بوليغراف: ادّعاء الأسد حول الدستور “الشعبي” مضلّل

حسناء بو حرفوش

نشر موقع “بوليغراف” (polygraph) الأميركي المتخصص بالتدقيق في الحقائق، مقالاً اعتبر أن الرئيس السوري بشار الأسد “ادّعى زوراً في 17 تموز، خلال أدائه القسم الدستوري لولاية رابعة مدتها سبع سنوات، أن الدستور أولوية غير خاضعة للنقاش أو للمساومات لأنه عنوان الوطن ولأنه قرار الشعب”، مشيراً إلى الانقسام في الداخل السوري، مع سرد جدول زمني يبيّن محاولات عائلة الأسد المقنعة للاحتفاظ بالسلطة مع إيهام الشعب بالعكس.

وبحسب المقال، “أدى بشار الأسد اليمين في القصر الرئاسي بدمشق بحضور 600 شخص، بعد انتخابات وصفتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بأنها صورية. وركز الأسد في خطاب تنصيبه الذي استمرّ لأكثر من ساعة، على رفض أي عملية دستورية مقبلة بتسهيل الأمم المتحدة في البلاد، واصفاً هذه الفكرة بأنها وسيلة تعبد الطريق للفراغ وبالتالي للفوضى في البلاد”.

الدستور قرار شعبي؟

ويصف المقال “ربط الأسد دستور البلاد بقرار الشعب، بالخطاب المضلل. وفي الواقع، ماطل الأسد في إطلاق عمل اللجنة الدستورية المدعومة من الأمم المتحدة والتي تهدف إلى إنهاء عقد من الحرب الأهلية وتشكيل حكومة انتقالية. مع الإشارة إلى أن عائلة الأسد حكمت سوريا منذ 51 عاماً. وتسلم بشار الأسد السلطة في العام 2000 بعد وفاة والده حافظ الأسد، وسبق له أن أعلن أنه لن يشارك في أي محادثات مع خصومه السوريين في الحرب، والذين يحظون بدعم الولايات المتحدة وتركيا. علما بأن وزراء خارجية إيران وتركيا وروسيا وافقوا في كانون الأول 2016، على إجراء محادثات سلام حول سوريا في أستانا عاصمة كازاخستان، عملاً بقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254، الذي صادق قبل عام على خارطة طريق لعملية السلام في سوريا وحدد جدولاً زمنيا للمحادثات.

“دستور السيطرة على البلاد”

وفشلت محادثات السلام التي رعتها الأمم المتحدة في جنيف، بوقف الأعمال العدائية في سوريا. كما حضر المبعوث الخاص لسوريا غير بيدرسون، في العام 2017، اجتماعات أستانا لتسهيل المحادثات ومقارنة الملاحظات وإحراز المزيد من التقدم في القضايا المختلفة المتعلقة بتنفيذ قرار مجلس الأمن 2254. ووافقت الحكومة على الدستور السوري الحالي في العام 2012، إثر الاضطرابات الأهلية والحرب التي اندلعت في العام المنصرم. أما الدستور فهو نسخة منقحة من دستور العام 1973 الذي وضع تحت حكم والد الأسد بعدما قام بعملية تطهير لتمكين سلطته في البلاد. وبالفعل، منح دستور 1973 حزب البعث بقيادة الأسد السيطرة الكاملة على البلاد.

ومع اندلاع الاضطرابات في سوريا في العام 2011، طالب المتظاهرون بتغيير دستوري وبتشكيل حكومة جديدة تنهي حكم عائلة الأسد. وترجم رد النظام السوري بالميثاق الجديد في العام 2012. ووضعت التغييرات حداً لحكم الحزب الواحد لكنها أبقت الأسد ثابتاً في السلطة وسمحت بإجراء انتخابات قد تضمن حكمه لــ16 عاماً أخرى. وعلى الرغم من أن وسائل الإعلام السورية أعلنت حصول الميثاق على نسبة موافقة تصل إلى 89% في استفتاء شباط 2012، إلا أن المسؤولين الغربيين والمعارضة السورية وصفوا التصويت بالزائف. وفي العام 2015، ومع استمرار الحرب الأهلية في سوريا، تبنى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار 2254، الذي دعا إلى وقف إطلاق النار على مستوى البلاد وإلى المفاوضات لتأمين انتقال سياسي من شأنه تحديد جدول زمني وعملية صياغة دستور جديد.

إقرأ أيضاً: اللاجىء السوري ليس ورقة للعب السياسي

بعد ذلك بأربع سنوات، وتحديداً في أيلول 2019، شكلت لجنة دستورية ضمت ممثلين عن النظام السوري والمعارضة السورية والمجتمع المدني السوري. ومع ذلك، اصطدمت اجتماعات اللجنة المخصصة لمناقشة الدستور الجديد مراراً وتكراراً بطريق مسدود. وفي كانون الثاني الماضي، تحدث بيدرسن من الأمم المتحدة عن “عدم مشاركة” وفد الحكومة السورية بعد رفض اقتراح الميثاق. وأكدت هيئة التفاوض السورية أن وفد الحكومة السورية أضاع الوقت في الخوض في قضايا غير ذات صلة والادعاء بأن المعارضة السورية ليست شرعية. كما أعلن مسؤولون في المعارضة أن وفد الأسد أخر تقدم المفاوضات من خلال اشعال الجدل حول اقتراح علم ونشيد جديدين. وفي آذار، حثت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، روسيا حليفة الأسد، على الضغط على سوريا “للكفّ عن المماطلة”، ووضع حد لعقد من الحرب. لكن يبقى هناك عائق أمام تفعيل هذا الحل وحل هذه الأزمة: رفض نظام الأسد الانخراط بحسن نية. وقالت إن النظام لم يتخذ خطوة واحدة حتى لإرساء الأساس للسلام.

وتسببت الحرب في سوريا حتى الآن، وفقا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بأكبر أزمة لاجئين في العالم، حيث فرّ أكثر من 6.6 ملايين شخص من البلاد ونزح 6.7 ملايين آخرين داخلياً. هذا وقضى، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان (SOHR)، وهو مكتب إعلامي مراقب للحرب في سوريا ومقره المملكة المتحدة، 387118 سوريًا في الصراع اعتباراً من كانون الأول 2020، معظمهم على يد قوات الأسد وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)”.

شارك المقال