حسان دياب الفريد في زمن استثنائي

عالية منصور

من المؤكد أن حسان دياب شخصية فريدة من نوعها، رئيس مجلس وزراء لبنان في ظرف استثنائي لم يسبق أن عاشه لبنان حتى في أسوأ أيام الحرب، كما يقول من عاشوا الحرب.

رئيس حكومة كان من المفترض أن تكون حكومة إنقاذ، تمثل انتفاضة 17 تشرين. فإذا بها حكومة انهيار كامل، وإن كان من غير العدل تحميل حكومة دياب وحدها مسؤولية الانهيار، إلا أن سوء حظ هذه الحكومة وسوء إدارتها وضعتها في موقع المسؤولية الكاملة، ولكن يبقى الأسوأ حظاً هم اللبنانيون.

فقبل أيام اتهم رئيس حكومة تصريف الأعمال ​حسان دياب، خلال اجتماعه بالسفراء العرب والأجانب المعتمدين لدى لبنان، المجتمع الدولي بالوقوف وراء الحصار المفروض على لبنان، وحملهم مسؤولية الانهيار، بل وأكثر من ذلك، حاول دياب ابتزازهم حرفياً بالقول “إن لبنان واللبنانيين على شفير الكارثة. لكن الخطر الذي يهدد اللبنانيين لن يقتصر عليهم. عندما يحصل الارتطام الكبير، سيتردد صدى تداعياته خارج جغرافيا لبنان إلى المدى القريب والبعيد، في البر والبحر. لن يستطيع أحد عزل نفسه عن خطر انهيار لبنان”.

ولم ينسَ طبعاً التهديد بموضوع اللاجئين والنازحين، فقد أصبح التهديد بهم “كلاشيه” لدى البعض عند مخاطبة المجتمع الدولي.

ومع كل ما أثاره كلامه من ردود فعل ديبلوماسية ورد السفيرة الفرنسية عليه، إلا أنها ليست المرة الأولى التي يتهم فيها دياب الآخرين ويتبرأ وحكومته من أي مسؤولية، فقد سبق واتهم “جهات داخلية وخارجية” بمحاولة العبث بالسلم الأهلي وتهديد الاستقرار الأمني، عقب خروج مظاهرات في الصيف الماضي بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، فوصف حينها المتظاهرين بـ”الزعران”.

حسان دياب لم يكن غير معروف عندما تمت تسميته رئيساً لمجلس الوزراء، فقد سبق وشارك بحكومة الرئيس نجيب ميقاتي كوزير للتربية، ومن يتابع مسيرته في وزارة التربية لن يستغرب كثيراً مسيرته في السراي الحكومي. فالرجل مثلا أصدر “كتاباً” تحدث فيه عن إنجازاته في وزارة التربية والتعليم، كتاباً مليئاً بصور له في الوزارة مرة وفي مناسبات اجتماعية وحفلات مرات كثيرة. رجل كان يرى بحضوره لهذه الفعاليات الاجتماعية إنجازا”، ولذلك ليس مستغرباً أن يرى مؤامرة ضده في كل ما يحصل.

عندما زار قطر زيارة رسمية، فاجأ المجتمعين من الوفدين بتقديمه سيرته الذاتية للمسؤولين القطريين من أجل إيجاد وظيفة له بعد تشكيل حكومة جديدة. وإن رأى البعض أن هذا الأمر يُحسب له، إلا أن الرجل استغل منصبه ليتقدم بطلب خاص في وقت كان اللقاء والاجتماع من أجل لبنان كل لبنان. وهذا مثال آخر على كيف يدير هذا الرجل وقته وعمله، وما الشيء الذي يشغل تفكيره.

من اليوم الأول لتسميته كان واضحاً أن الرجل وحكومته ليسوا سوى واجهة لمشروع أخذ لبنان إلى مكان آخر بدل إنقاذه، حكومة يسيطر عليها “حزب الله” ومعه صهر رئيس الجمهورية الوزير جبران باسيل لا يمكن أن تكون حكومة إنقاذ. خطابات شعبوية واستعراضات من هنا وهناك، امتناع عن سداد اليوروبوندز، فشل في المفاوضات مع البنك الدولي، وإساءات بالجملة للدول الراغبة بمساعدة لبنان واللبنانيين، كل ذلك كان يحصل في وقت كانت قوى سياسية وشعبية تصر على إعطاء دياب وحكومته فرصة، ليس حبا بـ”علي ولكن كرها بمعاوية”.

ولذلك قد يكون من المفيد التذكير والتأكيد أن رئيس الحكومة اللبنانية عاجز عن القيام بأي عمل من شأنه وقف الانهيار، هو وحكومته ليسوا سوى صدى لما يقوله ويريده أمين عام “حزب الله” حسن نصرالله، وكل الاستعراضات التي نراها ليست سوى مضيعة للوقت، وإلى أن يرى “حزب الله” أن الوقت قد حان لإنقاذ البلاد والعباد، إن رأى، سيبقى حسان دياب مشغولاً بصورته ونرجسيته، وسيبقى اللبنانيون يواجهون أياماً صعبة جداً.

شارك المقال