اليابان والمملكة المتحدة والمنافسة العظمى

حسناء بو حرفوش

خلص مقال في موقع “ناشيونال إنترست” إلى أن الاتفاقية اليابانية -البريطانية الدفاعية هي أبعد من مجرد اتفاقية تعاون أمني، وستمتد لتشمل المجتمع بأكمله في كلا البلدين. ويذكّر المقال، بأن “المملكة المتحدة طورت منذ بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، سياساتها في المحيطين الهندي والهادئ سعياً وراء الفرص الاقتصادية وتوسيع نطاق مشاركتها الأمنية. وكجزء من هذه المبادرات، طورت اليابان والمملكة المتحدة التعاون الدفاعي والأمني منذ نيسان 2012، مع شراكة استراتيجية رائدة من أجل الرخاء والأمن العالميين.

وانطلاقاً من هذه الشراكة، أطلقت في 18 أيار 2023 اتفاقية هيروشيما التي تنطوي على شراكة استراتيجية عالمية بين اليابان والمملكة المتحدة مع رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا. ويعد اتفاق هيروشيما الشامل بشأن التعاون الثنائي في مجال الدفاع والتكنولوجيا، علامة فارقة لتعزيز أكبر للتعاون الدفاعي والأمني الثنائي الذي تم العمل عليه على مدار العقد الماضي أو أكثر.

وينص اتفاق هيروشيما على تطوير التعاون بين سلطات الدفاع. وعملاً بالاتفاقية، سيجري كلا البلدين تدريبات عسكرية مشتركة أكثر عملية لتحسين إمكانية التشغيل البيني بين قوات الدفاع اليابانية والقوات المسلحة البريطانية، بما في ذلك إعادة الانتشار المستقبلية لمجموعة حاملات الطائرات البريطانية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

والجدير بالذكر أيضاً أن الاتفاقية وضعت التعاون الدفاعي بين البلدين ضمن أطر متعددة الأطراف مثل مبادرة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة والشراكة الأوروبية الأطلسية وفي منطقة المحيطين. في 13 آذار 2023، أصدرت المملكة المتحدة ورقة جديدة للسياسة الخارجية والأمنية، حول تحديث المراجعة المتكاملة والاستجابة لعالم أكثر إثارة للجدل والتقلب، مع التركيز على الصين الصاعدة. في ذلك، وضعت المملكة المتحدة سياستها في المحيطين الهندي والهادئ كـ “ركيزة دائمة لسياسة المملكة المتحدة الدولية” بقيادة اليابان والشراكات الأوروبية الأطلسية والمحيط الهندي والمحيط الهادئ بقيادة الناتو. انعكست هذه السياسة البريطانية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ في IR23 أيضاً في اتفاقية هيروشيما بين اليابان والمملكة المتحدة.

ومع ذلك، سعى البلدان حسب ما يظهره تاريخ التعاون الدفاعي والأمني بين اليابان والمملكة المتحدة، باستمرار الى التعاون في مجال معدات وتكنولوجيا الدفاع. ومن بين بنود التعاون الدفاعي والأمني الثمانية المتفق عليها في البيان المشترك بين اليابان والمملكة المتحدة لعام 2012، تعلقت ثلاثة منها بالمعدات والتكنولوجيا الدفاعية. وعلى هذا الأساس، أبرمت اليابان اتفاقية لنقل المعدات الدفاعية والتكنولوجيا مع المملكة المتحدة في تموز 2013. وفي هذا الاطار، عززت اليابان والمملكة المتحدة التعاون في مجال المعدات الدفاعية والتكنولوجيا، وبلغت ذروتها في الاعلان عن بيان القادة المشتركين بشأن برنامجGlobal Combat Air ، وهو خطة تطوير مشتركة بين اليابان والمملكة المتحدة وإيطاليا للطائرات المقاتلة، في كانون الثاني 2022.

من ناحية أخرى، ونظراً الى أهمية الأمن الاقتصادي في مواجهة احتدام المنافسة بين القوى العظمى، تضمن اتفاق هيروشيما قسماً يركز على الازدهار الاقتصادي والأمن المدعوم بالعلوم والتكنولوجيا والابتكار، والذي دعا الى إنشاء إطار تعاون علمي وتكنولوجي أكثر شمولاً يتجاوز تكنولوجيا الدفاع البحتة.

وينص الاتفاق أيضاً على تسهيل هذه الجهود من خلال “ترتيب جديد للعلوم الصناعية والابتكار والتكنولوجيا” والذي لن يشمل الوزارات المعنية فحسب، بل القطاع الخاص والمؤسسات التعليمية والبحثية. وأعلن بيان صحفي صادر عن Sunak في 17 أيار 2023، في اليوم السابق لإطلاق اتفاق هيروشيما بين اليابان والمملكة المتحدة، عن نشر مجموعة حاملة طائرات هجومية في المحيطين الهندي والهادئ في العام 2025. وأشار أيضاً إلى العلاقة الاستراتيجية بين جامعة إمبريال كوليدج لندن وجامعة طوكيو، وكذلك التعاون الفني مع الشركات اليابانية الخاصة مثل هيتاشي المحدودة وفوجيتسو. وتشير هذه الملاحظات إلى أن تطوير التعاون الثنائي في العلوم الصناعية والتكنولوجيا والابتكار قد أحرز بالفعل تقدماً كبيراً.

وبالتالي، يشكل اتفاق هيروشيما بين اليابان والمملكة المتحدة إعلاناً مشتركاً صادراً عن اليابان والمملكة المتحدة بشأن الجهود المبذولة للتحضير لإعادة تنظيم لا رجعة فيه لسلاسل التوريد العالمية وشبكات البحوث المشتركة الدولية في سياق الأمن الاقتصادي في ظل منافسة القوى العظمى. بعبارات أخرى، يعني إصدار الاتفاق الياباني – البريطاني أن التعاون الدفاعي والأمني قد تجاوز إطار السلطات الديبلوماسية والدفاعية ليصل إلى مرحلة يمتد فيها إلى المجتمع بأكمله في كلا البلدين”.

شارك المقال