جنبلاط لـ “لبنان الكبير”: دوائر بعبدا تريد الغاء الحريري

لبنان الكبير

حاوره: محمد نمر، فؤاد حطيط، ليندا مشلب، رواند بو خزام، عليا منصور، فدى مكداشي، مروى علي وزاهر ابو حمدة، بحضور القياديين في “التقدمي الاشتراكي”: رامي الريّس، صالح حديفة وفراس ابو شقرا.

انه وليد جنبلاط. علامات الزمن على ملامحه. النظرات المتقدة نفسها. الهواجس زادت وسط هذا الوباء المخيف. دائما له حضوره المميز، اذ يتقن التأرجح بين التاريخ والسياسة. 44 عاما على الساحة. يسعى الحليف الى نصحه ويخشى الخصم وضوحه، والجميع يصغون الى قراءته الوقائع بعدما صار خبيرا في شؤون الـ”بيت بمنازل كثيرة”. جئنا اليه بـ”لبنان الكبير” فسرد لنا شجرة عائلة هذا الوطن المسكون، منذ ما قبل الحدود الملتبسة لسايكس بيكو، بأشباح الهويات وأفكار الخراب مثل “الرجل القوي” ونظريات شحن النفوس بانتظار فرصة حرب أهلية جديدة.

أردنا أن يكون كلامه علامة فارقة لولادة موقعنا “لبنان الكبير” فاستقبلنا بحفاوة عن بعد عبر تطبيق “زووم” واختار ان يبدأ هو اللقاء بسرد حكاية “لبنان الكبير”:

ببساطة لبنان الكبير وجد سنة 1920 كما وجدت معه سوريا بحدودها والعراق وفلسطين بعد تقسيم المنطقة من قبل الاستعمار الانكليزي والفرنسي. هذه كيانات جديدة، اذا صح التعبير، كانت موجودة تحت سلطة العرب والسلاطين العثمانيين والمماليك منذ أن طرد البيزنطيون بعد الفتوحات العربية، بعد معركة اليرموك… كنا نحن وفلسطين جزءا من سوريا. صحيح كان هناك ما يسمى جبل لبنان، الذي جعلنا منه اسطورة من أيام فخر الدين الى بشير الشهابي… هذه وجهة نظر. ليست هناك هوية لبنانية بل هناك هويات. في مرحلة معينة كانت هناك هوية عربية جامعة، أما اليوم فإننا نتجه الى هويات عديدة. لماذا خلق الاستعمار الفرنسي لبنان؟ عندما كنت أنزل الى لبنان عائدا من سوريا، بعد جديدة يابوس كنت أرى الجبل. كان الهدف فصل لبنان عن سوريا، عن محيطه الطبيعي. أدى هذا الفصل الى 17 ايار والى حرب الجبل. خلق لبنان الكبير لضم الأقضية الأربعة: طرابلس وصيدا وحاصبيا وراشيا، ومرفأ بيروت، الذي كان زهرة المرافئ على الشاطىء الشرقي من الامبراطورية العثماني ، فألحق بلبنان الكبير كرمى للبرجوازية، التي كانت غالبيتها مسيحية…

المسلمون السنّة هم الذين عارضوا لبنان الكبير، عارضت طرابلس وصيدا… صحيح ان الشخصيات الوطنية، مثل رياض الصلح والكتلة الوطنية في سوريا وغيرهم، اشاروا الى هذه المعارضة بأن تنضم الى لبنان الكبير، ولكن السنّة عارضوه. من وقتها دخلنا الى ما يسمى لبنان الكبير وأصرينا على ما يسمى الهوية اللبنانية والفينيقية والقومية، ثم في موازاتها القومية العربية والى آخره.. اليوم من يمكنه أن يحدد هوية لبنان؟ الأمر صعب. ولكن علينا ان نقبل أننا كيان جغرافي خلقه الاستعمار الفرنسي والى جانبنا فلسطين التي خلقها الاستعمار الانكليزي… وبعد سنتين من سايكس بيكو، خلقوا الوطن القومي الاسرائيلي… لذلك لا يمكن فصل مشاريع الاستعمار من 100 سنة عن مشاريع الاستعمار الآن، وقد تؤدي مجددا برأيي، نتيجة فقدان الهويات الجامعة ربما الى تقسيمات في المنطقة لا احد يعرف جغرافيتها.

* آخر السنة الماضية اطلقت تغريدة أعربت فيها عن خشيتك من قول رحمة الله على لبنان الكبير. هل ما زلت على هذا الكلام؟ هل انتهى لبنان الكبير؟ وكيف يمكننا انقاذ هذا اللبناني ليكون كياناً مستقلاً وسيادياً؟

– أطلقت هذه الخشية اكثر من مرة، واطلقها معي الرئيس نبيه بري… رحمة الله على سايكس بيكو أو ما تبقى منه، سايكس بيكو الذي لم يطبق. رحمة الله على سايكس بيكو. الآن كيف يمكنك ان تحافظ على ما تبقى؟ هذا قد يكون السؤال الاصعب لأن مجرد وجود النزعات شبه الانفصالية يعيدك الى الماضي. ففي هذا البلد هويات طائفية ومذهبية والكل يستند الى تاريخ معين. فلنبدأ بالدروز، كانوا يقولون دائماً ان فخر الدين هو مؤسس الكيان اللبناني.

