توضح بعض الوثائق التي وصفت بالسرية والمسربة أن إيران تسلح عناصر في سوريا تمهيداً لمرحلة جديدة من الهجمات المميتة ضد القوات الأميركية في البلاد، وأنها تعمل بالتوازي مع روسيا على استراتيجية أوسع لطرد الأميركيين من المنطقة.
وتعمل إيران وحلفاؤها على بناء القوات وتدريبها لاستخدام قنابل خارقة للدروع على جوانب الطرق تهدف تحديداً الى استهداف المركبات العسكرية الأميركية وقتل عناصرها، وفقاً لتقارير استخباراتية سرية حصلت عليها صحيفة “واشنطن بوست”. وستشكل مثل هذه الهجمات تصعيداً لحملة إيران الطويلة التي تستخدم فيها الميليشيات بالوكالة لشن ضربات صاروخية وطائرات مسيرة ضد القوات الأميركية.
وأسفرت الهجمات بالمسيرات عن إصابة ستة من العناصر الأميركيين، ويمكن أن تزيد العبوات الناسفة الجديدة من عدد القتلى، ما يهدد بمواجهة عسكرية أوسع مع إيران، التي استخدم المتمردون الموالون لها النوع نفسه من الأسلحة، المسمى بالمتفجرات الخارقة للدروع، في هجمات مميتة ضد القوافل العسكرية الأميركية أثناء احتلال العراق.
ويضيف التسريب أن إيران أخفت أسلحة بين مساعدات الزلزال لاستهداف القوات الأميركية. وأشرف المسؤولون في وحدة “فيلق القدس” الايرانية، على اختبار إحدى المتفجرات، في أواخر كانون الثاني في شرق دمشق. ورأى مايكل نايتس، الخبير في الجماعات المسلحة المدعومة من إيران ومؤسس موقع “Militia Spotlight”: “هناك تغيير جذري في قبولهم للمخاطرة بقتل الأميركيين في سوريا وهم يبذلون جهداً للقيام بذلك”.
وتصف وثيقة أخرى جهوداً جديدة أوسع نطاقاً من جانب موسكو ودمشق وطهران لطرد الولايات المتحدة من سوريا، وهو هدف طال انتظاره لأنه قد يسمح للرئيس السوري بشار الأسد باستعادة المحافظات الشرقية التي يسيطر عليها حالياً الأكراد المدعومون من الولايات المتحدة.
وتسرد الوثائق المسرّبة خططًا لحملة واسعة النطاق من معارضي الولايات المتحدة من شأنها أن تشمل تأجيج المقاومة الشعبية ودعم حركة شعبية لتنفيذ هجمات ضد الأميركيين في شرق وشمال شرق سوريا. والتقى مسؤولون عسكريون ومخابرات روسيون وإيرانيون وسوريون رفيعو المستوى في تشرين الثاني 2022 واتفقوا على إنشاء “مركز تنسيق” لتوجيه الحملة، وفقاً لتقويم استخباراتي سري أُعد في كانون الثاني.
ولم يرد في الوثائق ما يشير إلى تورط روسي مباشر في التخطيط لحملة القصف. لكن الوثائق المسربة تشير إلى دور أكثر نشاطا من جانب موسكو في مكافحة الولايات المتحدة. وتدخلت روسيا، مثل إيران، عسكرياً في الحرب في سوريا لإبقاء نظام الأسد في السلطة وهي تدعم الآن جهود الحكومة لاستعادة السيطرة على البلد بأكمله. وانخرطت روسيا في الأشهر التي انقضت منذ كتابة الوثائق المسربة، في استفزازات جديدة ضد القوات الأميركية، بما في ذلك انتهاك اتفاقيات تفادي التضارب والتحليق فوق القواعد الأميركية.
وحسب آرون شتاين، الباحث في معهد أبحاث السياسة الخارجية: “في حال كانت الهجمات التي تشنها جماعات الميليشيات تهدف الى قتل القوات الأميركية، من المحتمل أن تعتقد إيران وروسيا أنهما قادرتان على إدارة التصعيد، لأن الجيش الأميركي قد يحد من رده على الضربات ضد أهداف داخل سوريا. لكن شتاين حذر من أن الغزو الروسي لأوكرانيا وانهيار الاتفاق النووي الايراني لعام 2015 جعلا الوضع أكثر تقلباً وزادا من صعوبة التنبؤ به وصعوبة النظر الى ديناميكيات السياسة الأميركية المحلية على أنها تتراجع عن روسيا.
ورفض البنتاغون التعليق على الوثائق المسربة كما لم يرد على أسئلة حول المعلومات الاستخباراتية التي توضح تفاصيل المؤامرات الجديدة ضد القوات الأميركية في سوريا. لكن تحرك الميليشيات المدعومة من إيران لتصعيد الهجمات تم تأكيده في مقابلات مع مسؤولين حاليين ومسؤول سابق مطلع بصورة محتملة على معلومات استخبارية حساسة من المنطقة. وقال بعض المحللين المستقلين إن سلوك إيران العدواني بصورة متزايدة يشير إلى أن طهران تحظى – أو تعتقد أنها تحظى – بدعم روسيا الضمني لتصعيد حملة الضغط. وفي المقابل، أصبحت موسكو تعتمد على حليفها الايراني كمورد رئيس للمسيرات وغيرها من الأسلحة في هجومها العسكري ضد أوكرانيا”.