“ذا ديلي سيغنال”: القمر الصناعي الإيراني قناع للصواريخ الباليستية؟

حسناء بو حرفوش

حذر موقع “ذا ديلي سيغنال” (DailySignal) الأميركي من أن الفشل في عملية إطلاق صاروخ يحمل قمراً صناعياً من قاعدة “الإمام الخميني” الفضائية يخفي ما هو أبعد من محاولة إطلاق قمر صناعي ويؤشر إلى السعي الإيراني المستمر لتطوير الصواريخ الباليستية أو حتى توجيه رسائل إلى الولايات المتحدة في ظل استمرار المفاوضات في فيينا حول الملف النووي الإيراني. وفيما يلي ترجمة لتحليل بيتر بروكس المتخصص بأسلحة الدمار الشامل ومكافحة انتشارها، في معهد ديفيس للأمن القومي والسياسة الخارجية بمؤسسة “التراث” (Heritage).

“لم يلتفت معظم الناس على الأرجح للأخبار حول محاولة إيران الفاشلة مؤخراً بإطلاق قمر صناعي آخر في مداره من قاعدة “الإمام الخميني” الفضائية. وهذا طبيعي لأن المحاولة باءت بداية بالفشل، ومن ثم لأن عدم الإفلاح بإطلاق قمر صناعي يمثّل تهديداً أقل بكثير من انتهاكات إيران المستمرة للاتفاق النووي الذي يعود للعام 2015، والمعروف بشكل رسمي تحت عنوان خطة العمل الشاملة المشتركة. كما تبدو هذه التجربة أقل تهديداً من عمليات الوحدات شبه العسكرية المدعومة من إيران في العراق ضد القوات والمنشآت الأميركية، والتي تنطوي على الأغلب على طائرات مسيّرة مسلحة، الأمر الذي حفّز الغارات الجوية الأميركية ضد تلك الجماعات في العراق وسوريا نهاية الأسبوع الماضي.

مشروع “عبثي”

ومع ذلك، تحمل محاولة إطلاق القمر الصناعي الكثير من المعاني وتعتبر حدثاً مهماً، فهي تشير قبل أي شيء آخر لاستمرار مساعي إيران في إطار برنامج فضائي، مكلف للغاية بل وعبثي إذا أمكن القول، بالنسبة لبلد يواجه هذا القدر من التحديات الاقتصادية. بالتالي، يطرح السؤال: “لماذا تشارك إيران في برنامج تطوير القمر الصناعي على أي حال؟”

للإجابة عن هذا السؤال، ليس هناك من شك بأن برنامج الفضاء قد يعود بالكثير من الفوائد المدنية والعسكرية على حد سواء. فمن شأن القمر الصناعي أن ينقل الاتصالات المدنية أو حتى أن يجمع المعلومات الاستخبارية العسكرية. وسيحظى أي الأمرين باهتمام طهران دون أدنى شك.

سرّ “قذر”

ولكن، يضاف إلى ذلك احتمال آخر أيضاً: تستخدم إيران برنامجها الفضائي لتطوير صواريخ بعيدة المدى، وبالتالي تعوّل في الواقع في هذه الحالة على مركبة إطلاق القمر الصناعي أكثر من القمر الصناعي نفسه. فما هو السرّ الصغير “القذر” ؟

الحقيقة هي أن تكنولوجيا الصواريخ التي تستعين بها مركبة الإطلاق الفضائية لوضع حمولة في المدار تتطابق في الأساس مع التكنولوجيا نفسها التي يستخدمها صاروخ باليستي عابر للقارات من أجل إلقاء صواريخ مجهزة برأس حربي نووي وعابرة للقارات.

وهذا يعيدنا في الواقع لتقرير وكالة استخبارات الدفاع الأميركية (DIA) لعام 2019 بعنوان “القوة العسكرية الإيرانية” والذي شدد على مواصلة إيران تطوير مركبات الإطلاق الفضائية بقدرة رفع متزايدة، وضمنا التعزيزات التي قد تمتلك قدرة في نطاقات الصواريخ البالستية العابرة للقارات، والتي تمكنها من بلوغ الولايات المتحدة إذا خصصت لهذا الغرض. كما يسمح التقدم في إطار برنامج الفضاء الإيراني بتسريع الجهود المبذولة للوصول إلى صاروخ باليستي عابر للقارات، لأن المركبات الفضائية تستخدم تقنيات متشابهة بطبيعتها.

برنامج سلمي؟

وتصرّ طهران بالطبع على سلمية برنامج الفضاء الإيراني بالكامل. ولكن من المحتمل في الحقيقة، أن يلعب برنامج القمر الصناعي دور “الغطاء” لبرنامج الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، والتي قد تستهدف الولايات المتحدة في يوم من الأيام.

ومن المحتمل أيضاً أن تساهم كل عملية إطلاق لقمر صناعي إيراني، حتى ولو فشلت، بتحسين قدرة المهندسين الإيرانيين على تطوير صاروخ باليستي مسلح برأس نووي وعابر للقارات.

وهذا يعيد إلى الأذهان أحد أوجه القصور الرئيسية في خطة العمل الشاملة المشتركة حيث فشلت بتضمين برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني الذي يستمر بدون عوائق إلى حد كبير. كما لا يمكننا تجاهل برنامج طهران النووي المستمر وتحدي إيران النشط منذ سنوات، لقيود الاتفاق النووي، على سبيل المثال من خلال زيادة مخزونها من اليورانيوم المنخفض التخصيب وتقييد أنشطة مراقبة الأمم المتحدة للمواقع النووية وتركيب أجهزة طرد مركزي أكثر تقدما لتخصيب اليورانيوم، بالإضافة إلى رفضها تبرير النتائج المشبوهة أثناء عمليات التفتيش الدولية.

ويدق كل ما ذكر ناقوس الخطر أمام المجتمع الدولي، وخصوصاً في الشرق الأوسط مع سعي إيران لفرض هيمنتها في المنطقة. ولا أحد يدري ما الذي يجب توقعه بالنظر إلى سجل إيران الطويل من الخداع حول القضايا النووية؟

استثمار دبلوماسي

وعدا عن تطوير الصواريخ الباليستية العابرة للقارات من خلال برنامج الأقمار الصناعية والمخالفات في الأنشطة النووية، ربما تحاول إيران أيضاً استغلال البرنامج للضغط على الولايات المتحدة دبلوماسياً لتقديم تنازلات في إطار أي اتفاق نووي مستقبلي (…) فمن المحتمل أن تستثمر طهران الإطلاق الفاشل الأسبوع الماضي، ووعدها بإطلاق قمر صناعي آخر قريباً، لتذكير البيت الأبيض بالتهديد الصاروخي الإيراني بعيد المدى والذي يلوح في الأفق. ومن شأن أي إطلاق ناجح لقمر صناعي إيراني في الأسابيع المقبلة أن يزوّد إيران بنفوذ دبلوماسي إضافي على طاولة المفاوضات في فيينا. وبالنظر إلى تاريخ إيران النووي، إذا لم تحل مسألة تجارب الأقمار الصناعية الإيرانية، التي تخفي وراءها مشروع الصواريخ الباليستية بعيدة المدى، خلال المحادثات الجارية، قد يصبح التهديد الإيراني البالستي أمراً لا مفر منه”.

المصدر: Daily Signal

شارك المقال