صحيح فخر الدين أمير من كبار العائلات البحترية التنوخية قضى حياته بالحروب. وفي بعض الكتب أو الدراسات كان مشروع فخر الدين، اذا صح التعبير، في جزء منه مشروعا غربيا ايطاليا ضد السلطنة العثمانية. أمدوه بالسلاح والمال وامتد نفوذه من صفد الى تدمر… ثم جاء بشير الشهابي وعمل ما يسمى “الرجل القوي” هذه نظرية البعض… الرجل القوي في جبل لبنان .. النظرية التي اعتمدها اكثر من رئيس، ما عدا ربما فؤاد شهاب الذي كان رجل حداثة ورجل دولة اذا صح التعبير. الآن كيف يمكن اعادة تركيب المشهد؟ مثلا نتحدث عن الهوية العربية… في الطائف قلنا ان لبنان بلد عربي الهوية. كيف يمكن أن يركب ذلك مع ولاية الفقيه والنزعات الجديدة اليوم.. هذه الهوية العربية ذهبت، من يتحدث عنها اليوم؟ لا أملك الجواب… ثمة هويات متشابكة متنازعة وبعضها على الاقل يمتلك حدا أدنى من القدرة على الحوار.

* هل تعتبر أن هناك مسؤولاً اساسياً عن ضرب هوية هذا الكيان ؟

– لا نستطيع الآن الخوض في سجال لن ينتهي. كلنا مسؤولون. اذا عدنا الى حرب الجبل كنا نحن مع المحور السوري العربي، قبلها كنا مع الناصري، غيرنا كان مع حلف بغداد ثم مر على المحور الاسرائيلي وغيره. كلنا بشكل أو بآخر مسؤولون اذ دخلنا في لعبة الامم.

*وليد بك مع الذكرى 46 لـ 13 نيسان.. انتم عاصرتم هذه المرحلة.. اذا سألك أحدهم عن المرحلة التي تتذكرها والراسخة في ذهنك عن الحرب الأهلية أكثر من غيرها، فبما تجيب؟

– قبل 13 نيسان كان هناك في شباط اغتيال معروف سعد. كمال جنبلاط حاول تأخير الانفجار لكن جاء 13 نيسان.. من قاد تلك الشاحنة تلك الحافلة الى الفلسطينيين، الى شارع المراية في عين الرمانة؟ لا اعرف.. هل المخابرات؟ هل جهات اخرى؟ كان هناك شاهد توفي هو جول بستاني مدير المخابرات.. كانت أسس الحرب موجودة. كنا، كمال جنبلاط والحركة الوطنية، مع فلسطين، مع الفلسطينيين، وليس فقط مع القضية الفلسطينية. كنا لأسباب داخلية ضد ما يسمى المارونية السياسية لاننا اعتبرنا في مرحلة معينة أن الفلسطيني هو جيش المسلمين… كمال جنبلاط حاول ان ينصح المؤسسة “الاستبليشمانت” المارونية السياسية. كان تربطه علاقات ممتازة بالرهبنة المارونية وحذرها من الآتي. كمال جنبلاط الذي كان رئيس الحركة الوطنية طلب منهم البدء بالاصلاح فلم يقبلوا، اذ كان عندهم عرض النظام السوري ومن ورائه الاميركي… استخدموا خيرة الشباب المسيحي الذين ماتوا في تل الزعتر والكرنتينا وعلى الجبهات ثم خلال الغزو الاسرائيلي… كل ما حصل كان في السياق ذاته. اذ كان المطلوب بعد كامب ديفيد الذي رفضه رئيس النظام السوري حافظ الأسد على طريقته القضاء على الفلسطيني وياسر عرفات. وهكذا كان. اشترك المسيحي ثم المسلم ثم أتى الاسرائيلي وراحت منظمة التحرير.

* كل سنة في هذا الوقت تنهال المواقف على اللبنانيين وداعية الى عدم دفع لبنان الى الحرب، وانتم لا تتركون فرصة الا وتدعون فيها الى السلم. اليوم هل ما يحدث في لبنان يعطي اي مؤشر الى اننا على طريق الحرب، خصوصاً أن هناك من يتحدث عن مشاريع خارجية تريد أن ينهار الهيكل على الجميع من اجل أن تعيد ترتيبه مجدداً؟

– لا اعتقد أن هناك حربا لسبب بسيط، هو أن لا أحد غير “حزب الله” يملك السلاح… لا أتصور أن هناك حربا، لكن الانهيار الاقتصادي الذي يتفاقم قد يثير الفوضى واليأس والقتل… الفوضى نتيجة الانهيار الاقتصادي نوع من الحرب… أما حرب بالمعنى الكلاسيكي القديم فاستبعدها.

*هل تعتبر انه منذ مسار الحرب لليوم بأن عهد ميشال عون هو اكثر مرحلة تأذت فيها المصالحة في الجبل؟

– عندما نتحدث عن لبنان الكبير يعني جبل لبنان الذي وسعوه الى البقاع لأنه ارض الزراعة والمرفأ لأسباب اقتصادية… لكن يبقى في ذهنية البعض، من دون ان نسميه، الصراع على جبل لبنان المختلط الذي ابتدأ من ايام الاقطاع الدرزي وايضا ايام الاقطاع المسيحي، بشير شهاب… بشير جنبلاط، ثم حرب ال 1860 التي كان الدروز فيها طرف نفوذ للانكليزي والموارنة غالبيتهم كان طرف نفوذ لفرنسا… دائما تحضر فكرة الرجل القوي ليس فقط عند ميشال عون. كانت عند بشير الجميل وعند امين الجميل وحتى كميل شمعون لكن التوازنات الخارجية، ايام حرب 1952 او ثورة 1958 كان هناك من جهة عبد الناصر ومن جهة اخرى الغرب… اليوم خوفي انه لم يعد هناك من روادع خارجية او موازين خارجية تحفظ ما يسمى بالكيان اللبناني الكبير اليوم.

