خوري لكان استطاع أن يعبّر عن رأيه بكل شفافية، خصوصاً وأن مجلس الوزراء صاحب الصلاحية وكان يُفضل أن لا يكون هذا الموضوع عبر الاعلام والمؤتمرات الصحافية بل ضمن مؤسسة مجلس الوزراء وعلى أساسها يحتكم الى هذه المؤسسة المتنوعة والمتعددة نظراً الى وجود كل الفرقاء السياسيين فيها”.

شارك المقال