الحريري يعتذر… الله يعين البلد

هدى علاء الدين

زرعوا تعطيلاً وطائفيةً وحقداً فحصدوا خراباً ودماراً وانهياراً، عاثوا في الجمهورية فساداً، ورقصوا على أشلاء وطن مزقه مستشارون في أروقة قصر فاحت منه روائح تعطيل المبادرات الإنقاذية الواحدة تلو الأخرى. هكذا تسابق العهد مع الزمن من أجل دفع الرئيس سعد الحريري إلى الاعتذار، ولعب في الوقت الضائع، فكان لهذا الوقت أثر كارثي لن تكون عواقبه حميدة في ظل سلسلة انهيارات تعصف بلبنان منذ أكثر من عام ونصف.

قرار الاعتذار عن حكومة ميشال عون أرجعه الحريري إلى تأكدّه بأن عون لا يزال يريد الثلث المعطل وأن حزبه لن يمنح الثقة لحكومته، فكانت معادلة لا للثقة نعم للثلث المعطل الحجر الأساس لولادتها، رافضاً أن يكون جزءاً من الفراغ الذي يستمتع به رئيس الجمهورية في ظل وجود فريق اتخذ قراراً بالعمل ضده وضد لبنان معاً منذ ساعات التكليف الأولى.

بالأمس أغلق العهد بإرادته مرحلة تكليف الرئيس سعد الحريري، مضيعاً الفرصة على لبنان من أجل النهوض والمباشرة بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي لوقف النزيف الاقتصادي والمالي وإعادة الثقة بالعملة الوطنية والقطاع المصرفي. وفي المقابل، فتح أبواباً جديدة من الاستكبار والأحادية في حكم لبنان التي ستودي حتماً إلى الفوضى السياسية والأمنية.

الله يعين البلد الذي دخل اليوم نفقاً مجهولاً ومرحلة مظلمة عنوانها “لا حياء لما تنادي”، فمرحلة الفراغ الجديدة ستكون أكثر ضراوة وشراسة وانهياراً على الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وجنون التمسك بالثلث المعطّل سيُلقي بظلاله على الأزمة السياسية وسيعمق من انعكاساتها السلبية على رحلة انهيار الليرة اللبنانية أمام الدولار، وعلى زعزعة الأمن الاجتماعي والغذائي.

إقرأ أيضاً: مستشار الرئيس الحريري لرئيس الجمهورية: إن غفا

ما هو واضح أن أسئلة كثيرة ستكون بانتظار العهد في الأيام القليلة المقبلة، الذي وقع مجدداً في فخ القرارات الخاطئة، فالبحث عن بديل عن سعد الحريري لن يكون متوافراً في الوقت الراهن، وهو الذي كان يملك في جعبته أكثر من ورقة رابحة اقتصادياً ومالياً. فالحريري يثق بقدرته وقدراته ويعلم تماماً كيف يُدير بوصلة الخلاص، وكيف يحدّ من جحيم هذا الانهيار، وهو الذي يمتلك مفاتيح للحلول لا يمتلكها أي من أصحاب الكراسي التي أهلكت وطناً بما فيه.

فهل سيدرك العهد فداحة الخطيئة التي ارتكبها أم سيمعن في خطاياه المدمرة؟ وفي كلتا الحالتين سيندم يوم لا ينفع الندم.

شارك المقال