*اتفاق الطائف أنهى الحرب الأهلية واليوم هناك مطالبات كثيرة بتطيير هذا النظام بسبب الأفق المسدود بسبب الدستور… هل ترى ان لبنان بالفعل يتجه الى نظام جديد بظل حديث عن فيديرالية ولا مركزية ومثالثة ؟

– الفيديرالية مستحيلة، وهي تذكرني بنظرية التعددية الحضارية. هناك ناس يعتبرون أنفسهم حضاريين أكثر من غيرهم… هذا منطق مستحيل لأن أحوال الناس متشابكة بين بعضها البعض.. السكن… العيش كل شيء متشابك. أخبرني أين هناك منطقة لبنانية طائفية صافية… هذه نظرية الفيديرالية مستحيلة… انتحارية… هذه نظرية وفكرة بدأت أيام نظام حافظ الأسد حين كان شقيقه رفعت يعتبر الحاكم الثاني في سوريا وكان عنده جيش ثان. في الحرب سنة 1975 استخدم بعض الناس الذين لا يزالون على قيد الحياة، مثل كريم بقرادوني، وميشال سماحة الذي كانت غلطته بألف غلطة فوضع نفسه في السجن… انه امر محزن ولكن هذه مسالة ثانية… كانوا يومها يتحدثون عن تحالف الأقليات، اي العلويين والموارنة والدروز ولم يكن هناك يومها ما أنا أسميه التيار غير العربي الشيعي… كمال جنبلاط رفض هذا الطرح فكان ذلك أحد أسباب اغتياله… كمال جنبلاط رفض فكيف سيركب هذا التحالف؟ حسنا، في الوقت الحاضر السنّة في انحدار تاريخي مؤقت، من العراق الى سوريا الى لبنان، ما يسمى الهلال الخصيب، فهل هذا يدوم؟ بالتأكيد لا يدوم.. ليس بالمقدور تركيب هذا التحالف ضد الغالبية.

* يعني أنك لا تخشى على اتفاق الطائف بلبنان؟

– هل طبق الطائف؟ لا لم يطبق في الاساس. مثلا موضوع الغاء الطائفية السياسية المنصوص عليه في الاتفاق هل هناك أحد يريد تطبيقه؟ وصيغ الاتفاق بهدف توزيع الصلاحيات بين المكونات الكبرى لكن كان ثمة حاجة لمن يرعى هذا التوزيع فتولى ذلك النظام السوري، اي غازي كنعان، الذي طبق الطائف على طريقته على الأقل. اليوم الكل يخرج بنظريات حول الطائف، لكن لا بديل.

* بما يخص الموضوع الحكومي رأينا زيارات في الفترة الأخيرة لوزير الخارجية المصري والأمين العام المساعد في الجامعة العربية كما سيزورنا المسؤول الأميركي ديفيد هيل… هل لمستم اي ايجابية في هذه الزيارات يمكن أن تدفع باتجاه تشكيل الحكومة؟

– عندما زرت ميشال عون بدعوة منه نحو اربعة اسابيع قلت له ان سعد الحريري مصر على حكومة ال18 وزيرا، ثم أنك لا تقدر الغاء سعد الحريري، لان ثمة دوائر حول رئيس الجمهورية تريد هذا الالغاء. دستوريا لا تستطيع ان تلغيه هو موجود وهو في الوقت الحاضر زعيم السنّة. قال لي حكومة 18 وزيرا “ما بتمشي”، تحدث عن الـ20 وزيرا فقلت له “خلينا نروح” على 24… وركب الرقم السحري، 24 وزيرا، لكن من دون ثلث معطل، فقال لي “ما في ثلث معطل”.. هذا كلامه. بعد أسبوع زاره السفير السعودي وليد البخاري وحصل بلبلة، لانه حدث سوء تقدير أو سوء أدب، السفير السعودي يزور قصر بعبدا ورئيس الجمهورية يأتي بفيلسوف الفتاوى الخاطئة سليم جريصاتي، الذي يفتش عن نظرية دستورية لالغاء سعد الحريري والاتيان ببديل عنه.. “البلد ما بيمشي هيك، الطائف هيك مركب البلد..” ثم جاءت رسائل بعضها مع سعد وبعضها ضد سعد… في المحصلة: يا جبران باسيل لا تستطيع القول اذا لم تشارك بالحكومة لا تعطي الثقة، انت اكبر تكتل نيابي واذا كان هناك تشكيل حكومة عليك ان تمنح الثقة، ولا تستطيع ان تلغي سعد الحريري… ويا سعد: انت وجبران علام اختلفتما بعدما كنتما معا طوال ثلاث سنين؟ علام اختلفتما ليصبح هناك حاليا بعد دولي وبعد اقليمي وبعد عربي ولا اريد ان اسمي الكثر.

* انطلاقا من كلامك عن جريصاتي نفهم أنك تؤكد الكلام عن سعي القصر الجمهوري الى طرح اسم بديل عن سعد الحريري.. اليوم ثمة من ينتقدك بأنك انقلبت على حليفك سعد الحريري وصرت أقرب الى الرئيس عون… او انك تنتقم من المرحلة التي كان فيها الحريري وباسيل في مرحلة العسل؟

– هل هذا ما استنتج من زيارتي لبعبدا؟ انني انتقم من سعد الحريري؟ اتصل رئيس الجمهورية بي هاتفيا. بيننا تباعد سياسي هذا صحيح لكن هل أرد عليه بأنه غير موجود؟ رئيس الجمهورية موجود وفي هذا البلد لا أحد يلغي أحدا. هذا البلد محكوم بالتسوية. ماذا قال صائب سلام بعد ثورة 1958؟ قال: لا غالب ولا مغلوب.. رئيس الجمهورية موجود، صعدت الى بعبدا كنت واضحا بقولي لا تستطيع ان تلغي سعد الحريري وهو متمسك بالـ18 وزيرا لكن فلنبحث عن حل وسط.

