طائب في بغداد: تصعيد ضد الأميركيين وتهدئة في الانتخابات

علي البغدادي

تصدر ملفا الانسحاب الأميركي من العراق والانتخابات التشريعية المقبلة مباحثات رئيس استخبارات الحرس الثوري الإيراني حسين طائب مع القيادات السياسية والعسكرية العراقية .

وحمل طائب الذي وصل بغداد عصر الثلاثاء، في حقيبته السرية ملفات حساسة وأفكار ذات طبيعة عسكرية واستخبارية كانت محور نقاش مع مسؤولين عراقيين وقيادات في الحشد الشعبي والفصائل المسلحة المدعومة من الحرس الثوري الإيراني والتي تمثل إحدى ركائز مشروع ولاية الفقيه في العراق والمنطقة.

ووضع رئيس استخبارات الحرس الثوري الإيراني في مقدمة اهتماماته، ملف تواجد القوات الأميركية والهجمات التي تتعرض لها القواعد والبعثات الأميركية في العراق، مع ارتفاع نسق الهجمات ضدها خلال الأيام الأخيرة واحتمالات تعرض الفصائل الشيعية المسلحة لعمليات عقابية عسكرية أميركية سواء في الداخل العراقي أو  في مناطق نفوذها في سوريا، كما حصل قبل أيام عندما تم استهداف ميليشيات مدعومة إيرانياً في منطقة الحدود العراقية – السورية.

ووفقاً لما رشح فإن الهدف من تواجد طائب يندرج في إطار التصعيد الحاصل، كون الاتفاق النووي بين إيران والدول الكبرى والولايات المتحدة لا يزال متعثراً، والساحة العراقية تعد إحدى أوراق الضغط التي تستخدمها طهران في هذا الاتجاه.

وتظهر مؤشرات أن طائب من المؤيدين للتصعيد الذي تنفذه فصائل مسلحة ضد القوات الأميركية في العراق، بل ويؤيد أيضاً الرد على الضربة الأميركية التي استهدفت مبنى داخل منطقة البوكمال بسورية، على بعد نحو 20 كيلومتراً من الحدود العراقية، تستخدمه وحدات تابعة لـ”كتائب حزب الله” و”سيد الشهداء” العراقية منذ عام 2019.

ويسعى طائب  من خلال تحذير قادة الفصائل المسلحة عبر اجتماعه بفالح الفياض رئيس هيئة الحشد الشعبي ومسؤول العمليات في الحشد المعروف باسم أبو فدك المحمداوي، مما تعتبره طهران”التصرفات الفردية” التي قد تربك الخطط الإيرانية في مهاجمة الوجود الأميركي، خاصة أن حسابات الحرس الثوري دقيقة جداً في التعاطي والتعامل مع هجمات الطائرات المسيرة التي تستهدف أماكن تواجد المستشارين العسكريين الأميركيين في القواعد العراقية أو  السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء المحصنة وسط بغداد.

وتمتلك السفارة الاميركية وتعتمد على منظومة سيرام الدفاعية والتي تمكنت يوم الاثنين الماضي من إسقاط طائرة مسيرة من الطائرات الثلاث هاجمت المنطقة الخضراء، خاصة أن الحرس الثوري الإيراني دأب في الآونة الأخيرة على إمداد الميليشيات الناشطة في العراق بطائرات مسيرة يتم استخدامها وفقاً لخطة عمل واضحة، لكن بعض الفصائل لا تلتزم أحياناً بالتعليمات الإيرانية وتنفذ هجمات تثير امتعاض طهران.

وتأتي زيارة طائب التي تعد الأولى من نوعها إلى العراق، منذ توليه المنصب عام 2009 لتعويض فشل الجنرال اسماعيل قاآني قائد قوة القدس في الحرس الثوري وخليفة الجنرال قاسم سليماني في إحكام قبضته على الفصائل المسلحة، فضلاً عن أنها تؤسس لعودة الملف العراقي إلى الحرس الثوري الإيراني وإبعاد المؤسسات الأخرى كالاستخبارات والخارجية الإيرانية عن المشهد العراقي في الفترة المقبلة.

أما السبب الآخر للتصعيد بين إيران والولايات المتحدة، فيهدف إلى الضغط على رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي قبيل زيارته المرتقبة إلى واشنطن خلال الأسابيع القليلة المقبلة ليضع مسألة جدولة انسحاب القوات الأميركية على طاولة مباحثاته مع الادارة الاميركية وكبار المسؤولين في وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) وهو في ذات السياق لا يمثل مطلباً عراقياً بل مطلباً إيرانياً بامتياز.

ويعمل المسؤول الإيراني على ضمان الحصول على تعهد من الكاظمي ببحث جدولة الانسحاب الأميركي خلال زيارة رئيس الوزراء العراقي إلى واشنطن التي تريد أن تكون الزيارة محطة تضمن بقاء الأميركيين بطابع مختلف عما هو قائم حالياً وضرورة استمراره بالشكل الذي يؤمن حماية من مخاطر تهديدات التنظيمات المتشددة وفي مقدمتها تنظيم “داعش” الذي يعمل على غحياء خلاياه النائمة بين حين وآخر.

كما يهتم المسؤول الإيراني بملف الانتخابات العراقية المقررة في شهر تشرين الأول المقبل وضرورة إجراء مراجعة شاملة للوضع الراهن على مستوى السياسة الداخلية وعلاقة الأحزاب ببعضها، خاصة أن الخلافات بين القوى السياسية الشيعية مرشحة للتصاعد مع قرب الانتخابات، وهو ما يدفع طهران إلى بذل الجهود لقطع الطريق أمام أي صدام مذهبي يؤثر على المكاسب الإيرانية في العراق.

شارك المقال