فليحكم ميشال عون ما تبقى من عهده

مروان سلام
مروان سلام

من سيئات هذا العهد الأسود ورئيسه ميشال عون، أنه محاط بمستشارين وأزلام أقزام يتعاطون المسؤولية الوطنية بالشخصانية والحقد وعقد من الأنانية، فقط ليقولوا إننا هنا موجودون على خريطة السلطة بعيداً عن الإدراك والوعي الوطنيين بأن لبنان أصبح معهم دولة مارقة وفاقدة للكيان ولأي سلطان على الإدارات ومرافق الدولة.

كما وفقد لبنان مع تجمهر التيار الوطني الحر خلف نظامه الذي أصبح معهم نظامًا هشًّا، الخاصرة الدستورية التي كان يرتكز عليها البلد في دستور الطائف، حيث ما زال هذا التيار مع رئيسه جبران باسيل الذي يشتري الرئاسة بشهوانية السلطة، يوجه الضربات تلو الضربات لهذا النظام إفساحاً في المجال للمثالثة التي يقدمها هدية مباشرة لحزب الله، وللفدرالية أحياناً التي بات الفريق الثاني من المسيحيين ينادي بها استباقاً لما هو آت.

في المعارك على السلطة المقبلة التي فتحت مواسمها على مصراعيها، سواء منها الانتخابات النيابية أو الرئاسية، وعلى التموضع المقبل خلف متاريس الحمالات والحملات المضادة، والكر والفر الذي سيشهده لبنان قريباً بعنف من تصارع الأحزاب والتيارات تحصيلاً لكتل نيابية أكبر، فلا بد هنا من الإشارة إلى أن أي اعتذار للرئيس سعد الحريري سوف لن يجلب لهذا العهد ورئيسه ميشال عون  إلا المزيد من العقد في التعطيل الذي يخاوي جسمه بالفطرة وينتشر في سلوكه غير المسؤول بعيداً عن أي حل مرتقب ويرتجى، معتقداً الرئيس عون بذلك أن باعتذار الرئيس المكلف يأخذ الأمور الى مسارها الصحيح نحو الانفراج الداخلي والانفراج في المساعدات الدولية، كما يعتقد أيضاً أنه ينتظر بعد كل هذا الفجور بالتعطيل غطاءً سنياً إذا ما تشكلت حكومة أخرى من دار الفتوى أو من نادي رؤساء الحكومات السابقين أو من الرئيس الحريري نفسه. فهذا إن حصل يكون هذا النادي وعلى رأسهم الرئيس سعد الحريري قد حمل كرة من نار أكثر لهيباً من التي سبق وحملها حين قال: إنني أنا المرشح الطبيعي لرئاسة الحكومة.

دعوا هذا العهد الفاشل أن يتخبط بمفرده وليتحمل فريقه المجنون ما جنته أحقاده، فلا تسويات معه بعد اليوم، ولننتظر جثته على ضفة لبنان الأخرى لأن التاريخ حتما سيلعنه ولن يرحمه.

ان تسمية أي رئيس للحكومة بعد الاعتذار سوف لن ينال بها الرئيس عون ما سبق بأن رفض له، منها تسمية الوزراء المسيحيين وأهم من ذلك الثلث المعطل، فهناك جبهات ومحاور مستنفرة لن تسمح من خلالها بالتعدي الفاضح على ما تبقى من دستور الطائف، سواء منها على صلاحيات رئاسة الحكومة الذي اعتاد عون أن يكسرها بشغف تحت حجة وشرّابة حقوق المسيحيين التي يمسكها أينما حلّ، أو مجدداً على الاعتداء على صلاحيات مجلس النواب الذي كسر عون قراره بظاهرة ما اعتاد عليه أي مجلس نيابي بتاريخ لبنان، بأن يأتي رئيس للجمهورية ضارباً قرار مجلس النواب بتسمية رئيس حكومة عرض الحائط دون أن يرفّ له جفن، فأعاد بتعطيله هذا وبظرف تسعة أشهر من التعنت والفجور لبنان واللبنانيين إلى العصر الحجري وأدخلهم إلى جهنم حمراء كما وعد وصدق بوعده.

مع كل هذا التعنت لن تنجح على الإطلاق أية حملات من رئاسة الجمهورية ولو كانت ممنهجة، بتحميل تبعات مسؤولية التعطيل على الغير أمام الرأي العام، ما دام رئيسه ميشال عون في سدة الرئاسة دون أن يحمل نفسه تلك التبعات، وبأن يحس على جلده ويرحل ويستقيل ذوداً عن وطنه وعن الشعب اللبناني الذي أذاقهم الويلات والأهوال التي لم تمر عليهم لا بحروبهم الأهلية ولا في الاجتياحات الإسرائيلية، وسيبقى هذا العهد عنوانا عريضاً لصفحات تاريخ لبنان الذي دخله ميشال عون من أبوابه العريضة بأنه وعهده الأسوأ والأسود والأفشل والجهنمي.

شارك المقال