* النظرية الشائعة والتي يميل اليها بيت الوسط والرئيس الحريري هي أنه بمجرد توسيع اطار الحكومة الى 24 سيصير هناك سجال أيضاً حول من يسمي المسيحيين الذين يبقون خارج الأحزاب فنكون قد رجعنا الى الثلث المعطل بطريقة التوائية…

– لا اوافق، اذا اتفق سعد الحريري مع جبران باسيل ومع ميشال عون فانهم يسمون من يريدون… سعد الحريري الذي عرض على رئيس الجمهورية في زيارته الاولى او الثانية او الثالثة لقصر بعبدا وزارات الداخلية والدفاع والطاقة والعدل. لاحقا استدرك سعد وقال انه لا بد من استرجاع وزارتين وأن نتفق معا على الاسماء نحن وميشال عون. وعندما زرته، في تلك الزيارة اليتيمة التي اعلنت عنها لاحقا، قلت للشيخ سعد: لماذا اعطيته؟ لماذا تنازلت؟ خلينا “نلفلف” الهزيمة. رد علي قائلا: اي هزيمة؟ فأجبته: كيف تعطيه كل هذه الوزارات؟. خلينا “نستعين” بالرئيس بري. فقال: ما في هزيمة.. من وقتها صار هناك جفاء بيني وبينه…

يحق لي أن أعطي رأيي فلست موظفا عند أحد. ان ارى الى اين ذاهبون في المستقبل هذه كل القصة.

* بخصوص وزارة العدل، سمعنا فريق بعبدا يطالب بها وسط تخوف من استخدامها بملفات قد تمسك انت والحريري و بري… فهل انت مع اعطاء هذه الوزارة لرئيس الجمهورية؟

– لا مانع عندي. انا جاهز للمحاسبة. اذا غيري خائف فهذا شانه. انا لست خائفا مهما كان، وحتى لو كانت محاسبة من فريق سياسي. في الوقت الحاضر القضاء معطل. ليس هناك من قضاء مستقل حتى في هذه الظروف.

* هل هذا التقارب مع رئاسة الجمهورية مرده الخوف من استخدام قضية قبرشمون ضدك؟

– هذه القضية تحل بدمج حادثتي الشويفات وقبرشمون وانجاز المصالحة.

* ما سر العلاقة بين وليد جنبلاط والرئيس الحريري، حتى اذا وقع اي خلاف يتم تطويقه بسرعة؟

– في نهاية الامر، يبقى سعد الحريري ابن الشهيد رفيق الحريري… وهناك نضال مشترك في الساحات، من 14 آذار الى غيرها، هناك علاقة شخصية الى علاقة سياسية.. ولكن هل هذا يعني ان الاختلاف ما عاد ممكنا؟. أنا وليد جنبلاط وبعد 44 سنة من السياسة اعطي رأيي… لست موظفا عند أحد، ولست تابعا لأحد. وبالتأثير السياسي، ماذا يمكن أن اؤثر على “حزب الله”؟. ليس بمقدوري التأثير على الساحة المسيحية، على سمير جعجع أو ميشال عون، وعلى الساحة السنية كذلك. لكن بامكاني أن أعطي رأيي، الا اذا كان ممنوعا ابداء الرأي… واذا فسرت زيارتي لميشال عون بانها انقلاب، فهذا ضرب من الخيال الزائد.

* في الاسبوع الماضي سمعنا عن محاولات لجمع الحريري بباسيل. هل انت مع اجتماع كهذا على الرغم من انه يخدم باسيل اكثر من أي طرف آخر وتقويه داخليا؟

– لا الغاء سعد الحريري ممكن دستوريا او سياسياً، ولا الغاء جبران باسيل ممكن سياسياً او دستورياً… هذا جوابي.

* هل البلد الآن هو ضحية الخلاف الشخصي بين جبران باسيل وسعد الحريري؟

– ما عندي فكرة. أعرف انهما على مدى ثلاث سنوات كانا “سمن على عسل” لا أدري ما الذي استجد بينهما.

*هل اخطأ وزير الخارجية المصري بعدم لقاء جبران و”حزب الله”؟

– لا أريد التدخل بخصوصيات السياسة المصرية. كل دولة لها طريقتها.

* في حال مرت أشهر بعد وما تشكلت حكومة، البلد الى اين؟

– بعد شهرين، حسب ما فهمت من مدير عام وزارة الاقتصاد الاستاذ محمد ابو حيدر، وحسبما نسمع من حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، سيبدأ استخدام الاحتياطي الالزامي. هذا ممنوع ويتطلب اصدار قانون. كيف نتفادى هذا الامر؟ نحن في الحزب الاشتراكي أول من طرح ترشيد الدعم وليس وقف الدعم بل الترشيد. قدمنا ورقة في المجلس النيابي، الوحيد الذي ايدنا علناً كان رئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي الاستاذ شارل عربيد. الرئيس بري مع هذا الطرح لكن ربما الظروف لم تسمح له ان يقول نفس الشيء. وفي الجلسة الشهيرة عند الشيخ سعد قلت له: غدا سيستخدمون الاحتياطي الالزامي، فقال لي: “ما فيهم”، قلت: “بكرا بتشوف” انهم يقدرون.

الدعم يذهب للعصابات المشتركة من التجار اللبنانيين والسوريين وغير السوريين، ونرى المواد الغذائية المدعومة في أفريقيا والدواء في العراق… لماذا يجب أن نصرف مليارا و200 مليون دولار على الادوية فيما نحن الآن قادرون على صرف اقل من ذلك بكثير؟ فقط لأن الاطباء يرفضون ان يصفوا لك “جينيريك”… كلهم متحالفون. شركات الادوية أقوى.. مهربو البنزين الى سوريا اقوى من السلطة على المصنع.

