محادثات سرية ايرانية – سعودية – اردنية في بغداد

لبنان الكبير

لم تقتصر مباحثات رئيس استخبارات الحرس الثوري الإيراني حسين طائب في بغداد الأسبوع الماضي على القيادات السياسية أو العسكرية  المتحكمة بالفصائل العراقية، بل تعدته إلى إجراء حوارات منفصلة مع وفدين أمنيين سعودي وأردني بشأن ملفات إقليمية مهمة.

ووفقاً لمصادر مطلعة، فإن جزءاً مهماً من جدول أعمال زيارة طائب إلى بغداد كان يتضمن شقاً يتعلق بالوضع الأمني الإقليمي وخاصة العلاقات مع السعودية والأردن، مشيرة إلى أن بغداد لعبت دوراً حيوياً ومهماً في تسهيل جمع الخصوم وترتيب الحوار السعودي – الإيراني إضافة إلى إشراك الأردن في حوار ذي أبعاد أمنية.

وأشارت المصادر إلى أن رئيس استخبارات الحرس الثوري الإيراني حسين طائب أجرى حواراً مطولاً مع وفد أمني سعودي رفيع تواجد في بغداد تزامناً مع وجود طائب وباتفاق مع بغداد من أجل مناقشة ملفات عدة حساسة منها الحرب في اليمن وتهديدات الميليشيات المدعومة من إيران للأراضي السعودية إلى جانب ملفات أخرى. كما أن وفداً أردنياً أمنياً أجرى هو الآخر مباحثات مع المسؤول الأمني الإيراني بشأن ملفات تتعلق بالأمن الإقليمي وضرورة إبعاد الميليشيات المتواجدة على الحدود مع الأردن وعدم استثمار ذلك التواجد بشن هجمات تؤثر على الوضع بين الأردن وإسرائيل .

واعتبرت المصادر أن تلك الحوارات السعودية والأردنية مع إيران تمثل خطوة متقدمة على صعيد التهدئة الإقليمية بين دول المنطقة في ظل الدور العراقي المتصاعد الذي تقوده حكومة مصطفى الكاظمي لتحقيق الاستقرار بالمنطقة على الرغم من وجود مؤشرات على التصعيد العسكري للفصائل العراقية لمواجهة التواجد الأميركي واستهداف المصالح والقواعد والسفارة الأميركية في العراق.

ويمثل التحرك الإيراني في شقه الخاص بالحوار مع السعودية محاولة لتجاوز مرحلة التمادي في التدخلات الخارجية التي كانت سائدة أثناء وجود الجنرال قاسم سليماني على رأس قوة القدس عندما كان متحفظاً بشدة على أي تهدئة أو تفاهم مع السعودية أو حتى الولايات المتحدة، وهو رأي كان يشاطره به أبو مهدي المهندس رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي وكلاهما قتلا بغارة أميركية في مطار بغداد مطلع العام الماضي.

واحتاجت إيران إلى أن يكون المجال مفتوحاً للرئيس الجديد ابراهيم رئيسي لتحقيق انجاز ديبلوماسي لاستكمال ما بدأه الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني لتحقيق تهدئة أو هدنة ديبلوماسية خاصة أن المملكة العربية السعودية تظهر قدراً كبيراً من الوضوح في مواقفها كونها لا تفكر بالتوسع إقليمياً أو التدخل بالشؤون العراقية بقدر ما تعمل على حفظ حدودها من خطر الفصائل العراقية الولائية أو إبعاد خطر الحوثيين في اليمن عنها.

ويبدو على أغلب الظن أن المباحثات السعودية – الإيرانية لم تنجح حتى الآن في ظل وجود نقاط خلافية لم يتم حسمها خاصة أن المرشد الإيراني علي خامنئي يستخدم ورقة الحوثيين من أجل الضغط على السعودية حتى تضغط الأخيرة على الولايات المتحدة لتكون متساهلة في مفاوضات فيينا الخاصة بالملف النووي، لكن سقف المطالب السعودية مازال مرتفعاً بقدر ما حاجة إيران للتهدئة.

وتتركز محاور مفاوضات الرياض – طهران أيضاً على الحد من استخدام الطائرات المسيرة المفخخة مقابل مساعدة سعودية للبنان لضمان عدم انهياره. أما في العراق فشرط السعودية هو أن يكون للمملكة رأي يؤخذ به في ما يخص الشخصية التي ستتولى منصب رئيس الوزراء القادم واستمرار تدفق الصادرات السعودية للعراق بدون مضايقات وفتح أكثر من ثلاثة معابر على الحدود العراقية السعودية ووجود شركات سعودية في مختلف مناطق العراق .

وقطعت المملكة العربية السعودية الطريق على إيران في إثارة ملف حساس خلال المفاوضات خاصة أن الرياض تعبر صراحة عن رفضها للتطبيع مع إسرائيل كما تواصل حض الدول العربية على رفض التطبيع وهو موقف قديم لكنه يثير انزعاج إيران التي تريد بقاء ورقة المقاومة وفلسطين حاضرة لتدغدغ مشاعر المسلمين.

ومن الواضح أن المملكة العربية السعودية تتمسك برؤيتها الواضحة للسلام الإقليمي وتهدئة الملفات الحساسة والإيمان بالحوار الحقيقي أساساً للحل بعيداً عن التكتيكات الإيرانية واللعب على الحبال أو اعتماد حلول مؤقتة للتخلص من آثار العقوبات الأميركية والعزلة التي تعانيها طهران.

شارك المقال