صورة ديموقراطية أم تصعيدية؟

لينا دوغان
لينا دوغان

خلص المشهد السياسي في البلاد الى تسمية مرشحين لرئاسة الجمهورية هما سليمان فرنجية وجهاد أزعور، وذلك بعد أن أعلنت المعارضة ترشيح أزعور إثر انسحاب ميشال معوض من السباق الرئاسي. كذلك أيد ترشيح أزعور “التيار الوطني الحر” منفرداً، فيما يتمسك الثنائي الشيعي بترشيح فرنجية وتكون بذلك بورصة الأسماء الرئاسية قد رست حتى الآن على هذين الاسمين.

وكانت الساعات الأخيرة شهدت تسارعاً في وتيرة الحركة الرئاسية، بعدَ كلام البطريرك بشارة الراعي، فورَ عودته من باريس عن حراك سيبدأه في اتجاه كل المكونات، خصوصاً أن ملابسات الكلام عن ترشيح أزعور والضجيج الذي أثاره، أكد أن لا إمكان لإحداث أي اختراق إيجابي في الملف الرئاسي. “حزب الله” أول من تجاوب مع طرح البطريرك الراعي للحوار، فكان لقاء بين موفد بكركي المطران بولس عبد الساتر والسيد حسن نصر الله خلص الى أن الموفد البطريركي سمع من الأمين العام لـ “حزب الله” استمراراً لدعم ترشيح رئيس تيار “المردة” وتأكيداً على أهمية الحوار من أجل انجاز الاستحقاق الرئاسي.

وبحسب بيان وزعه المكتب الاعلامي في الصرح البطريركي في بكركي، فإن البطريرك الراعي أوفد المطران عبد الساتر للقاء السيد نصر الله، في إطار المشاورات والاتصالات التي بدأها مع الأطراف اللبنانية كافة، تسهيلاً لاتمام الاستحقاق الرئاسي وإنهاء الفراغ القاتل في سدة الرئاسة الاولى.

يشار هنا الى أن البطريرك الماروني كان قد اتفق مع الفرنسيين على القيام بجولة جديدة من الاتصالات مع الفرقاء وبالتحديد الثنائي الشيعي لاقناعهم بالسير في التوافق انطلاقاً من وجود مرشحين، لأنه ليس قادراً على مباركة مرشح دون الآخر، طالما يحظى الاثنان بدعم قوى كبيرة في البرلمان، كما أنه غير قادر على الضغط على أي منهما للانسحاب، وأن كل ما يمكنه القيام به هو تكثيف الحوار بين القوى كافة، علها تصل إلى تفاهم على اسم لا يعتبر فوزه تحدياً لفئة أو طائفة. وكان أكد في عظته مباركة كل خطوة باتجاه التوافق والتفاهم بعيداً عن مقولة غالب ومغلوب، فهذا أمر يؤدي الى شرخ خطير فيما المطلوب واحد وحدة لبنان ووحدة شعبه وخيرهما.

وعلى الرغم من اكتمال الصورة الديموقراطية بوجود مرشحين لكرسي الرئاسة، ودعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جلسة انتخاب في 14 الجاري، بعدما كان صرح سابقاً بأنه لن يدعو إلى جلسة جديدة إلا إذا وجد إمكانية لانتخاب رئيس للجمهورية، أو إذا لمس وجود تنافس حقيقي في البرلمان، جازماً بأن لا تكرار للمسرحيات السابقة، فان قرار وليد جنبلاط لا يزال قيد الدرس والتدقيق وإن كان ميالاً الى خيار جهاد أزعور وهو أحد أسمائه الأولى، الا أنه يفضل أزعور التوافقي الذي طرحه في البداية ولم يأخذ برأيه أحد، ولا يفضل أزعور المواجهة والتحدي الذي يمكن أن لا يوصل البلاد الى النتائج المرجوة.

يبقى أن التصويت للمرشحين أمر محسوم، ويرى كل فريق أن مرشحه سينال الأصوات المطلوبة التي توصله الى بعبدا، ففريق المعارضة و”التيار الوطني الحر” يرى أن الأصوات التي سينالها مرشحه أزعور ستتخطى الـ 65 صوتاً، بينما يتحدث داعمو فرنجية عن حصوله على ما يقارب الـ 69 صوتاً، كل هذا عند الأطراف حسابات بانتظار الحسم النهائي إن كان لجهة التسميات أم لجهة النواب الذين انفردوا بالقرار داخل الكتلة ذاتها، وهو ما يحصل في “التيار الوطني الحر”، اذ خرجت السيطرة على ما يبدو من يد جبران باسيل في هذا الموضوع، على الرغم من تدخل ميشال عون شخصياً، فكان اعتراض من كثير من نواب التكتل على اختيار مرشح من خارج التيار وتأييد ترشيح ابرهيم كنعان، فيما البعض الآخر لا يمانع انتخاب فرنجية. وتتكشف الخلافات أكثر فأكثر، وقد بدأت مع موقف النائب آلان عون بمعارضته باسيل في ترشيح أزعور، واستكملها النائب سيمون أبي رميا الذي طرح علناً ترشيح كنعان، وما بينهما اختلاف بين باسيل والياس بو صعب الذي لا يمانع التصويت لفرنجية.

صحيح أنه أصبح لدينا مرشحان، وصحيح أن المشهد يرينا شيئاً من الديموقراطية صورياً بالتأكيد، وبهذا تكون الصورة جميلة، لكن ما يقلق هو ما يجري خلف الصورة، لأن على ما يبدو لا المشهد سيبقى على ما هو عليه، ولا الديموقراطية ستسلك طريقها بسهولة الى البرلمان وفي البرلمان، ولا نعرف على أي مشهد جديد نحن قادمون!

شارك المقال