هذا يعني اننا ذاهبون الى مزيد من الانهيار الاقتصادي. فماذا يستطيع المواطن اللبناني القيام به… لا اعرف اذا كبار المسؤولين واعون لهذا الموضوع؟ هم أدرى مني بكثير.

* ماذا عن طرح رئيس حزب القوات سمير جعجع بشأن الانتخابات النيابية المبكرة تليها انتخابات رئاسية وتشكيل حكومة؟

– لا اوافق معه على موضوع القانون الانتخابي الحالي، الذي أجبرنا على السير فيه، والشيخ سعد اخطأ بانه قبل هذا الاختراع لأحد كبار العباقرة في الدستور ايلي الفرزلي… “شايفين كيف عم ننتقل من عبقري الى عبقري، من الفرزلي لجريصاتي”… مشي الجميع في هذا القانون. ماذا بامكاني أن أفعل؟ ماذا أمثل اليوم؟ أمثل ما تبقى من الوجود المعنوي لهذه الشريحة الدرزية أنا وغيري وليس لوحدي. تفكك كل شيء، صار كل واحد يصوّت لحاله. الدكتور سمير عنده حسابات أنه اذا زادت حصته المسيحية في المجلس يصبح ما يسمى المسيحي القوي، ليقول لنا: تفضلوا انتخبوني رئيسا للجمهورية… ارجعوا الى تاريخ جبل لبنان عند كمال الصليبي ارجعوا لـ”بيت بمنازل كثيرة”.

* وليد بك هل تخشى ان يتم التجديد لمجلس النواب؟ هل هناك من يتجرأ أن يقول أنه سيمدّد للنواب الحاليين؟

– نحن مع تغيير النظام الانتخابي، هذا ليس معناه اننا نستطيع أن نؤثر على شيء. اذا كانت الكتل الكبرى: القوات والوطني الحر و”حزب الله” وكتلة الرئيس بري وتيار سعد الحريري، يريدون القانون الحالي فماذا أفعل أنا مع 5 أو 6 نواب. لن نقدر أن نغير شيئا.

أنا مع الطرح القديم المثالي: لبنان دائرة انتخابية واحدة خارج القيد الطائفي. وللمشايخ والرهبان يكون هناك مجلس شيوخ بصلاحيات محددة للشؤون الدينية مع انني أنا ضد هذا الشيء. أنا مع الغاء المجالس والمحاكم المذهبية، أنا مع محكمة تابعة للدولة ومدنية.

* وليد بك اذا مجلس النواب الحالي هو نفسه من سينتخب رئيس جمهورية، هل تنتخب جعجع؟

– “أنا بطلت نائب الحمدلله. بدك تسأل تيمور”.

* ما رأيكم بسجال البيانات الدائر اليوم بين “المستقبل” و”الوطني الحر” الثلث المعطل والتمسك به واتهام الحريري بالسعي الى امتلاك النصف زائد واحد الذي انتم من ضمنه؟

– لا تحسبوني في حصة أحد. لا نصف زائد واحد ولا نصف زائد اثنين. لست من حصة أحد. وأنا لا أقرا بيانات، هذا تضييع للوقت. أقرأ بعض الملخصات التي يعدونها لي صباحاً.

* هل كنت من المدعوين الى باريس؟هل صحيح أنه كانت هناك في نية فرنسية لعقد سان كلو جديد؟

– هذه كلها اخبار واشاعات تم تداولها ولم نعرف شيئا. لم تصلني دعوة او اتصال. لم نعلم اذا كان صحيحا وجود دعوات أم لا.

* ثمة من يقول ان الأمور في لبنان لا تستوي الا بنزع سلاح “حزب الله”. هل برأيك يمكن نزع هذا السلاح؟ وكيف يمكن حل قضية حزب الله في لبنان؟

– سبق وطرحنا هذا الأمر مراراً وتكراراً عندما كان الرئيس ميشال سليمان موجودا، ووضعنا تصورا آنذاك في ما يسمى الخطة أو الاستراتيجية الدفاعية. لكن كما صرحت أيضاً مراراً وتكراراً هذا الأمر ليس قرار لبنان. هذا امر يعود الى قرار الجمهورية الاسلامية الايرانية متى تقتنع هي والسيد حسن بأن يكون الحزب ضمن الجهاز الدفاعي والسياسي في لبنان، ضمن الجيش اللبناني. هذا ليس متوقعا في لبنان. أما نزع السلاح… في الماضي طالبت آنذاك الجبهة اللبنانية بنزع السلاح الفلسطيني فالى أين وصلنا؟ اقرأوا التاريخ… كأن هذا العنصر من الحزب مستورد الى لبنان… فلنكن واقعيين. هذا العنصر ليس مستوردا. هذا ابن الجنوب، ابن الضاحية، ابن هذا الوطن، لبناني وله عقيدته وتمسكه بأرضه، فنقول له: “اعطيني سلاحك ببلاش”… آسف هذا جوابي.

*التدقيق الجنائي اصبح قانونا صوتت عليه جميع الكتل النيابية. لماذا هناك اصرار من قبل رئيس الجمهورية اليوم على تحويله وكأنه مادة انتقامية منك ومن الرئيس بري؟

– لا علاقة لي بالأمر. أنا جاهز للمحاسبة على كل شيء. لا علاقة لي، مع كل محبتي للآخرين. يكفي. “مش كلن يعني كلن أنا من كلن”. تفضلوا حاسبوني أنا جاهز.

