النفوذ الإيراني في سوريا “قشة” في ظهر الروس

حسناء بو حرفوش

النفوذ الإيراني يعيق الخطط الروسية في المنطقة، بحسب ما نقل مقال نشر على موقع “المونيتور” (al-monitor)، الذي يعنى بشؤون الشرق الأوسط. ووفقا للتحليل، “تواجه روسيا تحديات كبيرة في سوريا، أبرزها المواجهات بين الجماعات الأميركية وتلك الموالية لإيران في سوريا والعراق. وبينما لا تمتلك موسكو حالياً الموارد اللازمة للقضاء على النفوذ الإيراني في سوريا، سيفيدها على الأقل منع توسع أنشطة التشكيلات العسكرية الموالية لإيران.

(…) ويعيد وجود مجموعات شيعية راديكالية موالية لإيران في صفوف قوات نظام الأسد، طرح التساؤل حول “خطورة” مثل هذا الوجود بالنسبة لمهمة الجيش الروسي في سوريا (…) وقد تخلق الهجمات الانتقامية التي تشنها التشكيلات الموالية لإيران ضد المنشآت العسكرية الأميركية الواقعة بالقرب من الفرات المزيد من المخاطر بالنسبة للجيش الروسي، حيث قد تتواجد عناصره في كثير من الأحيان بالقرب من الأهداف الأميركية. وعلى الرغم من انتهاجها لخطاب عدائي في كثير من الأحيان ضد الولايات المتحدة، لا تتدخل روسيا في المواجهة بين الجيش الأميركي وفيلق الحرس الثوري والعديد من القوى الدولية الموالية لإيران في العراق وسوريا.

إحراج مع الحليف الإسرائيلي؟

وينطبق الأمر نفسه على الصراع بين سوريا وإيران من جهة وإسرائيل من جهة أخرى. حيث يُنظر إلى إسرائيل على أنها شريك استراتيجي لموسكو في الشرق الأوسط. وتود روسيا أن تجنب نفسها العواقب السلبية لهذا التصعيد. وعلى الرغم من أن المسؤولين الروس يرفضون الاعتراف بالخلافات مع إيران في سوريا، إلا أن بعض كبار العسكريين الذين خدموا في سوريا تحدثوا بشكل مباشر عن ذلك (…) حيث أشار الجنرال سيرغي تشفاركوف، الذي رأس مركز المصالحة الروسي بين الأطراف المتحاربة في سوريا من أيار وحتى أيلول 2016، إلى أن “تمويل إيران للجماعات الشيعية ومحاولات نشر التشيّع في المناطق السنية تقليدياً قد يؤدي إلى تأزيم العلاقات مع السنة والأكراد داخل سوريا.

(…) بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن تجاهل المخاوف حول انتشار الجماعات الشيعية المتطرفة المرتبطة بطهران في سوريا، حيث سجّلت بالفعل حوادث أسفرت عن مقتل جنود روس أو متعاقدين عسكريين من القطاع الخاص نتيجة لهجمات الولايات المتحدة وإسرائيل ضد قواعد الحرس الثوري الإيراني والمسلحين الموالين لإيران. وأدت محاولة استيلاء التشكيلات الموالية لإيران على حقلين للنفط والغاز (…) في شباط 2018 إلى مقتل العشرات من المتعاقدين العسكريين الروس (…) حادثة أخرى (…) في أيلول 2018 في شمال غرب سوريا حيث أصابت صواريخ سورية موجهة ضد طائرات حربية إسرائيلية لكنها انحرفت عن مسارها، الطائرات الروسية. في الوقت نفسه، أثر وجود قواعد الحرس الثوري الإيراني والمسلحين الشيعة الراديكاليين في الجوار المباشر للمنشآت العسكرية الروسية في حميميم وطرطوس، على الروس بشكل مباشر.

