تصاعد النبرة الايرانية يمنح نصر الله الحق بإعلان الحرب؟

عبدالرحمن قنديل

تتصاعد النبرة الايرانية شيئاً فشيئاً، ضد العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة المستمر منذ عشرة أيام، بدءاً من تحذير الرئيس الايراني إبراهيم رئيسي، من أن الحرب ستتوسع في حال لم توقف إسرائيل هجماتها، وصولاً إلى التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية الايرانية حسين أمير عبد اللهيان الذي ألمح إلى إمكان اتساع جبهات الحرب الدائرة في قطاع غزة ومحيطه، مؤكداً أن هذا الاحتمال يزداد كل ساعة، وأن طهران لن تبقى متفرجة على الوضع الراهن. ونبّه على أن اتساع جبهات الحرب وارد “إن لم تنجح مساعي وقف العدوان على غزة”، مشدداً على أن إيران والمنطقة والفاعلين فيها “لن يبقوا متفرجين” إزاء هذا الوضع.

هذه النبرة تتزامن مع الأحداث التي تشهدها جبهة الجنوب اللبناني وتأخذ المواجهات بين “حزب الله” واسرائيل منحى تصاعدياً يوماً بعد يوم ولو بصورة طفيفة في موازاة الرسائل التهديدية التي تصدر من الطرفين، ما جعل لبنان في “قلب الحرب” التي لم يعلن عن انطلاقها رسمياً حتى الآن، وإن كانت المعطيات الميدانية تعكس وفق عدد من المراقبين أن القصف المتبادل هو مقدمة لحرب قد تكون أعنف من حرب تموز 2006 التي لم توفر حينها لا البشر ولا الحجر.

ولكن ما بدا لافتاً هو غياب الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله عن المشهد من دون إطلالة أو حتى خطاب منذ إندلاع عملية “طوفان الأقصى” إلى أن توسعت رقعتها لتصل إلى حدود الجنوب، مكتفياً ببيانات إعلامية رسمية من حزبه، تاركاً لغزاً حول أسباب هذا الغياب في ظل عملية باركها وإيران مع الاحتفاظ بمسافة المراقب ولو من بعيد وكأنهم يطبقون مقولتهم التي لا تزال تتردد حول الرد في الزمان والمكان المناسبيين على الرغم من نبرة إيران المتصاعدة.

كل هذا جاء مترافقاً مع التحذيرات التي تلقاها لبنان من خطورة قيام “حزب الله” بفتح جبهة الجنوب لما فيه من إرتدادات كارثية لا يستطيع البلد تحمل تبعاتها على الرغم من السخونة التي شهدتها الأيام الماضية والهدوء الحذر بين الجولات.

أشار النائب بلال الحشيمي الى أن “ما تبين حتى الآن أن كل القرارات التي تتعلق بلبنان هي قرارات إيرانية بإمتياز لأن لا دولة في لبنان ولا قرارات سيادية لها لأنها تنتظر القرار إما من قيادة حزب الله أو إيران”.

وأوضح الحشيمي في حديث لـ”لبنان الكبير” أن “وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان عندما يقول ان ساعة الصفر حزب الله من يقررها، أي أن من يقررها هي إيران خلال تحدثه عن الوضع في لبنان، وكأن عبد اللهيان أصبح هو المرشد الأعلى في لبنان وذلك من خلال مشهدية دخوله إلى المطار وطريقة إستقباله من حزب الله وحركة حماس وحلفائه ومن ثم لقائه الأمين العام لحزب الله وجعل زيارته الى السراي الحكومي في آخر أولوياته وكأنه لا سيادة في البلد، ما يوضح أن قرار الحرب والسلم ليس بيد الأمين العام للحزب بل بيد وزير الخارجية الايرانية، أي لبنان أصبح رهينة لمصالح إيران”.

وعن مضمون ما تحدث عنه ممثل إيران في الأمم المتحدة عندما قال: “إذا تم الاعتداء على إيران ومصالحها فبالتأكيد سنرد”، سأل الحشيمي: “أين سيردون في طهران أو في لبنان بما أنه أصبح صندوق بريد بيد إيران؟”.