* القطاع الكهربائي هو المدخل الحقيقي للاصلاح الاقتصادي اللبناني ووقف الهدر. لماذا لم يتم تعيين الهيئة الناظمة لهذا القطاع؟

– هذا كان المطلب الفرنسي الأساسي قبل أحداث 17 تشرين. كان المطلب الأساسي موضوع اصلاح قطاع الكهرباء. وكم من محاولات جرت، عرض كويتي، عرض فرنسي وغيرهما… لم يقبل وقتها جبران باسيل ثم سيزار ابي خليل ولاحقا البستاني. لم يقبلوا وبقينا محلنا. لماذا؟ لا اعلم اسألوه… أسمع أن هناك شخصا نافذا اسمه سمير ضومط، قالوا لي عنه، لا اعرف اذا ما زال موجودا.

*هل تعتقد اليوم أن بيروت سيتم تجزئتها كمسرح للاعمار ضمن احياء مثل سوليدير، ضمن احياء وأزقة تابعة لدول أوروبية وخليجية، وسط الحديث عن تقديم مشروع لمرفأ بيروت؟

– لا، علينا ان لا نغلط. أعدوا خرائط من قبل المجلس الاعلى للتنظيم المدني بعد انفجار بيروت، الذي دمر الأشرفية والجعيتاوي وتلك المناطق. ما قاموا به ليس قانونيا بحسب اعتقادي، اذ اصدروا قرارا بمنع الاعمار الى ان يتم وضع مخطط توجيهي. بالنسبة الى هذه المناطق العرض الالماني اذا صحيح امر آخر. هو يقول بيروت المرفأ، واذا شمل كل بيروت يكون ممتازا. ولكن كيف تجزئة بيروت. هي وحدة متكاملة وسيكون أمرا ممتازا اذا اعيد لنا المرفأ. مرفأنا كاد ان يصل بمرحلة معينة ليوازي مرفأ حيفا. مرفأنا ممتاز مع مرفأ مدينة طرابلس التي دفع أهلها وأهل الشمال ضريبة لبنان الكبير. كل الفقر والاهمال من آنذاك سببهما أن البراجوازية البيروتية بشتى انواعها تركت طرابلس تموت. مرفأ طرابلس من اهم المرافئ حتى اهم من بيروت لكن العمق لطرابلس هو حمص، كركوك، هو سوريا والعراق.

* ما رأيك بالكلام الذي نقله فريدريك هوف عن الرئيس بشار الأسد بخصوص مزارع شبعا؟

– معه حق. وقتها بشار كان حاكم كل سوريا. ووقتها بشار يؤكد نظريتنا، يؤكد الكذبة الكبرى التي طلع فيها بالـ2000 بعض كبار الضباط ووضعوا خرائط جديدة، وعملوا من مزارع شبعا وبالتالي كفرشوبا لبنانية. هذا غير صحيح. معه حق، لكن وقتها كان حاكم سوريا. اليوم من حاكم سوريا؟ اليوم ما عاد بشار عنده قرار.

* اليس غريباً في 2019 عندما طرحت الموضوع ثارت حملة كبيرة ضد كلامك واعتبروه تنازلا عن مزارع شبعا، في حين اليوم بعد كلام هوف لم نسمع موقفا رسميا لبنانيا واحدا؟

– تلك المناطق تابعة للقرار 242 ولا علاقة للبنان بـ242 الذي طلعت عليه نظرية بريطانية تأويل انسحاب من اراض محتلة أو من الأراضي المحتلة. لا زلنا في هذه النظرية، لكن نحن لا علاقة لنا. نحن لم نشترك في حرب 1967.

* هل مشكلة الحكومة، مشكلة الكيان، هي لبنانية داخلية أو هي جزء من مشكلة المنطقة الممتدة من العراق الى سوريا ولبنان.. كل هذه المنطقة ما عادت تملك قرارها مع غياب عربي كامل؟

– تفادياً لأن ندخل عمداً أو نبقى ننتظر ما يسمى من مبادرات، بغض النظر ما هي المبادرات. مصر وجهة نظرها ان يكون هناك الحد الأدنى من وفاق داخلي، الحد الأدنى من حكومة تتفادى المزيد من الأنهيار الاقتصادي وبحسب مدير وزارة الاقتصاد محمد ابو حيدر فاننا اذا احسنا التصرف نستطيع ربما أن نخفض الدعم من 6 مليارات دولار في السنة الى 3 مليارات.. هذا أمر ممتاز اذا نجحنا فيه.

* هل لبنان يدفع حاليا جزءا من ثمن قانون قيصر للعقوبات؟

– نعم. هذه القوانين والعقوبات على الحكام لا تصيب الا الشعوب. النظام السوري هل يعاني شيئا؟ لا شيء. جماعة النظام تعاني شيئا؟ لا شي. الشعب هو الذي يعاني، ونحن مع الشعب.

*الشعب في كل الأحوال كان يعاني…

– إنما ما كان يعاني مثل اليوم. حدث الامر ذاته في العقوبات على كوريا الشمالية حتى الديبلوماسيين الروس اضطروا أن يغادروا بالقطار على الحدود مع الصين لانه لم تعد هناك مواد أولية اساسية. “هو الزعيم عايش فوق يقتل من يحكي”. قبلا ما كانت سوريا في بحبوحة لكنها لم تكن في هذه الدرجة من الفقر والعوز. كان يوجد طغيان وظلم، نعم لكن ما كان هناك هذه الدرجة من العوز.

* بالأمس الغيت زيارة كانت مقررة للرئيس حسان دياب الى العراق وقيل أن هناك ضغوطا مورست على بغداد لمنع الزيارة. ما رأيكم بهذا الموضوع؟

– ما عندي فكرة. لا اتابع كل شيء.

