فلسطيني خائف في لبنان

زاهر أبو حمدة

فجأة، تصدر منظمة التحرير الفلسطينية والقوى الوطنية والإسلامية تحذيراً على شكل نصيحة: “لا تخرجوا من المخيمات إلا للضرورة القصوى”. يحصل ذلك بعد اعتذار الرئيس سعد الحريري عن عدم تشكيل الحكومة العتيدة وقطع بعض الطرق. تصل الرسالة على مجموعات “الواتس أب”، وبالتالي وصلت لكل بيت فلسطيني. بكل تأكيد، أراد المُرسل الإيعاز للناس بعدم التدخل بما يحصل في الشارع اللبناني كي لا يكون شماعة أو على الأقل ألا يكون ضحية فيتحول سبباً لأمر ما. يدرك الفلسطينيون أن معاناتهم لا تقل عن معاناة اللبنانيين، لكن كيف يعبرون عن غضبهم. لا يستطيعون إغلاق طريق، أو التعبير بصراحة على وسائل التواصل الاجتماعي خشية من أن يسجل عندهم تعليق: “وأنت شو دخلك”، “مش معاجبك ارجع على بلدك”…هذا إذا ما دخلت سيمفونية التوطين في تسجيل المواقف.

إقرأ أيضاً: لبنان أمام الفوضى: ماذا عن المخيمات الفلسطينية؟

يعاني الفلسطيني فوق كل معاناته المعيشية من رهبة البوح، أو من فوبيا الكلام بالشأن اللبناني، علماً أنه يقف في طوابير البنزين وينام من دون كهرباء، وإذا مرض لن يجد دواء، وإذا جاع لن يجد سلعاً أساسية ضرورية. هذا ما يحصل تماماً مع المواطن اللبناني، لكن يحق لابن البلد أن يُعبر ولو بـ”بوست” على “فيسبوك” أو تغريدة في “تويتر”. أما اللاجئ الفلسطيني فيموت على البطيء من دون صراخ خشية من انزعاج طبقة في لبنان ترى فيه خطراً على وجودها عبر هواجس تزرع في العقول والقلوب فتولد عنصرية وتمييزاً لا يمكن تبريره.

حالة الفلسطيني الخائف من القول، لا يمكن علاجها. وأصبحت حالة مستعصية تجعل اللاجئ منكفئاً وهارباً مما يجري حوله. ولعل ما حصل في تشرين 2019، أخاف الفلسطيني أكثر. فقلبه يريد التغيير في لبنان كي يحصل ولو على جزء من حقوقه الإنسانية، وعقله يردد: “بلاش نفوت بالقصة ويحسبونا على طرف”. كذلك عند كل المحطات الأساسية في لبنان بعد اتفاق الطائف، انكفأ الفلسطيني إلى مخيماته من دون التدخل بما يحصل في البلاد، يراقب لا أكثر وكأنه اسكندنافي يتابع من وراء البحار.

كل الظن، أن هذه الحالة لن تستمر طويلاً. لأن الفلسطيني يصعب تدجينه، وسيجد نفسه يعبر عن مشاعره قبل أن يقول موقفه. لأنه باختصار شديد في الغريزة الإنسانية: “الجوع أقوى من الخوف”.

شارك المقال