وأعرب عن اعتقاده أن “الوتيرة الإيرانية المتصاعدة تجاه إسرائيل لا علاقة لها إذا كانت الجبهة الجنوبية ستفتح أم لا، لأن مقدمات الحرب لا تبدأ بالتهديد والوعيد ودخولها ليس بحاجة اليها، وطالما أن تصريحات التهديد والوعيد كثرت في الأيام السابقة وستستمر فهذا مؤشر على عدم الدخول إلى الحرب، إنما لا يخلو الأمر من باب حفظ ماء الوجه من بعض المناوشات التي تتعرض لها المناطق الجنوبية خصوصاً البعيدة عن القرار 1701 لإثبات الوجود ليس أكثر”.

وأكد الحشيمي أن “حزب الله ما زال متمسكاً بقواعد الاشتباك مع إسرائيل لذلك حدود المناوشات في الجنوب تبقى ضمن إطار هذه القواعد لإراحة الطرفين وحفظ ماء الوجه لهما”، معتبراً أن “حزب الله يفكر ملياً في حال فتحت جبهة الجنوب في مصير المناطق الجنوبية ومصير الناس فيها لأن عام 2006 كانت هناك بيئة حاضنة محلية وخارجية أما اليوم فهذه البيئة لم تعد قائمة لا داخلياً ولا خارجياً وليست هناك أموال ولا إعمار، ومن جهة أخرى كيف سيكون تأثير الجبهة في حال فتحت عليه لأن الكثيرين من اللبنانيين معارضون لدخول لبنان الحرب لأنه لا يزال عالقاً في أزمته الاقتصادية والمعيشية، لذلك في حال أطل الأمين العام لحزب الله ستكون إطلالته فقط لإعلان الحرب أو للحديث عن مضمون مختلف للحفاظ على قواعد الإشتباك”.

أما النائب غسان سكاف فرأى أن “كل الفرقاء يجب أن يكونوا منضبطين في الوقت الحاضر لأن الأمور يمكن أن تخرج في أي لحظة عن السيطرة بأي طريقة غير مقصودة وتؤدي إلى هلاك البلد، ومجريات الأمور تشير إلى أن حزب الله ومن ورائه إيران فوجئوا بتوقيت عملية طوفان الأقصى ككل اللبنانيين والغرب والعرب”، معتبراً أن “حركة حماس تفردت بإطلاق الشرارة الأولى للعملية من دون تنسيق مع بقية فرقاء الممانعة، والتخطيط للعملية بدأ منذ أحداث عين الحلوة إن كان من خلال مبدأ وحدة الساحات والانطلاق بهذه العملية ولكن عدم نجاح خطة عين الحلوة صرفت النظر عن هذا المخطط الذي كانت تجمع عليه أطراف الممانعة ولكن تفردت حماس بالقيام به”.

وقال سكاف: “هناك نوع من الانتظار لمعرفة ما ستؤول إليه الأمور وبالتالي أخذ المبادرة في الدخول في المعركة أم لا، لذلك يجب على الدولة اللبنانية أن تكون لها الكلمة الفصل في هذا الموضوع ولا يجب أن تكون تابعة لآراء المنظمات وأهوائها إن كانت فلسطينية أو غير فلسطينية”.

ولفت إلى أن “هناك إستباحة للسيادة اللبنانية من خلال البيانات التي تصدرها حركة حماس أو المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير الخارجية الإيرانية في بيروت، ولبنان لم يعد يحتمل ولا يستطيع أن يتحمل حرباً جديدة ولا تكلفتها على كل الأصعدة، لأننا ممكن أن نعرف متى تبدأ ولكن لا نعرف متى تنتهي فالوضع الإقتصادي والمعيشي في لبنان لا يسمح بمجازفة من هذا النوع”.

وتمنى سكاف “لو تحدث وزير الخارجية الإيرانية بالطريقة نفسها والتصعيد هذا في طهران وليس في بيروت تجنباً لتبعاته وأخذ التحذيرات الدولية من إنفجار الوضع في لبنان في الإعتبار، لأنه يجب إستغلال الوضع المتأزم والمتقلب لإنجاز الإستحقاق الرئاسي بالسرعة المطلوبة فيكون رأس هرم للدولة لإدارة الأزمة في لبنان”.

شارك المقال