*في ظل العقوبات الى أين تتوقع أن يتجه لبنان هل سيكون نسخة من العراق في التسعينات ؟

وهل هناك أكثر مما يجري اليوم من انهيار اقتصادي ومزيد من الانهيار في حال غياب حكومة أو الحد الأدنى من التنسيق أو حتى الحد الادنى من تصريف الأعمال؟ لا يستطيع رئيس الوزراء الحالي حتى لو كان مستقيلاً أن لا يصرّف الأعمال وهو ملزم أن يقدم الموازنة. لا اريد التوسع اكثر لا اعلم ماذا يجري في الوضع المحيط.

* يصار الحديث عن ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل لبنان رفض طويلا المفاوضات حول الترسيم باعتبار انها هذه ستكون بمثابة اعتراف بالكيان الاسرائيلي. اليوم وافق لبنان على المفاوضات ولو عبر وساطة فهل هذه بداية الاعتراف به؟

– نحن لا نقول بالاعتراف باسرائيل… ولكننا لا نستفيد مما قام به الرئيس بري على مدى 10 سنوات، واسترجاع الحق اللبناني بالثروة النفطية أو الغازية في البحر برعاية الأمم المتحدة. فجأة يخرج تصريح من القصرالجمهوري يقول: نحن نطالب بالمساحة التالية… اعتقد ان المساحة المطلوبة كانت 850 كيلومترا مربعا، فجاء القصر الجمهوري يطالب بـ1500 كيلومتر. يعني أصبحنا على مشارف حيفا أو عكا. وقتها كان لي تصريح اشرت فيه الى أنه اصبح لدينا شبعا برية وشبعا بحرية. هل هذا الكلام واضح؟ يعني لا نستطيع أن نقرر نحن كلبنان ثروتنا النفطية. وبعدما نجح الرئيس بري بأن يضع هذه المفاوضات عبر الأمم المتحدة، ليست مباشرة بل من خلال لجنة اجتمعت مرتين أو ثلاث مرات ثم راحت.

* هل لبنان مستعد أن يتنازل عن جزء من ثروته في هذه المفاوضات؟

– نحن مشينا في خط معيّن اكان قد رسمه آنذاك الرئيس بري مع مفاوضين متعددين من هوف الى غير هوف هذا كان حقنا. كان هناك بعض التفاصيل، وأنا لا أملك كل الحيثيات، ولكن نحن لا نطالب من أجل التعجيز ولا نضع انفسنا بنفس مستوى سوريا مع إسرائيل . عندما طالبت بترسيم الحدود بعد حوار 2006 قبل الحرب، قبل العدوان الاسرائيلي، طالبنا وقتها بترسيم الحدود مع سوريا، في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا. قال آنذاك السيد حسن: لا تستخدموا كلمة ترسيم استخدموا كلمة تحديد. يعني أن يكون هناك اطار مشترك لتخرج وثيقة واحدة من قبل الحكومة الى الحكومة السورية، تعترف فيها سوريا بهوية مزارع شبعا. ثمة حاجة الى وثيقة للامم المتحدة لتصبح شبعا لبنانية. الأسد أدلى بتصريح ولم يعطنا وثيقة. الآن ما عادت لديه قدرة على الطاولة لأنه لم يعد يسيطر الا على قسم صغير من سوريا هو وشركاؤه. هو الآن الحلقة الاضعف.

* طالعنا بيانكم الأخير بالنسبة الى الفلسطينيين في لبنان وحق العودة فهل ترى فعلاً أن مخطط التوطين أو التهجير سيحصل أو يفرض على لبنان وهل من دلائل على ذلك؟

– أولاً هناك تضخيم للارقام. أرفض تضخيم الأرقام للوجود الفلسطيني الى نصف مليون أو أكثر. ثانياً معظم اللاجئين في سوريا ولبنان من فلسطينيي 48 ومعظم قراهم دمّرت أو احتلت أو صودرت.. لست خائفا من الموضوع. اصدرنا قانونا لكنه لم يطبق، يسمح للفلسطيني بالعمل مثل اللبنانيين، ان تكون له فرص عمل. والفلسطيني عندما اتى الى لبنان استخدمته البرجوازية اللبنانية بكل قطاعاتها، لانه كان عاملا نشيطا فكان أساسيا في معامل تل الزعتر وغيرها.. كان في الاساس عاملا ثم صار هناك عمل سياسي وصار هناك سلاح. المهم ان نحافظ على الكيان. ونؤكد على حق العودة. الادارة الأميركية الحالية، من خلال أعادة تجديد اعترافها بالأونروا كمنظمة لمساعدة اللاجئين وباعترافها بحل الدولتين… في الوقت الحاضر أبعد شبح الغاء حق العودة بانتظار حل الدولتين… هذا يحتاج حديثا طويلا.

* كيف ترى امكان تخلص العالم قريباً من فايروس كورونا؟

– حسب ما فهمت من الفريق الطبي في مستشفى عين وزين حيث تلقيت اللقاح، أنه الى حد الآن تلقح 1,5 بالمئة من اللبنانيين فقط. ومتوقع اذا بقينا على هذه الوتيرة الوصول الى نتيجة ان كل الشعب اللبناني قد أخذ الطعم (ما بحب كلمة لقاح. ما بعرف منين طلعوا فيها) فان الأمر سيطول الى العام2025، هذا من دون حسبان اللاجئ السوري واللاجئ الفلسطيني.

والآن ستبدأ تجارة اللقاح على الطريقة اللبنانية، على طريقة الفينيقية اللبنانية.. يعنى كنا بالغنى عنها لكن ماذا نفعل… هذا لبنان على الأقل ان شاء الله تكون الوتيرة أسرع بالتطعيم.