غطاء للقوى الإيرانية

وتعمد قيادة الحرس الثوري الإيراني بدورها، “لتمويه” مقاتليها الأجانب في سوريا من خلال دمجهم في الوحدات النظامية للجيش العربي السوري، وتحديداً وقبل كل شيء، تشكيلات النخبة من الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد والحرس الجمهوري، والتي تعمل كغطاء للقوى الشيعية الدولية في سوريا (…) وفي نهاية 2020، حاولت قيادة الحرس الثوري الإيراني استخدام الجيش الروسي لتغطية تشكيلاتها من تحركات الطائرات الأميركية والإسرائيلية. على سبيل المثال، ساعدت الميليشيات المدعومة من إيران والتي تسيطر على البوكمال، الشرطة العسكرية الروسية على إقامة عدة نقاط تفتيش عند المدخل الغربي للمدينة. في الوقت نفسه، انتشرت على سبيل المثال، تقارير حول نقل أو “فرار”، كما ورد في بعض التقارير الإعلامية، مجموعات فردية من المسلحين الموالين لإيران إلى صفوف الجبهة الخامسة الموالية لروسيا (…) وتسليم مواقع معينة من قبل قوى الجماعات الشيعية إلى تشكيلات مختلفة موالية لروسيا. ويستهدف هذا التضليل المتعمد على الأرجح، الولايات المتحدة وإسرائيل، لإعطاء الانطباع بأن روسيا تتجه تدريجياً للسيطرة على هذه المناطق (…) عملاً بمنطق أن  أن الولايات المتحدة وإسرائيل ستوجهان بالتالي ضربات أقل، لكن المحاولات باءت بالفشل واستمرت الضربات الأميركية في شباط 2021 ضد القوات الموالية لإيران شرق سوريا، مجبرة القيادة الروسية على الابتعاد عنها، وتحديداً في آذار 2021 حيث تخلى الجيش الروسي عن مواقعه في البوكمال وانسحب إلى مدينة الميادين.

الروس يقلصون النفوذ الإيراني

ويدرك الجيش الروسي على الأرجح مخاطر وجود وحدات الحرس الثوري الإيراني على الضفة اليمنى لنهر الفرات. لذلك، يعمل على تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة من خلال دعم التشكيلات المحلية للقوات الوطنية (…) ومن المحتمل أن تدفع الضربات الأميركية القادمة ضد الجماعات الموالية لإيران وتبادل إطلاق النار بينها وبين الجيش الأميركي، الجانب الروسي لتكثيف الجهود من أجل إنشاء مناطق خالية من المسلحين الموالين لإيران (…) في إدلب على سبيل المثال (…) حيث تقضي مصلحة روسيا على الأقل بحصر الوجود الإيراني في بعض المناطق المعزولة، والتي لن تسمح للعناصر الايرانية وتلك الموالية لها، “بالتدفق” إلى مناطق أخرى من سوريا (…) ومع ذلك، قد يفتح هذا الموقف أيضا باباً جديداً للتفاعل بين روسيا والولايات المتحدة بخصوص المسار السوري. في النهاية، ألم تستهل الاتصالات بين الرئيس فلاديمير بوتين والرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب على خلفية مناقشة الوضع جنوب غرب سوريا، حيث حاولت روسيا والولايات المتحدة منع انتشار الجماعات المتطرفة الموالية لإيران بالقرب من الحدود مع إسرائيل؟

ومن يدري؟ ربما تتمكن موسكو وواشنطن من التوصل في ظل إدارة بايدن، لأرضية مشتركة وحلول لتخفيف حدة التصعيد على طول الحدود السورية مع العراق، وتحديداً على الضفة اليمنى من نهر الفرات، حيث تنتشر تشكيلات موالية لإيران. كما يمكن إجراء عملية تشاورية على غرار المفاوضات في عمان (2017-2018)، بحضور عسكريين ودبلوماسيين روس وأميركيين وأردنيين قادرين على توفير حل مناسب للوضع جنوب غرب سوريا”.

شارك المقال