عين المجتمع الدولي على لبنان ومسؤولوه مشغولون بمصالحهم

المحرر السياسي

لا يغيب حاضر لبنان ومستقبله عن أروقة مقر الأمم المتحدة ومسؤوليه وعن مجلس الأمن، الذي يخص لبنان بجلسات تتم خلالها مناقشة أوضاعه بالتفاصيل الداخلية. وهذا ما حفلت به الجلسة المغلقة لمجلس الأمن لبحث تطبيق القرار 1701 بناء على التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

الجلسة عقدت حول لبنان واستقراره أمنياً من بوابة دعم الجيش اللبناني والتمديد لقوات اليونيفيل، وسياسياً من بوابة تشكيل الحكومة، واقتصادياً لجهة الوضع المعيشي المتردي، وقضائياً مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لانفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب.

كان حضور المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتيسكا التي تتحدث العربية بطلاقة فاعلاً خلال الجلسة، حيث لم تغفل أياً من التفاصيل المتعلقة بلبنان، إذ جالت على المسؤولين اللبنانيين قبل سفرها وحملت معها كل الملفات الساخنة، وعلى الرغم من الوقت القصير الذي بدأت فيه مهماتها في لبنان أحاطت بكل الأمور الجوهرية التي من شأنها حث المجتمع الدولي على مساعدة وإنقاذ ودعم لبنان للخروج من أزمته الراهنة.

استمع وكيل الأمين العام لعمليات حفظ السلام جان بيار لاكروا وقائد قوات اليونيفيل ستيفانو ديل كول والمجتمعون في مجلس الأمن إلى إحاطات فرونتيسكا حول الوضع في لبنان، وإشادتها بالدور الذي يؤديه الجيش اللبناني في الحفاظ على أمن البلاد واستقرارها، إضافة الى تعاونه الوثيق مع اليونيفيل، داعية إلى استمرار دعم الجيش بصفته المؤسسة الرئيسية في لبنان.

وفي الشأن الحكومي دعت فرونتيسكا القادة السياسيين اللبنانيين الى تشكيل حكومة تتمتع بالصلاحيات الكاملة، كخطوة أساسية لمعالجة أزمات البلاد المتعددة والخطيرة وتعمل على تنفيذ الإصلاحات اللازمة وتضع البلاد على طريق التعافي. وبحسب مصادر مطلعة في الأمم المتحدة فقد سلطت الضوء على الصعوبات الإجتماعية والاقتصادية والمالية والسياسية المتعددة والمتراكمة في لبنان وتأثيرها على حياة الناس.

وأشارت الى أن إنقاذ لبنان يكمن في نهاية المطاف في أيدي القادة اللبنانيين. أما أبرز عمليات الإنقاذ فتتمثل بإجراء الانتخابات النيابية في العام 2022 ضمن المهل الدستورية وبشكل يتسم بالحرية والنزاهة. وقد اعتبرها المجتمعون في مجلس الأمن بأنها مؤشر أساسي على المساءلة الديمقراطية وفرصة للشعب اللبناني للتعبير عن مظالمه وتطلعاته.

فيما اعتبرت مصادر في الأمم المتحدة أن عدم قدرة اللبنانيين على تشكيل حكومة سريعاً بعد اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري من شأنه أن يعمق معاناة البلاد التي تغرق في أسوأ أزماتها الاقتصادية والمعيشية والإنسانية. ولفتت المصادر الى أن الخلافات المعلنة بين المسؤولين اللبنانيين، لا سيما بين رئيس الجمهورية ميشال عون من جهة والرئيس الحريري، ستؤدي الى سيناريو سيئ ومن شأنها تأخير تشكيل حكومة إنقاذية والبقاء على حكومة تصريف الأعمال المستقيلة أصلاً بعد انفجار مرفأ بيروت الذي دمر العاصمة.

وفي ما يتعلق بالقرار 1701 الذي يلتزم لبنان بمندرجاته منذ العام 2006 أعربت فرونتيسكا عن أملها بالتزام حقيقي بتنفيذ ذلك القرار بكامل حذافيره.

وكشفت مصادر الأمم المتحدة لموقع “لبنان الكبير” أنه في ظل الوضع الأمني عند الحدود الجنوبية اللبنانية والخروق التي تحصل بشكل يومي فإن وكيل الأمين العام لعمليات حفظ السلام جان بيير لاكروا سيزور منطقة الشرق الأوسط بين 25 و30 من تموز الحالي، وسيعقد خلال زيارته الى لبنان اجتماعات مع المسؤولين لمناقشة عمليات قوات حفظ السلام الدولية في جنوب لبنان (اليونيفيل) من أجل تعزيز أمن لبنان وسيادته وسلطة الدولة فيه، كما سيزور إسرائيل لمناقشة الأمر عينه.

ولم يغب انفجار مرفأ بيروت عن جلسة مجلس الأمن لجهة إجراء تحقيقات نزيهة وشفافة، لأن عائلات الضحايا لا يزالون في حالة من الانتظار وهم يستحقون العدالة كما وصفت فرونتيسكا.

وبانتظار العدالة وما ستحمله الأيام الفاصلة عن الذكرى السنوية للرابع من آب من تحركات لأهالي الشهداء ومتابعة القاضي طارق بيطار للتحقيقات وموضوع الحصانات الذي تضج به أروقة مجلس النواب، تتجه الأنظار للتحضيرات الفرنسية الجارية من أجل المؤتمر الذي سيعقده الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 4 آب بالتعاون مع الأمم المتحدة تزامناً مع الذكرى تحت عنوان: “دعم لبنان والاستجابة لحاجات اللبنانيين الذين يتدهور وضعهم كل يوم”. وذلك في ظل وضع عقبات متعمدة وغير مقبولة من قبل التيار العوني ورئيسه جبران باسيل بوجه تشكيل حكومة إنقاذية كانت فرنسا قد طرحتها عبر مبادرتها. ما يؤكد أن عين المجتمع الدولي لا تزال على لبنان من أجل مساعدته وإنقاذه لكن مسؤوليه يتلهون بمصالحهم الشخصية بعيداً عن أي اهتمام بمصالح الوطن وشعبه.

شارك المقال