* على المستوى الشخصي، تجربة هذا الوباء ماذا تعني لك؟

-الناس قاعدة ببيوتها “مزروبين وانا مزروب”، لكن على الأقل أنا عندي فرصة أطلع على المختارة. الموضوع ليس هنا… ليس هناك ازعج من الكورونا نفسياً… حتى لو أخذت الطعم “خلينا مع مسافات التباعد الاجتماعي”.

* نصحتنا منذ زمن بأن نقعد على ضفة النهر ونننتظر… الآن بماذا تنصحنا؟

– هناك اولويات. اذا اردنا ان ننتظر هؤلاء فوق، نضيع هنا. اذا أحب كبار القوم، الذين يقررون ويمسكون باللحظة التاريخية، فلنحاول ان نتواضع وان نشكل حكومة.

* من خلال رؤيتك للمستقبل هل ننتظر حكومة قريباً؟

-اسألوا أصحاب الشأن. أنا أقول ان الذي أثق به في هذا الموضوع هو الرئيس نبيه بري. لا أقلل من أهمية الشيخ سعد والرئيس عون. وأعود أؤكد مجدداً أن ما من أحد يقدر أن يغلب الثاني في هذا البلد. مرقنا بظروف أصعب. اذكر حكومة الانقاذ الوطني بعد مؤتمر لوزان سنة 1984 اجتمعنا مع أمين الجميل بعد اسقاط 17 أيار. تذكروا التاريخ اجتمعنا معه وكانت هناك جولات نقاش وحاولنا، ثم عادت الحرب لأن الظروف ما كانت مؤاتية بعد للوصول الى تسوية الطائف بمساعدة السعودية وأميركا والنظام السوري… حسنا ولكن لا احد يستطيع ان يلغي احدا.

* العقوبات الأوروبية وما يحكى عنها هل ستكون برأيك عاملا ايجابيا للحض على تأليف الحكومة ام ستعقد الأمر اكثر؟

– اذا أوضح الاوروبيون أكثر من يريدون معاقبتهم سأكون شاكرا، لأنه ايضا شعار “كلن يعني كلن” صار معتمدا في بعض وزارات الخارجية. هنا فليسمحوا لنا.

* ماذا نقل اليكم السفير السعودي عن موقف بلاده تجاه لبنان والحكومة؟

– عندهم وجهة نظر احترمها. السعودية داخلة في حرب مع إيران ونرى كل يوم مدن السعودية ومطاراتها مهددة. ورأينا أنهم قدموا مبادرة حول الحل في اليمن رُفضت، حتى الاميركي اجتمع في عُمان مع الحوثيين. يبدو مطلوب الحوار على الساخن من اجل الوصول بالمحادثات الأميركية الايرانية غير المباشرة اليوم الى نتيجة معينة حول العودة او امكان العودة الى ما يسمى الاتفاق النووي. ما يحدث يشبه ما حدث في بالماضي عندما كانت هناك طاولة مفاوضات في باريس بين الأميركي والفيتنامي، وكانت تمطر قنابل على هانوي فيما الوفد الفيتنامي كان يناقش كيفية الدخول الى طاولة المفاوضات، و حجم الطاولة وحجم العلم. احياناً الدول الكبرى هذه وسائلها.. “نحن شو؟” نحن كيان وفق كمال الصليبي، بيت بمنازل ذات هويات متعددة، مش قادرين بين بعضنا نتفق عالحد الأدنى من أجل ترشيد الدعم.. اذا هذا الأمر لسنا قادرين عليه لكن بدنا نمشي بالنظريات الكبرى… عند اختلاف الامم احفظ رأسك.

لكن الواضح ان الحوثيين ومن ورائهم ايران يصعدون العدوان يوميا على المملكة من خلال الطائرات المسيرة وعلى الأرض لاحتلال اليمن الشمالي عبر استهداف مأرب.

*الا تخاف أن نطلع مرة جديدة جائزة ترضية لاتفاق اميركي إيراني؟

– ما هي امكانياتنا في حال لم نتوحد على الحد الادنى. نحن دائماً نتجه نحو التحليلات الكبرى. “خلينا باليوم”. لأننا بالماضي كان ممكن ان نسير بالتحليلات الكبرى، لانه ما كان عندنا هذه الأزمة الاقتصادية. في أوج الحرب وتبادل القذائف والمعارك ما كان الوضع الاقتصادي مثل اليوم. خلينا على الأقل نعالج ما نستطيع. الا اذا سلمنا الى رأي سفير من هنا ووزير من هناك، ونصيحة من هنا ومحور من هناك…

* هل نهاية هذا النفق هو تغيير “السيستام”؟

– هل هذا الوقت للدخول في تغيير الطائف؟ هم المواطن ربطة الخبز وسعر اللحمة… هل هم المواطن هو تغيير النظام؟ فلنكن واقعيين بعض الشيء.

* كنت قدوة لأبناء طائفتك بموضوع اللقاح. انتظرت دورك على المنصة ورفضت كزعيم سياسي أن تاخذه قبل أصحاب الأولوية من كبار السن والمصابين بأمراض مزمنة… يمكن أبناء الجبل متخوفين أكثر من عودة حرب الجبل ويسألون دائماً هل صحيح وليد بك حصن المختارة بسلع غذائية للاكتفاء الذاتي؟

– لا، اقوم بجهدي من خلال مؤسسة الفرح لتلبية حاجات المواطن، ليس فقط الدرزي، يجب الا يكون عندنا عصبية وتقوقع … من الاقليم الى دير القمر الى غيرها من المناطق اسعى جهدي. هذا الجهد بدأ بالكورونا والحمد لله نجحنا الى حد ما ولكنها لم تكن تجربة سهلة. هذا الوباء مخيف. أخذت الطعم والتقطت الصور فقط لأن هناك شريحة كبيرة لا يؤمنون بالطعم، لذلك انتظرت حتى جاء دوري.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً