الثغرات تحاصر بيطار… ومجلس النواب سيّد نفسه

رواند بو ضرغم

عندما يترك القضاء ثغرة في مسار تحقيقاته، يفتح الباب أمام الاجتهادات القانونية والشك باستنسابية القرارات واستهداف القاضي فئة دون أخرى.

يُحاكم القاضيان المدعى عليهما في قضية انفجار المرفأ وفقاً للأصول والإجراءات لمحاكمة القضاة، فلماذا قَبِل القاضي العدلي طارق بيطار أن يُحاكما أمام القضاء المختص، ويحجب المسار الدستوري عن الوزراء النواب لمحاكمتهم أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، متمسكاً بمحاكمتهم أمام المجلس العدلي؟

سمعنا كثيراً من الانتقادات عن الادعاء على قائد الجيش السابق جان قهوجي، في حين أن القاضي بيطار لم يستمع حتى إلى قائد الجيش الحالي جوزيف عون، كلها ثغرات فتحت باب التشكيك في سير العدالة واستنسابية القضاء.

في شتى الأحوال، يبدو أنه بدأ عقد التمرد على الاتهامات والحصانات أصبح واقعاً، وذلك مع البدء بعدم منح الإذن للقاضي العدلي بالتحقيق مع المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، فإذا لم يُعط الإذن للتحقيق مع اللواء عباس ابراهيم فلماذا سيُلاحق غيره من السياسيين؟ وإلا يصبح الأمر بمثابة “يحيا من له سند سياسي في هذا البلد”.

أما بخصوص اللواء طوني صليبا المدير العام لأمن الدولة، فإن القاضي بيطار سيعيد تحويل ملفه إلى رئاسة الجمهورية أو أمانة السر في المجلس الأعلى للدفاع طالباً إعطاء الإذن لاستجوابه، فهل يطبق رئيس الجمهورية التزامه برفع الحصانات عن الجميع ويعطي الإذن بملاحقة صليبا؟

وهنا السؤال مشروع، هل في التحقيقات متهمون بسمنة وآخرون بزيت؟ فإن بعض المطلوبين للتحقيق ليس لديهم حصانات كالعماد جان قهوجي وكميل ضاهر وغيرهما من الضباط، فماذا سيحل بهم؟ لذلك فلترفع الحصانات عن الجميع لتحقيق العدل والعدالة والوصول إلى الحقيقة، وإلا فتصبح المسألة “كبش محرقة”.

ويقول القاضي بيطار إن “هناك لائحة اتهام أخرى سيُعلن عنها قريباً”.

ويشار الى أن الكتاب المرسل من اللواء عباس ابراهيم، الذي كشف عنه الوزير السابق نهاد المشنوق على أنه جرى على أساسه استدعاؤه للتحقيق معه، وصل أيضاً الى الوزير غازي زعيتر فاتهموه، ولكن هذا الكتاب وصل أيضاً الى رئاسة الحكومة وقتذاك ورئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان، فهل هذا يعني أن هناك رئيسين سيكونان في لائحة بيطار الاتهامية الثانية؟

عدم الادعاء على مدير المخابرات طوني منصور، فتح مجالاً كبيراً للشك في مسار القضاء العادل، حيث جرى الاكتفاء بالاستماع اليه كشاهد، في حين أنه كان أمين سر ورئيس مكتب كل من العميد غدمون فاضل والعميد كميل ضاهر أي أن كل مراسلة تمر للعميدين عبره، لذلك تدور في الأوساط السياسية ان لا مجال للشك بمعرفة العميد طوني منصور بوجود نيترات الأمونيوم، ولكن لماذا لم يحقق معه كمدعى عليه؟

أما بما يخص النواب والوزراء، فيوم الاثنين تنتهي مهلة العشرة أيام لرد المدعى عليهم بالقانون على العريضة الاتهامية الموقعة من أكثر من ٢٦ نائباً، وعليه، فسيقدم كل من الرئيس حسان دياب والوزراء نهاد المشنوق، علي حسن خليل، يوسف فنيانوس، وغازي زعينر مذكرة الدفاع يوم الاثنين إلى الأمانة العامة لمجلس النواب، لتوزع على أعضاء المجلس، وبعد انقضاء مهلة عشرة أيام يقوم رئيس المجلس بالدعوة إلى جلسة عامة، وعلى المدعى عليهم أن يرافعوا بواسطة محام عن انفسهم أمام المجلس، فينسحب المدعى عليهم بعد انتهاء المرافعات من الجلسة ويصوت المجلس على اتهامهم بأكثرية النصف زائداً واحداً، فإذا صوتت الأكثرية على اتهامهم، تؤلف فوراً لجنة تحقيق برلمانية من ٣ أعضاء. يترأسها نائب رئيس المجلس أي النائب إيلي الفرزلي واثنين آخرين.

إقرأ أيضاً: مجلس النواب يرفع المادة 91 بوجه البيطار

تبدأ اللجنة البرلمانية التحقيق مع كل مدعى عليه منفرداً، حيث يحق للطرفين أن يطلبا شهوداً، وعند انتهاء اللجنة تحقيقاتها، تقوم بصياغة خلاصة لتحويلها الى هيئة مكتب المجلس. تدعو بدورها الى جلسة عامة للتصويت بالثلثين على الحكم على المتهمين وتحويلهم إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.

سترفع الحصانة عن النواب حتماً، إنما سترفع لمحاكمتهم أمام المجلس النيابي لا القضاء العدلي، وعليه سيكون في هذه الحالة مرجعيتان تتنازعان الصلاحيات، الأولى مجلس النواب والثانية القاضي العدلي، فماذا يحدث بعدها؟

في حالة النزاع بين مرجعيتين قضائيتين، تبت الهيئة العامة لمحكمة التمييز بالصلاحيات، ولكن في حالة النزاع بين المجلس النيابي والقضاء، فإن المرجعية الأعلى وفق الدستور هي مجلس النواب، فهو من يبت بالصلاحية، لا الهيئة القضائية ولا الهيئة العامة لمحكمة التمييز.

شارك المقال