إيران سهم من القرن السابع

الراجح
الراجح

“سلطان الماضي على الحاضر هو بمثابة السيطرة التي يفرضها الموتى على الأحياء”.

لم أجد مقدمة أفضل للبدء بها لتناول موضوع “الثورة الإسلامية في إيران” والقائمة على عقيدة دينية عملت إيران لتصديرها إلى بلدان أخرى في العالم العربي وحتى العالم الإسلامي وما هو أوسع. ما تتجاهله القيادة الإيرانية أو تجهله لا أعرف، أن الثورات لا تُصدّر لكن قيمها قابلة للانتشار. والفارق كبير بين تصدير الثورة وبين انتشار قيمها، لذا من الصعب لا بل من المستحيل أن يتصوّر أحد أن “الثورة الإسلامية في إيران” والتي قدمت نفسها في إطار مذهب واحد وانطلقت من بلد واحد أن يكون في استطاعتها أن تُصدّر أو تنشر قيمها إلا إذا استخدمت في ذلك سلطة الدولة كما في إيران نفسها أو سلطة الميلشيات كما في دول الانتشار العراق، سوريا، لبنان واليمن وهذا الانتشار ليس جاذبية الثورة على الإطلاق.

كان مأزق “الثورة الإسلامية في إيران” وما أحاط بهذا المأزق من عداوات ومن عقوبات نتيجة مؤكدة لا بل حتمية لتجاهل حدود القوة أو الجهل بها، وهذا منزلق كبير في الخلط بين الثورة والدولة…

تأملوا مثلاً هذا القول للإمام الخميني “ليس البطل هو روح التاريخ ولكن الشهيد هو روح التاريخ”. فثقافة الاستشهاد أي الموت هي من عزلت إيران قبل أن يحاول أحد عزلها… فعقدة الاستشهاد حصرت رقعة الأرض التي تتحرك عليها وأنتجت مآسي تاريخية ليست حتمية. كما أنها ليست ضرورية، وهذا ما سبب لها عجزاً عن إدارة التناقضات التي فرضها واقع الجغرافيا والتاريخ، وهذا ما يؤكده الواقع السياسي والاقتصادي في إيران وفي كافة الدول، التي لأذرع إيران دور فيها حيث لا نرى إلا سيطرة قائمة على التخلف والانهيارات السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية، هذا لأن التقدم والتنمية وثقافة الحياة هي وسائل السيطرة الجديدة. انتم متقدمون إذن فأنتم سادة، انتم متخلفون إذن فأنتم مقهورون تابعون مهما رفعتم من شعارات ومن اوهام الانتصارات ومن قصاصات قماش سميتموها أعلاماً. مَن لا يعطي لشعبه نظاماً اجتماعياً يحقق العدل والرفاهية لا يمكنه أن يتغنى بالسيطرة وبأساليب الحكم وادارة البلاد. وليعلم هؤلاء أن قوة الاصوات وعددها ليست هي القوة لأن القوة الحقيقية لأي مجتمع في العالم لا يمكن أن تتحقق بعملية حسابية تجمع وتطرح فيها الأصوات، لهذا لا نجد في الانتخابات الأخيرة في إيران والتي جاءت بابراهيم رئيسي رئيساً إلا السهم الذي انطلق من القرن السابع ليستقر في قلب القرن الحادي والعشرين… ولننتظر النتيجة والنهاية.

شارك المقال