من قسّم “الكتائب” يريد توحيد “القوات” و”التيار”!

آية المصري
آية المصري

بعد إعلان رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الاتفاق بين قوى المعارضة و”التيار الوطني الحر” على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور لرئاسة الجمهورية، وبعدما أبلغ التيار المعارضة التزامه بهذا الترشيح، لا تزال المفاوضات مستمرة للبحث في استراتيجية ما بعد هذا الاتفاق. وكان أعلن سابقاً أن هذا التقارب القواتي – العوني يرعاه النائبان فادي كرم وجورج عطا الله اللذان كانا بوصلة النقاش ومن ساهما في إنجاح هذه المهمة، لكن اللافت ما يجري تداوله عبر بعض وسائل الاعلام بأن رئيس حزب “الكتائب اللبنانية” النائب سامي الجميل هو من ساهم في هذا التقارب الثنائي المسيحي، ومن قاد اللقاءات التنسيقية التي حصلت وترأس المفاوضات وساعد على ايصالها الى هذه النتيجة.

واللافت أكثر في هذه المعلومات المتداولة عدم تطرق “التيار” أو “القوات” الى ما يقال عن أن الجميل كان الراعي الرسمي لهذه المفاوضات، بحيث تم تغييب هذا الوسيط عن كل تصريحاتهما، حتى أنهما لم يأتيا على ذكر اسم حزب “الكتائب”. لكن يبدو أن الجميل لا يحبذ أن يكون سواه رئيس المعارضة والمتحدث الرسمي بإسمها، وهذا ما يميز خطاباته الشعبوية بإمتياز، التي يركز فيها على نقطتين أساسيتين: “نحن المعارضة ونرفض ما تقوم به المنظومة، ونحن من دفع ثمن معارضتنا من خلال شهدائنا”. ولا أحد يعلم اليوم كيف سيبرئ رئيس “التيار” جبران باسيل الذي لطالما كان رئيس الظل في عهد جهنم، والذي لطالما انتقده الجميل في العلن وفي كل فرصة سانحة، الى جانب حليفه السابق “حزب الله”.

لم يترجم الجميل دور الوسيط على أرض الواقع، مع العلم أنه أقرب الى التحاور مع باسيل من “القوات” لكن يبقى الاعلان الرسمي غير المشترك بين هؤلاء الفرقاء، فكيف إتفقوا بين بعضهم البعض ولا يريدون إصدار بيان مشترك حول ترشيح أزعور؟ وهذا يعني أنهم لم ينجحوا في التلاقي بطريقة صحيحة، بل جمعتهم “المصيبة” ليتخلصوا من مرشح الثنائي الشيعي سليمان فرنجية، وبالتالي إلتقوا على أزعور وربما غداً سيختلفون على الحصص ورئاسة الحكومة ومن سيشارك فيها والحقائب المتتالية، وكل هذه النقاط ستكشف هذا الاتفاق الخالي من الوحدة والانسجام.

في المنطق الطبيعي لأي اتفاق يحصل، يعلن الوسيط عن التوافق عليه وعن نجاحه في هذه الوساطة لأنه من قاد كل المبادرات واستمع الى الطرفين، وبالتالي يجب الانتظار لمعرفة متى وأين وكيف سيعلن عن هذا النجاح، وهل سيكون من الصيفي؟

وفي هذا السياق، أشارت أوساط المعارضة لموقع “لبنان الكبير” الى “أننا التقينا اليوم مع التيار على مفرق طريق لمنع محور الممانعة من إيصال مرشحه أو فرضه علينا، وقمنا بتطوير هذا الموضوع وعملنا بصورة كبيرة ووصلنا الى مرشح مشترك، لكن راعيي هذا التوافق تمثلا بالنائبين عن القوات من جهة (فادي كرم) وعن التيار (جورج عطا الله) وهذه هي الحقيقة”، موضحة أنه “لو كان رئيس الكتائب سامي الجميل مكلفاً بتقريب وجهات النطر بين الطرفين لكنا سنعلن عن ذلك بصورة واضحة، لكنه اليوم لعب دوراً كبيراً في توحيد كلمة المعارضة”.

وفي حال كان صحيحاً أن الجميل هو الوسيط، فلماذا لم يلعب دوراً في توحيد حزب “الكتائب” المنقسم؟ أين الكوادر الكتائبية التي بنت الحزب يوم لم يكن موجوداً فيه وفي صنع القرار؟ أين فادي الهبر وسامر سعادة وإيلي ماروني وإدمون رزق وجوزيف الهاشم والكثيرون منهم؟ أين الذين ضحوا بأنفسهم وبنوا “الكتائب” على أكتافهم؟ ألا يراجع رئيس “الكتائب” دفاتره القديمة ويرى أن هناك نواباً من حزبه ذهبوا الى كُتل أخرى آمنت بهم وحافظت على قيمتهم وخبرتهم الكبيرة؟ لماذا معظم أقاليم “الكتائب” بات مقفلاً اليوم؟ وبدلاً من التوفيق بين “التيار”و”القوات” لماذا لا يبذل كل وقته وجهده لتوحيد صفوف حزبه، بحيث يجب البدء من البيت الحقيقي أولاً؟

أين الرئيس السابق أمين الجميل اليوم؟ صحيح أن سامي الجميل ورث رئاسة الحزب من أبيه وحاله مماثلة للكثيرين من البيوتات السياسية، لكن السؤال الذي يطرح أين أمين الجميل في الاعلام وفي الموقف وفي المشاركة في الاجتماعات وفي صناعة القرار ولو على الهامش؟ هل من ساهم في تفرقة كل هؤلاء سينجح في توحيد “التيار” والقوات”، خصوصاً أن خلافاً حصل بينه وبين الكثير من الكتائبيين السابقين الذين كانوا من دعاة الوحدة المسيحية وتقريب وجهات النظر بين “الكتائب” و”القوات”، فلماذا دفعوا ثمن رؤيتهم حينها، واليوم تبدّل حال “الكتائب” وبات يريد التوافق مع “التيار” على الرئيس المقبل؟

شارك المقال