قضاة بلاط “العهد القوي” لقمع اللبنانيين والتعطيل

محمد شمس الدين

تفاخر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بتفوقه في تقييم مونتريال المعرفي (MOCA) وهو اختبار من 30 نقطة يختبر ضعف الذاكرة، ويواجه الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن انتقادات واسعة اليوم بسبب عدم خوضه نفس الاختبار، بل إنَّ العديد من نواب الحزب الجمهوري بقيادة طبيب البيت الأبيض السابق روني جاكسون وجهوا رسالة لبايدن للخضوع للفحص، وذلك بعد شكهم بأهلية بايدن الصحية بعد تلعثمه في بضع مقابلات صحافية، وللمفارقة، لم تستنفر الماكينات الإعلامية ولا القضائية لمعاقبة من يطالبون بالتثبت من أهلية رئيسهم بالحكم.

أمّا في لبنان، لن يجرؤ نائب واحد على التقدم بهكذا رسالة، بل وعندما تقدم مواطنون بطلب عبر المسار القضائي للتثبت من أهلية رئيس جمهورية البلد المنهار بسبب أداء “العهد القوي”، واجهوا حملة شعواء من إعلام شعراء البلاط، وبل استنفرت قاضية العهد “المستقلة” القاضية غادة عون وادعت عليهم بالقدح والذم والتحقير، فماذا يقول القانون؟

القانون اللبناني لحظ الأهلية

أكدّ مصدر قانوني في حديثٍ خاص لـــ”لبنان الكبير” أنَّ القانون اللبناني لحظ مسألة الأهلية في المادة 216 من قانون الموجبات، التي تنص على أنَّ تصرفات الشخص المجرد كل التجرد من قوة التمييز، فهي قابلة للإبطال (كالصغير والمجنون) تعد كأنها لم تكن. أما تصرفات الأشخاص الذين لا أهلية لهم لكنهم من ذوي التمييز، فهي قابلة للإبطال (كالقاصر المميز). ولا يجوز لمن تعاقد مع فاقد الأهلية أن يدلي بحجة الإبطال، فهي من حقوق فاقد الأهلية نفسه أو وكيله أو ورثته. وإذا كان العقد الذي انشأه القاصر المميز غير خاضع لصيغة خاصة، فإن القاصر لا يمكنه الحصول على إبطاله إلا إذا أقام البرهان على وقوعه تحت الغبن. أما اذا كان من الواجب إجراء معاملة خاصة، فالبطلان واقع من جراء ذلك، دون أن يلزم المدعي بإثبات وجود الغبن”.

دعوى القاضية عون غير صائبة

يشير المصدر الى أنّه “من حق أي مواطن التقدم بدعوى مثل هذه، ولا يوجد نص يمنع بل بالعكس يحق لأي صاحب مصلحة أن يدعي، ولكل لبناني الصفة كون الضرر يطال الجميع، وما قام به المدعون هو مسار قانوني سليم ويحق لهم حيث إنَّ المادة 9 من قانون أصول المحاكمات المدنية تضمن حقّ التّقاضي (اللجوء إلى القضاء وحقوق الدفاع) لجميع الأفراد المقيمين في لبنان، من دون التّمييز بين اللّبناني والأجنبي. ولا يتضمن قانون الرسوم القضائية أي أحكام من شأنها التمييز في المعاملة بين اللّبناني والأجنبي لجهة قيمة النّفقات والرسوم القضائية”.

ويؤكد المصدر أنَّ “ادعاء القاضية غادة عون على المواطنين الذين اتبعوا المسار القانوني هو غير صائب قانونياً، وإذا أرادت الاستناد إلى المادة 384، فإنَّ المادة حددت وسائل القدح والذم وفق المادة 209 من القانون نفسه، والتي لا تتضمن فعل التقدم بدعوى تثبت  أهلية، وتعد وسائل النشر حسب المادة هي الأعمال والحركات إذا حصلت في محل عام أو مكان مباح للجمهور أو معرض للأنظار أو شاهدها بسبب خطأ الفاعل من لا دخل له بالفعل. الكلام أو الصراخ سواء جهر بهما أو نقلا بالوسائل الآلية بحيث يسمعها في كلا الحالين من لا دخل له بالفعل. الكتابة والرسوم واللوحات والصور والأفلام والشارات والتصاوير على اختلافها إذا عرضت في محل عام أو مكان مباح للجمهور أو معرض للأنظار أو بيعت أو عرضت للبيع أو وزعت على شخص أو اكثر اياً كانت الوسيلة المعتمدة لذلك بما فيها الوسائل الالكترونية”.

بين جريصاتي واستقلالية القضاء… العهد يعطل

واعتبر المصدر أنَّ التشكيلات القضائية القائمة التي تعرف بتشكيلات جريصاتي هي من أسوأ التشكيلات، وإنَّ كل المراكز القضائية المسيحية المتقدمة يشغرها قضاة محسوبين على العهد، والمفارقة أنَّ قاضي الإدعاء هنا القاضية غادة عون معروفة بولائها المطلق لرئيس الجمهورية وأيضاً قاضي التحقيق الأول نقولا منصور، والمهزلة الكبرى بحسب المصدر أنَّ من يسوقون أنّهم يريدون استقلالية القضاء، يعطلون التشكيلات القضائية الأخيرة التي كانت بعيدة لدرجة كبيرة عن التدخلات السياسية، والمرسوم عالق في عهدة بعبدا.

إقرأ أيضاً: القضاء يخلع ثوبه… مَن يفصل بين القضاة؟

بعد أنّ احتوت جهنم على انهيار في العملة، وانقطاع في المواد الأساسية من المحروقات والدواء والغذاء، وارتفاع جنوني في الأسعار، وتهريب واحتكار وطوابير، وموت على أبواب المستشفيات، وطبعاً الهجرة تبعاً لنصيحة رئيس الجمهورية “اللي مش معاجبو يهاجر”، لا بد أن يزاد عليها السيطرة على القضاء، والتهويل على المواطنين به إن فكروا يوماً أن يسألوا عن أهلية من يحكمهم. مثلما اشتهر نموذج “شعراء البلاط”، سيشتهر في لبنان بابتداع “قضاة البلاط”.

شارك المقال